في شوارعنا نجد العجب، نسمع أصول الوجع والألم من عواجيز تحملوا الصعاب، ولم يتمكنوا من تحقيق أحلامهم مثل بقية البشر، أشخاصًا تحولت زوايا الطرقات مأوى لهم.
ولم يقتصر الأمر عند ذلك، بل وصل الأمر لأن هؤلاء الأشخاص أصبحوا بلا هوية بدون بطاقات وأى أوراق شخصية تثبت كنيته، فقد تربى وجد نفسه طفلا بريئًا يرسم على الأرض لوحة تجسد ملامح أمه التي لم يعش معها، يلجأ إليها عندما تفترسه وحشية البشر وقسوة الحياة.
على بعد 10 خطوات من ميدان رمسيس، تجد العم إبراهيم نائمًا أعلى الكوبري، متلفحًا ينام على جنبه الأيمن يعطي وجهه للسماء، يبتعد عن أعين الناس، أمامه سيارتين الأولى تقدم الإسعافات الأولية للمشردين، مكونة من فريق طبي متكامل، والثانية تقوم بانتشال المشردين من الشوارع، وتقديم الوجبات الساخنة لهم.
يقدم عليه فرق الإنقاذ لتقديم يد العون والمساعدة له، ولكنه يرفض بشدة، دون إعلانه سبب رفضه، وكل ماعليه أنه يتناول الوجبة الساخنة المقدمة له ويضعها بجانبه.
"العم إبراهيم" عندما اقتربنا منه، بعد محاولات كثيرة لمعرفة قصته وسبب رفضه للانتقال لهذا المكان، قال: "لقد تربيت بدون أسرة، ومنذ نعومة أظافري لم أجد أمًا تحتضني، أو أبًا يقف بجواري وقت الأزمات والمتاعب، كل ما أعرفة إنني اسمي إبراهيم على، وسني 73 عامًا.
وتابع: "امتلك في هذا الدنيا 3 أشياء فقط هى شهادة الميلاد، وجلبابي الذي ارتديه، والبطانية التي اتلفح لها، ووجبة الطعام التي تأتي لي من أهل الخير".
"كان نفسي أتجوز، ويكون ليا بيت وعيلة، بس لو عايزين تساعدوني ياريت" تطلعولي بطاقة" عشان أتجوز وأكمل بقية حياتي، وأشوف أولادي، وأعوضهم عن الطفولة التي حُرمت منها"، بهذه العبارات سرد العم إبرهيم قصته.
وبسؤاله عن سبب رفضه للدار، رد قائلا:" هروح أعمل إيه، أنا مرتاح هنا، طول عمري عايش مع الناس، وإيه الفائدة لما أروح وأقعد هناك، أنا عايز أتجوز".