نقص المستلزمات الطبية أزمة كشفت عن إهمال المنظومة الصحية، وتردي الأوضاع داخل المستشفيات الحكومية، والتي أدت إلى معاناة الأطباء والمرضى على حد سواء، فالطبيب لا يجد العلاج المناسب للمريض، ويكون أمام أمرين إما أن يخبر المريض بنقص المستلزمات الطبية، وهو ما قد يؤدي إلى تعدي المريض على الطبيب، وهو ما نراه في الأونة الأخيرة، وآخرها تعدي مواطن على طبيب مسالك بولية بمستشفي التحرير العام، وإما أن يحاول الطبيب تيسير أموره بأن يطلب من المريض شراء المستلزمات الطبية الناقصة من الخارج، وهو ما يضعه تحت طاولة القانون، وفي الحالتين نقص المستلزمات يؤكد خلل المنظومة الصحية، التي راح ضحيتها المواطن البسيط الذي لايجد بديلاً عن مستشفيات وزارة الصحة.
الصحة تحظر تكليف المرضي أو ذويهم بشراء أي مستلزمات طبية.
هذا الخلل الذي تعاني منه كافة مستشفيات الحكومة بإجماع أراء نواب لجنة الصحة بمجلس النواب ووكلاء وزارة الصحة بالمحافظات، في طلبات الإحاطة المقدمة للمجلس والتي تؤكد أن مستشفيات الوزارة تعاني من نقص في المستلزمات الطبية، كان رد وزارة الصحة عليه بأنها حظرت خلال بيان لها، بشكل نهائي، وقطعي تكليف المرضي أو ذويهم بشراء أي مستلزمات طبية خلال زياراتهم أو تلقيهم العلاج بالجهات التابعة للوزارة.
وذلك من خلال منشور أرسله اللواء سيد الشاهد، مساعد وزيرة الصحة والسكان للشئون المالية والإدارية، لعدد من قيادات الوزارة القائمين على إدارة المستشفيات، أن مخالفة تلك التعليمات تعد مخالفة جسيمة تستوجب المسائلة القانونية.
وتضم قائمة المسئولين، الذين تم إرسال المنشور لهم، كلاً من مسئولي الطب العلاجي، والوقائي، والصيدلة، وأمين عام الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي، ورئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة، ورئيس مجلس إدارة المؤسسة العلاجية، ومديري مديريات الشئون الصحية بجميع المحافظات، وكلاً من مساعدي الوزيرة ورؤساء القطاعات، ورؤساء الإدارات المركزية للتمريض، والرعاية الحرجة والعاجلة، وللتموين الطبي.
يأتي ذلك بناءً على توجيهات من الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، بشأن التأكيد على توافر المستلزمات الطبية بجميع الجهات مقدمة الخدمة الطبية التابعة لوزارة الصحة والسكان، مع الالتزام التام بتوفير الاحتياجات من المستلزمات الطبية.
واقعة طبيب مستشفى الزقازيق تسلط الضوء على القضية
كانت قضية الدكتور محمود ناصر طبيب مقيم بجراحة العظام بمستشفى جامعة الزقازيق، تأكيدًا على هذه الماسأة ، بعدما تم إلقاء القبض عليه في 20 مارس الماضي من قبل هيئة الرقابة الإدارية بالشرقية بعدما تقدم أحد المرضى بمعلومات للهيئة تفيد بقيام الطبيب بالتربح من عملية منظار،عندما طالب أحد المرضى بشراء مستلزمات طبية من خارج المستشفى ليتمكن من علاجه ـ وهو المعتاد مع غالبية الأطباء، لتسيير أعمالهم بالتزامن مع نقص المستهلكات الطبية،ولعدم التوقف عن علاج المرضي الفقراء الذين يتوافدوا على مستشفيات الحكومة.
الحق في الدوا
قال الدكتور محمد فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، إن هناك إشكالية وقعت منذ 6 أشهر بشأن طلب الأطباء للمرضى براء مستلزمات طبية من خارج المستشفيات، عندما ضبطت هيئة الرقابة الإدارية ، طبيب بمستشفى الزقازيق العام يعطي روشتة لمريض لشراء مستلزمات طبية من خارج المستشفى، وتم القبض عليه .
وأضاف رئيس المركز، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، أن حظر وزارة الصحة بشكل نهائي تكليف المرضي أو ذويهم بشراء أي مستلزمات طبية خلال زياراتهم أو تلقيم العلاج بالمستشفيات التابعة للوزارة، يتفق مع صحيح الدستور، ولكن ما الأمر في حال وجود نقص في بعض المستلزمات الطبية ، هل يتعرض الطبيب للمسألة القانونية في حال طلبه شراء مستلزمات من الخارج، أم يترك المريض دون علاج نظرا لعدم توافر المستلزمات سؤال يحتاج إلى إجابة صريحة من الوزيرة.
وأكد فؤاد أن 99% من المستشفيات الحكومية ليس بها مستلزمات طبية ، وهناك طلبات إحاطة من أعضاء مجلس النواب، ووكلاء وزارات الصحة، تفيد بأن المستشفيات تعاني من النقص، مشيرا أن الطبيب عندما يطلب من المريض شراء علاج من الخارج هي محاولة منه لإنقاذ المريض .
وأضاف أن المواطن هو مسؤلية الدولة والحكومة، فالصحة هي حق مكفول للجميع، وعلى الوزارة أن تمنح هذا الحق لمستحقيه ، متسائلا أين تذهب موازنة الصحة التى تقدر بنحو 3% من موازنة الدولة مشيرا أن تصريحات الوزيرة قد تكون نتيجة تقارير مغلوطة أو أن هناك مستلزمات طبية لاتذهب للمستشفيات .
صحة البرلمان: هل المستلزمات الطبية متوفرة بالمستشفيات؟
قالت الدكتورة إيناس عبد الحليم، وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب، إن تصريحات وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، بمنع تكليف المرضى أو ذويهم بشراء أي مستلزمات طبية خلال زياراتهم أو تلقيهم العلاج بالجهات التابعة للوزارة، قرار مقبول بشرط أن تعلن الوزيرة صراحة عن توافر جميع المستلزمات الطبية داخل المستشفيات بجميع محافظات الجمهورية .
وتساءلت وكيل اللجنة، في تصريح خاص لـ "بلدنا اليوم"، هل تتوافر بالمستشفيات مستلزمات العمليات الجراحية؟، هل تم حل مشاكل نقص المستلزمات الطبية بجميع المستشفيات؟، هل جميع الأجهزة متوفرة بالمستشفيات الحكومية؟، هل يتوافر بدائل الأدوية بمخازن الوزارة، وما الأمر إذا كانت المستلزمات متوفرة بالفعل ونقصت ؟!.
وأضافت "عبد الحليم"، أن جميع مديريات وزارة الصحة طالبت خلال اجتماعات لجنة الصحة بمجلس النواب لمناقشة موازنة وزارة الصحة بزيادات بموزناتها وبالفعل تم زيادتها على سبيل المثال هيئة الطب العلاجي تم زيادة ميزانيتها 170 مليون عن موازنة العام الماضي.
وأكدت عضو المجلس، أن الأساس في الدستور أن المريض المصري يعالج بالمجان بدليل قرارات العلاج على نفقة الدولة لمن ليس له تأمين، وقانون التأمين الصحي الشامل لغير القادرين على العلاج من الأمراض المزمنة والأورام ينص على عدم تكليف أي مواطن أثناء تلقيه الخدمة العلاجية داخل مستشفيات التأمين الصحي.
وأوضحت وكيل اللجنة أن قرار الوزيرة سيؤدي إلى صدام بين الأطباء والمرضى، نظرًا لعدم توافر المستلزمات، بالإضافة إلى أن هناك مستلزمات ليس لها بدائل، وبالتالي يتطلب شرائها من الخارج.
وأشارت أن نقص المستلزمات الطبية تعاني منه المستشفيات الحكومية فقط، أما المستشفيات الجامعية تقوم يوميًا بإعداد قائمة بأصناف الأدوية الموجودة وتقدمها للأطباء، وفي حالة توافر الأصل، ويرغب المريض في البديل يتطلب من المريض شرائه إذا رغب.
وحول ما يتردد بأن المستلزمات الطبية بالمستشفيات غير جيدة، أكدت "عبد الحليم"، أن مستلزمات المستشفيات تكون نتيجة مناقصة تجريها وزارة الصحة مع إحدى الجهات، وجميع المستشفيات تأخذ نفس المستلزمات الطبية، بأسعار مخفضة، من أرقى وأفضل الماركات وتخضع لإشراف رقابي من قبل الوزارة.
عضو بـ "الأطباء": مستلزمات بعض أقسام القصر العيني تكفي 6 شهور فقط
قال الدكتور طارق كامل، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، وعضو لجنة إعداد قانون التأمين الصحي الجديد، إن المستلزمات الطبية داخل المستشفيات يجب أن تتوافر طوال العام، ولكن يحدث العكس داخل المستشفيات، فالكثير من المستلزمات الطبية غير متوفرة ببعض الأقسام، وهو ما يدفع الأطباء للتوجه لإدارة المستشفي لإيجاد حل، وسيترك المريض يعاني حتى يتم توفيرها.
وأضاف " كامل" في تصريح خاص لـ "بلدنا اليوم"، إن المستلزمات الطبية بأقسام القصر العيني، تكفي 6 أشهر فقط، و لولا تبرعات الأعضاء لأغلقت غالبية أقسام القصر العيني أقسامها، مشيرًا إلى أن هناك أقسام قادرة أن تكفي احتياجاتها عن طريق التبرعات التي تقدم إليها مثل قسم الأورام الذي يقدم العلاج الكيماوي للمرضى ويحتاج إلى آلاف الجنيهات، والميزانية الرسمية المقدمة من الوزارة لا تكفي فيعتمد على التبرعات، وهناك أقسام أخرى لا تستطيع سد احتياجاتها.
وأرجع عضو المجلس، السبب في نقص المستلزمات الطبية داخل المستشفيات إلى نقص الإمكانيات المادية داخل كل مستشفى مشيرًا إلى أن قرار الوزيرة بمنع المرضى من شراء أي مستلزمات طبية من خارج المستشفيات سيؤدي إلى توقف تقديم الخدمة العلاجية للمريض وهو ما يؤدي إلى صدامات بين أهالي المرضى والأطباء المعالجين نظًرا لتأخر تقديم الخدمة الطبية.
وأضاف "كامل" أن المستلزمات الطبية بأقسام القصر العيني، تكفي فقط 6 أشهر، ولولا تبرعات الأعضاء لأغلقت غالبية أقسام القصر العيني، مشيرًا إلى أن هناك أقسام قادرة أن تكفي احتياجاتها عن طريق التبرعات التي تقدم إليها مثل قسم الأورام الذي يقدم العلاج الكيماوي للمرضى ويحتاج إلى آلاف الجنيهات، والميزانية الرسمية المقدمة من الوزارة لا تكفي فيعتمد على التبرعات، وهناك أقسام أخرى لا تستطيع سد احتياجاتها.