قال اللواء حاتم باشات، عضو لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب عن حزب المصريين الأحرار، إن اتجاه مصر نحو أفريقيا حاليًا يعتمد بشكل كبير على الدبلوماسية الرئاسية، واصفًا إثيوبيا حاليًا بأنها أصبحت مثل العروسة التى يرتفع ثمنها كل يوم عن الآخر، مشددًا على أن علاقتنا معها يجب ألا تختزل فى قضية سد النهضة فقط.
وأشار إلى أن تولى مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقى؛ يعتبر بمثابة تقدير أدبى ومعنوى، وأن عليها تقوية علاقتها مع الدول الأفريقية كافة.
وإلى نص الحوار.
كيف تصف علاقة مصر نحو أفريقيا؟
الدبلوماسية الرئاسية ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى واهتمامه وملاحظاته، حركت- خلال الفترة الأخيرة- الوعى تجاه أفريقيا، وحرصه بشكل دائم على حضور كل الفعاليات بالقارة، وعندما يأتى أفارقة إلى مصر يقدم لهم كافة أشكال الدعم.
وبناء على كل ما سبق يجب أن يكون هناك بعض الاهتمام بأفريقيا من جانب بعض الوزارات لتحقيق هذا الهدف بشكل أفضل، فعندما توليت رئاسة لجنة الشئون الأفريقية "كنت بنحت فى الصخر" ودعوت الكثير من الوزراء، واستضفت منهم الكثير فى اللجنة، عبر علاقاتى الشخصية بهم، والسبب فى ذلك أن الاهتمام بأفريقيا والوعى عنها للأسف كان غير متوفر، وأتمنى ألا يقل هذا الاهتمام بعد نهاية دورة رئاستنا للاتحاد الأفريقى بنهاية العام المحدد لها.
ولماذا هذا التقصير الدائم فى الاهتمام بالقارة؟
للأسف عدم الاهتمام بالشأن الأفريقى بإهماله سابقا من قائمة أولوياتنا؛ هو ما أدى إلى هذا التقصير.
هل أفريقيا حاليًا مثل الماضى؟
الدول الأفريقية لم تعد كما كانت فى الماضى وإنما أصبحت على قدر كبير من الوعى ومتقدمة ومتحضرة، وأصبحت تعرف أن العالم بأجمعه يبحث عنها، وبالتالى هى تشبه العروسة التى يرتفع مهرها كل يوم أمام الجميع.
كيف ترى رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى؟
رئاسة الاتحاد الأفريقى فى حد ذاتها تمثل تقديرا أدبيا ومعنويا لمصر، وقد خضنا الكثير من التجارب حتى وصلنا إلى هذه المكانة عبر زيارات الرئيس المتكررة، كما قدمت لنا أفريقيا دعمًا كبيرًا عندما أخذنا عضوية غير دائمة فى مجلس الأمن، وأخيرًا تنظيمنا لبطولة الأمم الأفريقية، فكل هذا يعبر عن ثقة كبيرة من القارة فى مصر ودورها.
كيف تستفيد مصر من رئاسة الاتحاد الأفريقى؟
هناك العديد من المكاسب أولها أن مصر لابد أن تملأ الفراغ الاقتصادى والسياسى والتجارى الذى ظل متروكًا لفترات طويلة؛ بسبب بعدنا عن أفريقيا؛ للحفاظ على أمننا القومى، فنحن أيام جمال عبدالناصر كنا نعاملها على أنها دول عربية إسلامية، فكان هناك نوع من التخوف من مصر، القوة الكبرى، فنتج عنه حالة الإبعاد التى حدثت بعد ذلك.
وحاليًا أصبحنا مطالبين بالانخراط والتواجد مع دول حوض النيل والقرن الأفريقى، فخلال عام رئاستنا للاتحاد الأفريقى؛ لا بد من وضع أساس نكمل البناء عليه بعد ذلك، وملف مياه النيل لا بد من تأمينه أيضًا بشكل غير مباشر.
وكيف نستفيد من علاقتنا بالقارة فى دعم قضايانا العربية؟
لابد من استغلال قضايانا على المستوى الدولى والعربى عبر تدعيمها من خلال التعاون الأفريقى مثل ملفات القضايا "الفلسطينية والليبية والسورية" وملف الإرهاب أيضًا، ودعم الدول التى تعانى منه، ومساعدتها فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتفعيل الاتفاقيات غير المفعلة مثل التجارة الحرة الأفريقية وغيرها، ولا بد أيضا من حضور الفعاليات الأفريقية كافة، وفتح الباب أمام رجال الأعمال بكل دول القارة.
هل الطريق أمام عودتنا إلى مكانتنا الأفريقية سهل المنال؟
الطريق إلى أفريقيا لن يكون سهلًا، بل مليئا بالكثير من المعوقات، وهناك دول ستضع فى طريقك الألغام، سواء فى خارج القارة أو بداخلها؛ لذا علينا أن نتوقع وجود محاولات لتعكير صفو هذا التقدم.
ما فائدة فوز مصر باستضافة مقر وكالة الفضاء الأفريقية؟
استضافة مصر لمقر وكالة الفضاء الأفريقية سينقلها نقلة كبيرة وعالمية حيث ستشكل فارقا معها، فكل هذا يرفع من شأننا وبالتالى شأن القارة، ونحقق الانخراط المتكامل بيننا وبين دولها.
لماذا يغيب دور المرأة عن توجهنا لأفريقيا؟
أنا أرى أن هناك اهتماما حاليًا فى هذا الشق وجهدا مبذولا من خلال السفيرة منى عمر مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية، والدكتورة مايا مرسى رئيس المجلس القومى للمرأة، فمصر لديها كوادر نسائية تستطيع أن تحقق إفادة كبيرة منها خلال الفترة المقبلة مع توليها رئاسة الاتحاد الأفريقى.
مع العلم أن هناك دولًا أفريقية سبقتنا فى الاهتمام بالمرأة، مثل رواندا التى تصل نسب تمثيل المرأة فيها إلى 50% فى كل المؤسسات، والسودان مثلًا نسب تمثيل المرأة به 30% وهناك دول أخرى تفوق هذه النسب.
هل تعتقد أن الإعلام قائم بدوره نحو تولى مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى؟
أنا هنا أشيد بدور الإعلام الذى جعل رجل الشارع يشعر برئاسة مصر للاتحاد الأفريقى عبر تسليط الضوء بشكل كبير ومكثف على هذا الحدث، الأمر الذى نتج عنه وعيا كبيرا.
كيف يمكن أن تخدم مصر أفريقيا حاليًا؟
مصر لديها خبرات مكثفة فى مجالات مختلفة كالرى والزراعة والكهرباء والسدود ومكافحة الإرهاب الدولى، وهنا يجب أن نستغل ذلك فى خدمة القارة حتى نكون فى نهاية المطاف عند حسن ظن دولها، خصوصًا وأنها تعلق أملا كبيرا فى الاعتماد على مصر بكل ما تمتلكه من خبرات خلال هذا العام؛ لتحقق أكبر مكاسب ممكنة منها، وبالتالى فنحن أمامنا فرصة أيضًا لتحقيق مكاسب جيدة لنا عبر القارة.
هل تطرقتكم للحديث عن ملف سد النهضة خلال الزيارة الأخيرة لإثيوبيا؟
إطلاقًا؛ لأن سياستنا تجاه إثيوبيا ليست مختزلة على أساس سد النهضة فقط، فهناك الكثير من الملفات نتعاون فيها، وأولها الكهرباء والطاقة؛ لأن تلك الدولة تحتاج إلى الدعم فى هذا الجانب، إضافة إلى مجالات أخرى، مثل الصحة والزراعة، فكلما اقتربت العلاقات بين البلدين؛ كل ما وصلنا إلى نقاط تفاهم مشتركة.
كيف تقترب مصر من إثيوبيا؟
هناك طرق مختلفة من الممكن أن تحقق ذلك، فمثلا بدلًا من أن تستورد اللحوم من الخارج؛ لديك إثيوبيا والسودان، وهنا تستطيع أن تقضى على مافيا اللحوم فى مصر، ولدينا أيضًا مجال تدريب الكوادر، فإثيوبيا تحتاج إلى دعم من الكوادر المصرية خاصة فى التعليم والصحة، وهنا أيضًا يجب أن أذكر أن الدكتور مجدى يعقوب عندما أجرى العديد من العمليات الجراحية فى إثيوبيا حقق مردودا إيجابيا بشكل كبير، وهناك ملفات كثيرة أخرى من الممكن أن تستفيد منها مصر فى التعامل مع أديس أبابا.
كيف نواجه التحرك القطرى التركى فى أفريقيا عبر بوابة الاستثمار؟
من وجهة نظرى أن مصر لا بد أن تستغل علاقاتها القديمة بالقارة على المستويات كافة حتى الدينى منها وأن تنميها وتفعلها وهذا يحتاج إلى جهد كبير من الوزارات والوزراء المصريين فى الدول التى يزداد فيها النشاط التركى القطرى.
وقد طالبت فى وقت سابق بضرورة تقوية العلاقات المصرية فى دول القارة البعيدة عن مصر فى الجنوب والغرب والوسط بحيث يكون لنا وجود فى أماكن بعيدة عن توقعاتهم وتخيلاتهم، عبر حفر آبار المياه مثلًا للأماكن المحتاجة وإنشاء محطات الكهرباء وإرسال كوادر لتعليمهم.
كيف نستغل عنصر التعليم بكوادرنا المصرية فى خدمة أفريقيا؟
أنت لا تتخيل كم يقدر أشقاؤنا الأفارقة نقطة التعليم خصوصًا عندما يقدم من مصر لهم، وفى إحدى المرات بالبرلمان الأفريقى عندما كنت رئيسًا للجنة الشئون الأفريقية، وفى جلسة ودية مع الوفد الرواندى عندما تحدثت عن التعليم؛ صفق الوفد لى فجأة؛ وهذا يوضح لك مدى أهمية التعليم لهم، فثلث القارة تنتمى إلى التعليم المصرى، ودولتا السودان وجنوب السودان مثلا ثلث الوزراء بهما تعلموا فى مصر.
هل من الممكن أن يتحول السودان لبؤرة للإرهاب مع أحداثها الأخيرة؟
ما يحدث فى السودان الآن، لن يكون له تأثير قوى، وبالنسبة لموضوع الإرهاب؛ فالسودان لديه قدر كبير من الوعى، وهناك حالة من التنسيق والتناغم بيننا وبينه، وزيارة الرئيس عمر البشير الأخيرة؛ أكبر دليل على هذا التناغم والتنسيق الحادث بالفعل، وبالتالى فحدودنا الجنوبية مؤمنة بشكل كامل.
كيف نحقق فائدة مرجوة من منتدى الشباب العربى الأفريقى المقرر تنظيمه مارس المقبل؟
هذا شىء عظيم جدًا بالنسبة لمصر، وتم تحديده قبل حصول مصر على رئاسة الاتحاد الأفريقى، ولا بد من استثماره على أكمل وجه، فعلينا أن نولى اهتماما كبيرا بالشباب الأفريقى منذ دخوله المطار وأن نقدم له التسهيلات كافة، فكل هذا له انعكاس كبير جدًا على هذا الحدث، الذى ليس لدى أدنى شك فى نجاحه.
لكنى أركز هنا على ضرورة استمرارية التواصل، حتى بعد انتهاء منتدى الشباب العربى الأفريقى، خاصة وأنه سيعقبه بطولة الأمم الأفريقية؛ فهذه نقطة مهمة جدًا يجب استغلالها بشكل أفضل.
هل يمكن وصف 2019 بعام القارة الأفريقية؟
هذا العام مكسب كبير لمصر ما بين رئاسة الاتحاد الأفريقى ويليه منتدى الشباب العربى الأفريقى ثم بطولة الأمم الأفريقية كلها تؤكد الثقة فى بلدنا، خصوصًا وأن القارة تحب مصر والرئيس عبد الفتاح السيسى، وهنا يجب علينا أن نحافظ على استمراراية هذه الثقة.
كيف نجلب السياحة الأفريقية لمصر؟
هناك طرق كثيرة لذلك فمثلًا مسار العائلة المقدسة وسيلة فعالة للفت الانتباه للسياحة فى مصر، ومثلًا أثناء إقامة منتدى الشباب العربى الأفريقى من الممكن أن ننظم لهم رحلات إلى الأماكن السياحية لدينا.
هل هناك أزمة بين اللجنة ووزيرة السياحة؟
لا توجد أزمة، فقط عندما دعيت إلى اللجنة؛ كان ذلك وقت زيارة ماكرون لمصر، لكن المشكلة كانت أن التمثيل الذى حضر إلى اللجنة كان ضعيفا جدًا.
لماذا لا نورد عمالة مصرية لأفريقيا؟
عندما كنت رئيسًا للجنة الشئون الأفريقية اقترحت أن نرسل إلى الدول الأفريقية شبابا، كالخدمة الوطنية مثلًا من لم يصبه الدور أو لم يجند، نرسله إليها للعمل هناك لمدة عام كامل يخدمون فيها الدول الأفريقية المختلفة التى فى حاجة إلى الكوادر المصرية للاستفادة منهم دون مقابل أو بمقابل مصرى بسيط.
وهنا سنحقق فائدة للجانبين المصرى والأفريقى ومن الممكن أن يفتح الباب لرزق جديد لهؤلاء الشباب فى القارة السمراء، واقترحت أن تتولى القوات المسلحة هذا الموضوع وأن يكون هناك عنصر قيادى مع هؤلاء الشباب؛ كنوع من المتابعة لهم، فمثلًا صندوق التعاون الأفريقى كان يصدر من مصر إلى أفريقيا أطباء ومهندسين والغالبية العظمى منهم لم يعودوا وظلوا فيها.
ما تقييمك لسياستنا الخارجية نحو أفريقيا؟
السياسة الخارجية تقودها الدبلوماسية الرئاسية، وقد تحسنت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، ففي السابق كانت هناك بعض السفارات بها السفير وشخصين فقط، وعلى مستوى المراكز الإعلامية إمكاناتها ضعيفة، فمثلًا من غير المعقول أن دول حوض النيل بأكملها لا يوجد فيها إلا مكتب فى السودان وإثيويبا، والأخير أنشئ مؤخرًا؛ فهذا خطأ كبير يحتاج إلى إعادة نظر، ففى السابق كان من يذهب إلى أفريقيا من الدبلوماسيين يعتبره نوعا من العقاب، لكن حاليًا أصبح من يذهب إليها يلقى اهتمامًا كبيرًا، فهذا دليل على بداية تغيير وجهة النظر بشكل إيجابى إلى أفريقيا.
لماذا لا يوجد وزير خاص بالشأن الأفريقى؟
لا بد من وجود وزير مخصص للشأن الأفريقى؛ لتوحيد حالة الشرذمة التى تحدث عند التعامل مع دول القارة فى النواحى التجارية والسياسية والاقتصادية وغيرها.
هل من الممكن رأب الصدع الذى حدث فى حزب المصريين الأحرار؟
الفترة القادمة لا أحد يعرف مالذى سيحدث فيها سواء تم رأب الصدع أم لا، كما لا يعلم أحد ماذا سيحدث للخريطة السياسية بأكملها.
وكيف تفسر انتخابات الهيئة العليا التى ستنعقد فى ظل الانشقاق؟
لو كان الأمر قانونيًا؛ فمن حقهم، وإذا لم يكن كذلك؛ فستحدث أيضًا، دون أن يكون لها أى تأثير.