نساء صنعت التاريخ من «سحر الجنوب»

الثلاثاء 03 نوفمبر 2015 | 06:37 مساءً
كتب : أسماء عبد المحسن

لم يسقط سهوًا من ذاكرة التاريخ تخليد نساء ينتمين إلى سحر الجنوب، نساء استطعن بإرادة حديدية وقلب صامد تغيير مجرى تاريخ أمة بأسرها في ظل قيود لا تتحطم، ورجعية لن تتوانى عن الترصد بأحلامهن، ولكن استطعن وبجدارة أن يحطمن قيود مجتمع داخل المجتمع، ويوجهن التاريخ تبعًا لخطواتهن، لاسيما في مجتمع ضاغط على النساء كـ«الصعيد»، ويضم هذا التقرير أبرزهم:قلب الثورة الرحيمحكمت أبو زيد (1922-2011م)، هي أول سيدة تتقلد منصب وزيرة في مصر، وثانى إمرأه تتولى منصب وزيرة في العالم العربي، عندما اختارها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر أول وزيرة للشئون الاجتماعية في 25 سبتمبر 1962، أطلق عليها الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر «قلب الثورة الرحيم». في عام 1940م التحقت حكمت بقسم التاريخ بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول "جامعة القاهرة" حاليًا. كان عميد الكلية وقتها الدكتور طه حسين، الذي تنبأ لها بمكانة رفيعة في المستقبل لملاحظته قدرتها العالية في المناقشة الواعية. ولم تكتف أبو زيد بالحصول على المؤهل الجامعي، بل حصلت على درجة الماجستير من جامعة سانت آندروز باسكتلندا عام 1950، ثم درجة الدكتوراة في علم النفس منجامعة لندن بإنجلترا عام 1955. وفي العام نفسه، عملت أبو زيد أستاذًا بكلية البنات جامعة عين شمس، إلى أن اختارها عبد الناصر وزيرة للشؤون الإجتماعية في العام 1962.المولدولدت في قرية "الشيخ داوود" بالقوصية محافظة أسيوط عام 1916، كان ترتيب حكمت هو الثالث بين أشقائها الثلاثة. وكان والدها يمتلك في مسكنه مكتبة تضم خطب مصطفي كامل، وأعمال المناضلة الفرنسية جولييت آدم، ومؤلفات مصطفي صادق الرافعي؛ وكانت أمها تشارك جاراتها وصاحباتها المسيحيات في صوم العذراء، وتكتفي طيلة هذا الصوم بما يعدونه لها من طعام خال من الدهون. كانت مدرسة حكمت الأولي في ديروط الشريف، والابتدائية في سوهاج ثم أسوان، وتقدمت بعدها للالتحاق بمدرسة حلوان الثانوية للبنات. وكانت التقاليد وقتذاك، كانت المدارس الابتدائية تخلو من الطلاب؛ فذهبت لمدرسة في المحافظة تبعد عنها مئات الأمتار وفي المراحل التعليمية التالية أصر والدها علي إلحاقها بمدرسة وتدرجت في المراحل التعليمية حتي حصلت علي الدكتوراة من إنجلترا في الأربعينيات في الوقت الذي كانت الفتاة تكافح لتخرج من بيتها للتعليمخلافها مع الساداتعندما وقع الرئيس السابق محمد أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد اعترض جميع المثقفين على هذا ومنهم حكمت أبو زيد. فبعد عودتها للجامعة للتدريس بعد رحيل جمال عبد الناصر في العام 1970، اختلفت بشدة مع قرار الرئيس السادات لمبادرة السلام مع الكيان الصهيوني، وشكَّكت في النوايا الصهيونيَّة تجاه الأمة العربيَّة، مما جعلها تتلقى أبشع الاتهامات. وفي هذا الوقت حدث النفي وسافرت حكمت وزوجها إلى ليبيا بعد مبادرة عام 1975 للعمل وكانت تعود لمناقشة رسائل الدكتوراه للطلبه.اللقبإن لقب "قلب الثورة الرحيم" نابع من إنجازات عدة حيث حولت حكمت الوزارة من مجرد وظيفة إدارية تنفيذية لتنفيذ القوانين واللوائح، إلي حركة دينامية لخدمة المجتمع والأسرة تقوم بمشروعات التنمية وتحول المجتمعات المتخلفة إلي مجتمعات إنتاجية مثل الأسر المنتجة وهي عبارة عن أسرة تقدم لها ضمانًا اجتماعيًا أو إعانات اجتماعية إلي أن يتحول أفرادها جميعهم إلي خلية نحل تتمكن من إنتاج وتسويق إنتاجها فتصبح قادرة علي تنمية دخلها وبالتالي تستفيد من هذا الدخل. كذلك حولت حكمت المرأة الريفية من مجرد فلاحة تقوم بمساعدة زوجها في الحقل وتربية الماشية لتصبح من الكوادر برغم عدم إجادتها للقراءة أو الكتابة؛ وتصبح رائدة ريفية تقدم خدماتها للأسر الريفية وتختار مشروعات من البيئة وتقوم بتنفيذها مثل الحياكة والكورشيه. وفي عام 1969 أشرفت أبو زيد علي مشروع تهجير أهالي النوبة بعد تعرضها للغرق عدة مرات متأثرة بقول الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر حينما قال لأهل النوبة: «سيكون لكل مواطن وسنكون لكم مثل الأنصار للمهاجرين» وترجمت هذه العبارة إلي مشروع كامل في القري النوبية الجديدة ما بين كوم أمبو وأسوان، وحرصت علي نقل النسيج والبنيان النوبي كما كان قبل الغرق.عروس النيلالمولدولدت نعمات أحمد فؤاد، في مغاغة بمحافظة المنيا، وحفظت القرآن الكريم في طفولتها ثم انتقلت من مغاغة إلى ضاحية حلوان في القاهرة لتلتحق بالمدرسة الثانوية الداخلية للبنات في حلوان وتخرجت من كلية الآداب جامعة القاهرة ونالت درجة الماجستير في أدب المازني، أما رسالة الدكتوراة فكانت عن “النيل في الأدب العربي” ولها عبارة مهمة تقول فيها “شيء كبير أن يكون للإنسان قلم ولكن شيئا نفيسًا أن يكون للإنسان موقف، ومن نعم الله علي أن وهبني الكلمة والقرار، أعني القدرة على الاختيار الصعب.الرؤية بدأت برؤيه بمنام مر بعقل أبيها التاجر في ذات ليلة قبل مولدها بعدة أشهر، رؤية كالصحو عرف فيها الأب أن مولوده القادم فتاة، وأن اسمها نعمات، وأن شأنها في الحياة كبير، ويصدق الفأل وتأتي للحياة صبية ذكية تمتلك من الهبات الكثير، قدرة على الحفظ والتذكر، وبلاغة في التعبير، وسعة الافق وكانت الفتاه أنذاك اقصى مراحل تعليمها الابتدائيه.إلا أن موهبة نعمات ورؤية والدها الخاصة بها، كانتا الدافع كي يتصدى الأب لرغبة جدها في منعها من التعليم، فيصر أبوها على إرسالها إلى القاهرة لتلتحق بمدرسة حلوان الثانوية الداخلية للبنات، كان شتاؤها دراسة، وصيفها قراءة لما أعده لها والدها من كتب سبق له قراءتها وتعليك ما فيها من أجزاء هامة، كي تلحق ابنته صاحبة الرؤيا بقراءتها، والتي لا تزال حتى يومنا هذا حامدة شاكرة لفضل الوالد والمعلم في المدرسة،الزوجكان الزوج نعم الرفيق في مسيرة نعمات أحمد فؤاد وكان يحب بين الحين والآخر مفاجأتها بنفائس الكتب والنادر منها كدليل على محبته لها، ولعلمه بما يمكن لمثل تلك الهدايا من فعله بروحها. ومن بين الموروثات التي حرص على اقتنائها لها كتاب «بانوراما» الفرنسي اللغة، والذي يعود تاريخ طباعته إلى العام ١٨٤١، وقد طبع منه ٥٠ نسخة فقط تم إهداؤها في حينها لملوك ورؤساء العالم.معاركهامن «هضبة الهرم» إلى دفن النفايات مرورًا بسياسات وزارة الثقافة، قالوا عنها إنها امرأة ما فتأت تخرج من معركة إلا لتدخل أخرى جديدة، لا يعنيها الجهد بقدر ما تعنيها النتيجة. تارة تحارب الفساد الذي أراد يومًا بيع هضبة الأهرام لمستثمر كندي لبناء منتجع سكني بها، وأخرى تحارب الجهل الذي لم يمانع في أن تكون مصر مدفنًا للنفايات النووية، وثالثة تعادي الأمية التعليمية والثقافية على صفحات الجرائد رافضة بيع العقل والموروث المصري.وتضيف دكتورة نعمات متذكرة: «كان لمناهضتي لمشروع الهضبة واتفاقية دفن النفايات في مصر، أثرهما في وضع اسمي في قائمة الاعتقالات التي طالت مصر في سبتمبر ١٩٨١، وكنت أتوقع ذلك إلا أن اسمي رفع في اللحظة الأخيرة بعد زوال أسباب الصدام.في عصر الرئيس مبارك خاضت نعمات أحمد فؤاد معارك لا معركة واحدة ضد وزير الثقافة فاروق حسني معترضة على ما يقيمه من معارض للآثار المصرية خارج مصر، مؤكدة أن في سفر الآثار الكثير من الأخطار عليها، وأن على من يريد رؤية آثارنا المجيء لها، وأنه لا توجد دولة في العالم تفعل ما نفعله مقابل حفنة من الجنيهات، كتبت نعمات أحمد فؤادالكثير ولكنها خسرت المعركة التي لم يستمع لها فيها أحد، إلا أن عروس النيل كسبت احترام الجميع.مناصبشغلت عدة مناصب هامة من أهمها مدير عام المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة، وأستاذ الدراسات العليا بجامعة حلوان لمادة فلسفة الحضارة، وأستاذ بالمعهد الدولي للاقتصاد والبنوك الإسلامية التابع للاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية. قامت بالتدريس بجامعات دول عديدة: إسطنبول، جامعة نيويورك، جامعة جورج تاون بواشنطن، جامعة طرابلس بليبيا، وجامعة الأزهر الشريف، وأكاديمية الفنون بالقاهرة، وعضو بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية (لجنة العلوم والحضارة) وعضو اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية، رئيس الجمعية العلمية للمحافظة على التراث والآثار التاريخية.مؤلفاتها من أوائل أعمال دكتورة نعمات أحمد فؤاد كانت رسالتها لنيل الماجستير وكانت عن أدب المازني والتي متحولت فيما بعد لكتاب طبع وبيع في الأسواق. ويعد هذا الكتاب أول رسالة علمية في الجامعات المصرية تتناول شخصية من الأدب الحديث، حيث كان الجميع يركن إلى البحث في الأدب العربي القديم أو الآداب الغربية والمقارنة.من بين مؤلفات الدكتورة نعمات نذكر كتاب «رسائل إلى ابنتي» الذي بدأت فيه في نحو العام ١٩٥٥، قصة الكتاب كما ترويها بدأت عند شعورها بالامومه لأول مره.لنعمات أحمد فؤاد العديد من المؤلفات التي تقترب من الأربعين كتابًا من بينها «أزمة الشباب»، «الأدب والحضارة»، «أم كلثوم وعصر من الفن» كما اعتبرت واحدة من كبار كتاب جريدة الأهرام وكان يصدر لها من خلال الجريدة مقال أسبوعي.والطريف أن ممتلكات الدكتورة نعمات أحمد فؤاد من الكتب تجاوزت كما تقول ابنتها حنان الأربعين ألف كتاب وهو ما دفع بها للتضحية بميراثها وبناء مكتبة ضخمة على الطراز العربي في قطعة أرض يمتلكها زوجها الأستاذ محمد طاهر في طريق الهرم حفاظًا علي ذلك التراث النادر الذي ضاق به المنزل، وقد سجلتها مؤسسة الأغاخان الثقافية كإحدى المكتبات النادرة التي أسسها فرد.جوائزتوجت تلك القيمة والقامة بالحصول على جائزة الدولة التقديرية فى مجال العلوم الاجتماعية عام 2009، ليس هذا فقط بل أشاد بها العمالقة من قمم الفكر والإبداع.سيدة الصحافة العربيةأمينة السعيد، ولدت في أسيوط، في 20 مايو 1910، وهي مفكرة ومناضلة كبيره في سبيل نهضة مصر وحرية المرأه ومساواتها بالراجل في المجتمع والحريه والتطور في مصر بوجه عام كاتبه مصريه ومفكره وروائيه ومناضله كبيره في سبيل بتعتبر اول إمرأه مصريه تعمل فى الصحافه. أول من تصدت لعادة ختن البنات وقهر النسا.مناصب ترأست تحرير مجلة حواء والمصور ومجلس إدارة دار الهلال وكات عضوه في مجلس الشورى في البرلمان المصري وسكرتيره للإتحاد النسائي. كان ليها باب مخصص ثابت في مجلة المصور إسمه " اسألوني " بتعرض فيه أفكارها وأراء القرأ ومشاكلهم. إتعرضت لهجوم جامد وبذاءات من الرجعيين والمتطرفين، بدايتهاتعرفت على هدى شعرواي في شبابها، والتي اهتمت بها وبنباهتها فساعدتها على دخول الجامعة المصرية (1931) فدخلت لية الاداب قسم انجيلزى ضمن أول دفعة بنات دخلوا الجامعه في مصر وكان عميدها انذاك الدكتور طه حسين، حصلت على الليسانس وتخرجت عام (1935) وقت دراستها اشتغلت صحفيه في مجلة "الأمل" و"كوكب الشرق" و"آخر ساعة" و"المصور وبتعتبر أول إمرأه مصريه تعمل في الصحافة.زواجها تزوجت سنة 1937 من الدكتور "عبد الله زين العابدين" الذي شجعها على العمل في الصحافة.تألق نجمها في سنة 1954 اصدر أمين زيدان مجلة " حواء" وعين أمينه السعيد رئيسه للتحرير ونجحت المجله نجاح كبير،و بعد فكرى أباظه ترأست تحرير مجلة " المصور " وكانت اول إمرأه مصريه تتعين فى مجلس إدارة مؤسسه صحفيه، ثم ترأست مجلس إدارة " دار الهلال " وكانت اول إمرأة تنتخب عضو في مجلس نقابة الصحفيين، وأول إمرأة تتولى منصب وكيل نقابة الصحفيين (1959)، وفي سنة 1963 كرمتها الدولة المصرية بوسام الإستحقاق من الدرجه الأولى، وفى سنة 1970 بوسام الجمهوريه من الدرجه الأولى.مناصرة المرأةأفنت أمينة السعيد حياتها تدافع عن قضية المرأة، وحقها في العيش بكرامة ومساواة في المجتمع المصرى، وردت على المتطرفين دعاة القهر والتخلف بكل قوة وكانت بقلمها ترد لهم الصاع صاعين دون ما تخاف منهم أو تنافقهم أو تهادنهم. من أقوالها: «وهل لابد من تكفين البنات بالملابس وهن على قيد الحياة!».أخر مقوله لها فى أخر أيامها والتي كانت تعبر عن  حال المرأة المصرية:«لقد أفنيت عمري كله من أجلها، أما الآن فقد هدني المرض، من حقوقهن.. فالمرأة المصرية صارت ضعيفة... فلا خلاص للمرأة إلا بالنضال والأمل».جوائز1963: وسام الاستحقاق من الدرجه الأولى1970: وسام الجمهورية من الدرجه الأولى1975: وسام الفنون والآداب من الرجه الأولى1975: جايزة الكوكب الذهبى الدولية.مؤلفاتهاوجوه فى الظلاماخر الطريقمن وحى العزلهحواء ذات الوجوه المتلالئه

اقرأ أيضا