كان يُحاول إثبات نظرية وحده فقط مَن يؤمن بها، قتل المئات لأجل أهواء شخصية، أبرياء اعتقدوا أنّهم في مأمن برفقته لكنّ حارسهم الأمين هو مَن غدر بهم، لم يكفّه أن انتهك المرض أجسادهم الضعيفة، فقررّ أن يتخذهم فئرانَ تجارب لأوهامه واعتقاداتهم التي لا أساس لها، اليوم، وبعد سنوات عديدة تُعاد من جديد قضية الممرض الألماني الذي قتل مئات الأبرياء أثناء عمله في أحد المستشفيات بألمانيا؛ نتيجة أوهامه بأنه باستطاعته إعادتهم للحياة مرة ثانية، فلقّب بـ"الممرض السفاح".
عرفت بكونها مهنة ملائكة الرحمة لكنّ ما حدث من جريمة انتهكت كل مبادئ الرحمة والإنسانية، ما يقرب من 300 مريض راحوا ضحية وهْم لمريض نفسي، شخص وُضع في تلك الوظيفة ليقوم على خدمتهم وراحتهم، لكنّه أراحهم للأبد، واكتشفت جريمته صدفة حينما كان يهمّ بقتل ضحية جديدة.
بداية الحكاية
نيلز هويغل، شاب في بداية حياته يبحث عن عمل، قرّر الالتحاق بأحد المستشفيات الألمانية للعمل كممرض به، في البداية كان الأمر يبدو طبيعيًّا، مرّت شهورٌ وهو بداخل المستشفى، فجأة طرأت عليه حيلة جديدة بدلاً من وظيفته الروتينية أن يثبت للجميع أنّه قادرٌ على التغيير، لكن تلك المرة كان التغيير مختلفًا، ففكر في قتل المرضى وإعادتهم للحياة مرة ثانية، وكانت الضحية الأولى لهوغلز في فبراير من عام 2000، حينما قام بحقن المريض بجرعة زائدة من الدواء، ما أدى إلى توقف قلبه.
حالة تلو الأخرى وفي كل مرة تفشل أوهام الممرض "المريض"، لكنّه ما زال مستمرًا في جرائمه، نُقل بعد شهور من عمله بالمستشفى إلى القسم الأشد خطورة، العناية المركزة، ليكون بمثابة مغارة كنز لهوغلز، يعمل به كيفما شاء دون أن يكتشف أحد جرائمه، فكان يتسلل إلى تلك الغرفة ليلاً يبحث بها عن المريض الأكثر حرجًا، يحقنه بجرعة زائدة من دواء للقلب، يلفظ بعدها المحقون آخر أنفاسه ميتًا.
وهكذا كان يفعل مع جميع المرضى بغرفة العناية، حتى اكتشفت إدارة المستشفى أنّ حالات الوفاة تخطّت في العام ما يقرب من 177 حالة جميعهم في غرفة العناية فقط، على الرغم من أنّه لم تكن تتجاوز الـ77 حالة سنويًّا، وشاء القدر أن يتم افتتضاح أمر الممرض القاتل قبل أن تزيد عدد ضحاياه.
افتضاح أمر هوغلز
أثناء محاولة هوغلز قتل ضحية أخرى لاحظت زميلة له بالتمريض أنه يكاد يحقن مريضًا بدواء لم يصفه له أحد من الأطباء، فأسرعت ومنعته من إكمال نواياه، وبعد التحقيق اتضح أنه كان يتعمد الإجهاز عليه، لذلك اعتقلوه بتهمة محاولة القتل، وحكموا عليه في 2008 بالسجن 7 أعوام ونصف العام، وخصصوا له أطباء نفسنيين يعالجونه مما هو فيه، حتى تلك اللحظة لم تكتشف جميع جرائمه.
المعالجون اكتشفوا منه ما صعب عليهم تصديقه في البداية، وهو اعترافه بحقن 50 آخرين بجرعات زائدة من أدوية للقلب ليست موصوفة لهم، لذلك فتحوا تحقيقًا موسّعًا بشأنه، وذاع صيته الإجرامي بكل ألمانيا، وتمّت سلسلة من المحاكمات تخصه، تلك المحاكمة انتهت قبل عامين بسجنه مدى الحياة بعد إثبات قتله لمريضتين، وعند نطق الحكم عليه اعتذر "نيلز هوغل" لأقارب ضحيتيه، وقال إنه لم يكن يريد قتلهما، بل إيصالهما إلى الإشراف على الموت، ثم يقوم هو بإنعاشهما لتعودا إلى الحياة بصحة كاملة مجددًا، وعندما سألوه عن سبب قيامه بذلك، أجاب بأنه كان يشعر بالملل وأراد أن ينشغل بأمرٍ مهمٍ، ولم يجد طريقة أفضل، سوى النيل من عصفورين بحجر واحد: يتسلى ويفيد الآخرين معًا.. إلا أنه أخطأ بالحساب.
اكتشاف المزيد من ضحايا السفاح
اليوم وبعد سنوات، عادت من جديد الشرطة الألمانية، لتكشف عن ارتفاع عدد قتلى الممرض السفاح، على مدار سنوات، إلى 300 قتيل، بعدما كان قد اعترف نيلز هويغل سابقًا، بقتل 100 مريض فقط، بجرعات زائدة من الأدوية، ويواجه عقوبة السجن مدى الحياة، حيث تمكنت الشرطة بعد ذلك من استخراج 134 جثة من 67 مقبرة تعامل معها هويغل، بعضها في بلدان أخرى مثل بولندا وتركيا، لإجراء اختبارات السمية، إذ ثبت تورطه في مقتل أصحابها.
وعندما سأل القاضي هويغل عما إذا كانت دفوعات الادعاء بمسؤوليته عن مقتل 100 شخص صحيحة أم لا، تردد للحظة قبل أن يقول: "نعم، هذا صحيح".
موضوعات متعلقة..
رواية جديدة تتناول زمن البعث وعودة الموتى
«مذبحة الحوامدية».. هنا سكن «عزرائيل» من الليل