قال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، إن إرهاب اليوم أضحى نتاج عمليات معقدة ومركبة تتشابك فيها عوامل مختلفة تنتج لنا عملًا عنيفًا بشكل منظم في إطار جماعة أو بصورة فردية، حيث تلاشت بشكل تام نظريات ربط الإرهاب بعامل دون آخر.
وأضاف المرصد في بيانه تعليقًا على العملية الإرهابية التي وقعت بالدرب الأحمر، أن معالجات قضايا التطرف والعنف في العقود الماضية قد شاب بعضها خلل في الطرح والتناول، حيث ركز العديد منها على الجوانب الاقتصادية وحدها كدافع للانضمام للتنظيمات الإرهابية بداية من تنظيم القاعدة وصولًا إلى "داعش"، فلم يكن زعيم تنظيم القاعدة السابق "أسامة بن لادن" أو "الظواهري" أو "أنور العولقي" مرورًا بـ"إسلام يكن" و"عمر الديب" ينتمون إلى الطبقات الاجتماعية الفقيرة، بل على العكس تمامًا كانوا يتدرجون ما بين الطبقات المتوسطة إلى الأثرياء، فأحيانًا يكون توافر الموارد مع الخلل الفكري نقمة تدفع الشاب نحو مستنقع التطرف.
ودعم هذا الطرح دراسة دولية عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي حول الخلفية الفكرية والمجتمعية لعناصر تنظيم "داعش" وكانت نتائج الدراسة تؤكد على أن المجندين في صفوف التنظيم ليسوا فقراء ولا أمِّيين، بل شباب في ربيع العمر وبمستويات علمية مجتمعية مرتفعة، وأكدت الدراسة على أن الغالبية العظمى من عناصر التنظيم الذين يشاركون في أنشطة إرهابية أصحاب كوادر وظيفية عالية، وأشارت إلى أن 43.3% من العناصر التابعة للتنظيم حاصلون على شهادات ثانوية، و 45.2% من حاملي الشهادات الجامعية، و 13.5% يقتصر مستواهم التعليمي على المرحلة الابتدائية، بالإضافة إلى ذلك أجريت دراسة بالمركز الفرنسي لليقظة على 160 أسرة أوروبية انضم أبناؤها إلى تنظيم "داعش" ووجدت الدراسة أن ثلثي هذه الأسر ذات أوضاع معيشية عالية وأن أبناءها كانوا يعيشون حالة من الرخاء المعيشي.
وذكر البيان أن أبناء الطبقات الوسطى والعليا في ظل العالم الرقمي هم الأكثر استهدافًا، وذلك من خلال تواصلهم المستمر عبر وسائل الإنترنت واستخدامهم المتزايد لوسائل التكنولوجيا الرقمية؛ مما يسهل عمليات الجماعات المتطرفة في النفاذ إلى الوعي الفكري لهؤلاء الشباب، فقد سهَّلت التكنولوجيا الحديثة من عملية نقل المعلومات والتواصل في عالم افتراضي أصبح عابرًا للحدود، محاولًا تشكيل وعي مشوه لهؤلاء الشباب، وكمثال على ذلك "إسلام يكن" الذي انضم إلى تنظيم "داعش" في عام 2014 وكان ينتمي إلى أسرة ميسورة الحال في القاهرة، ودرس في مدارس "الليسيه" بالإضافة إلى أن حياته كانت تميل إلى الرخاء المعيشي، ولكن نجح التنظيم في استقطابه واستغلال حالة الاندفاع الموجودة لديه بعد ميله إلى تبنِّي الأفكار المتطرفة. وعلى هذا الصعيد، وفي أحد إصدارات تنظيم داعش بعنوان "الباحثون عن الحياة" تناول فيه التنظيم قصص حياة أشخاص منضمين إليه ناجحين في حياتهم العلمية، كما أن البعض ينضم إلى الجماعات الإرهابية بدافع مساعدة التنظيم إداريًّا أو بحثًا عن "الاستشهاد" أو رغبة في القتال.