بقلم : أسماء دياب
تزامناَ مع إنطلاق حملة إعلانية للتوعية بمخاطر الزيادة السكانية، ضمن الخطة التى وضعتها وزارة التضامن الإجتماعى للتعامل مع الأزمة، هل تنجح الحملة فى تحقيق المرجو منها ام تكون إهداراَ لأموال دون جدوى للإجابة على السؤال علينا بحث مسببات الأزمة أولاَ .
تتصدر الأن واجهة الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، بطريق صلاح سالم، "الساعة الإلكترونية"، التى ترصد بدقة الزيادة السكانية لحظة بلحظة، لتسجل أن عدد سكان مصر، وصل إلى 104.2 مليون نسمة، ليعلن بذلك عن الرقم الصادم الذى يلتهم معدلات التنمية، التى تحققه الدولة سنويا، والذى سيقضى على الأخضر واليابس إذا ظل معدل الزيادة السكانية، بهذه المعدلات غير المسبوقة.
وإذا تسألنا عن أسباب تلك الزيادة الرهيبة، نجد أن مشكلة الزيادة السكانية بلا حل منذ أكثر من ثلاثين عام، رغم كل المحاولات على مدار الثلاثين عام من قبل الدولة لرفع الوعى لدى المجتمع بخطورة المشكلة، وذلك ناجم عن الصدام بين رؤية الدولة ، والرؤية الشعبية للناس، لان النسبة الفقيرة للشعب هى الأكثر إنجاباَ من غيرها ، نظراَ لإستخدامهم للأولاد كمصدر للدخل، فمن الصعب إقناعهم التخلى عن مصدر دخلهم، خاصتاَ مع غياب التعليم وعدم توفير بديل كمصدر أخر للدخل ، فالفقر والجهل أولى أسباب الزيادة السكانية.
وعلى المستوى الإجتماعى والثقافى ، تظهر قوة المعتقدات فى تفاقم حجم المشكلة، حيث تسهم المعتقدات المترسخة فى صعيد مصر فى تفاقم حجم المشكلة السكانية، فالصعيد يمثل 41% من معدل الزيادة السكانية، ليسجل بذلك النسبة الأكبر من حجم الزيادة السكانية، فمفهوم العزوة والرغبة فى زيادة عدد الأولاد لمواجهة الصراعات العائلة والقبلية التى لازالت تسيطر على الصعيد، تجعل من الصعب القضاء على هذة المفاهيم بالتوعية والحملات اللإعلانية فقط، كما أن من الصعب إقناع المرأة فى الصعيد بالإكتفاء بإنجاب طفلين او حتى ثلاث أطفال، فإرتفاع نسبة الإمية لديها، والشعور بعدم وجود دور إخر لها فى الحياة، سوى الإنجاب بشكل دورى ومستمر إلى أن تنتهى فترة الخصوبة عندها، يجعل من الصعب الإعتماد على التوعية فحسب فى القضاء على هذة المفاهيم، لذلك القضاء على الأمية خاصتاَ بين النساء يجب أن يكون هدف قومى، كما أن الرغبة فى إنجاب الذكور والتعير بسبب إنجاب الإناث يجعل من الصعب تغير هذة المعتقدات، فضلاَ عن الإعتماد على إستخدام الإولاد كعمالة فى الأعمال الزراعية، يجعل من التوعية وسيلة لا تجدى وحدها للقضاء على هذه المعتقدات المجتمعية، لذلك لامناص من تشديد المنظومة التشريعية للحد من خطر الزيادة السكانية، والإستفادة من تجارب الدول التى نجحت فى تحجيم حجم المشكلة، وذلك سواء عن طريق توقيع غرامات على من يتجاوز عدد معين، اوعن طريق الدعم الإيجابى لمن يلتزم بإنجاب إثنين، والحرمان من الدعم لمن يتجاوز العدد المحدد، بالإضافة الى تشديد العقوبات على الأهل فى حالة تسرب الأطفال من التعليم وزواج القاصرات وعمالة الأطفال فهذا الثالوث هو الوجه الأخر لكثرة الإنجاب، فرفع تكلفة الطفل ستجعل الأسر تحجم عن زيادة الإنجاب، فإذا قضينا على عوامل أن يكون الطفل مصدر للدخل ستحجم الاسر عن زيادة عدد الأطفال إذا أصبحوا مصدر للإستهلاك، مع بحث حالات الأسر التى ليس لديها مصدر للدخل وتوفير بديل أخر كمصدر للدخل.
ولايفوتنى ان أشير إلى دورالمعتقدات الدينية الخاطئة فى الإسهام فى زيادة حجم المشكلة، فتوغل الفكر السلفى فى المجتمع، وظهور رجال الفكر السلفى على الشاشات إلى الأن معلنين بأن التحكم فى عدد إنجاب الأطفال حرام، وأن زواج الفتاة وهى فى بطن أمها لا يخالف الشرع فى شئ، بل هو من صميم الشريعة، وعدم محاسبة المتسبب فى ظهور أمثال هؤلاء على الشاشات إلى الأن، كل هذه أسباب تزيد من حجم المشكلة، لذلك على الدولة إذا كان لديها الإرادة الحقيقية فى القضاء على مسببات المشكلة، أن تمنع أمثال هؤلاء من الظهورإعلامياَ، والتحكم فى ما يقال فى المساجد، ومعاقبة من يروج لهذة الأفكار فى كل مؤسسات الدولة، والعمل على نشر ثقافة تنظيم النسل فى التعليم الجامعى وقبل الجامعى، وإستخدام قوة مصر الناعمة من أدوات تثقيف "سينما،وتلفزيون" فى رفع وعى المجتمع نحو خطورة المشكلة، وإلتهام غول الزيادة السكانية لكل معدل للتنمية.
وعلى الدولة أيضا أن تتوخى الحيطة من محاولات جماعة الإخوان المسلمين، التأثير على المجتمع بدعاية مضادة، لحث الناس على كثرة الإنجاب، فمن المعلوم أنهم يعملون عكس مصلحة الدولة فى جميع الإتجاهات، فيستخدمون منابرهم الإعلامية من أجل ذلك، ويعملون على بث سمومهم مستغلين أنهم متوغلين فى المجتمع وفى كل مؤسسات الدولة، فمن المعلوم أن كثرة الإنجاب تخدم أيديولوجيات الجماعة، فالجماعة تسعى إلى زيادة عدد الأولاد إستعداداَ لأحلام التمكين، وأفكار الخلافة المزعومة، بالإضافة إلى الدفع بالأطفال والشباب إلى الجهاد والتفجير والأعمال التخريبة.
لذلك فإن حل المشكلة السكانية هدفاَ إستراتيجيا للدولة، ولابد أن يكون هناك حزمة من التشريعات تقدم للبرلمان، لإصدار قوانين للدفع لتنفيذ هذة الإستراتيجية، دون التفكير فى مزاعم من يتشدقون بحقوق الأنسان، فعن أى حقوق يتحدثون عن الحق فى كثرة الإنجاب دون تحمل لأدنى مسئولية، من تعليم ورعاية نفسية وصحية وإجتماعية ، وتحميل الدولة عبأ لا يمكن تحمله، ام من الأفضل أن نبحث عن حق دافعى الضرائب فى الحصول عل خدمات أفضل، إذا ألتزم المجتمع بالحد من الزيادة السكانية، او نبحث فى حق الأسر الملتزمة بتنظيم الإنجاب فى الحصول على نسبة دعم أفضل، ونبحث عن حق الطفل فى الحصول على تعليم أفضل، ورعاية أسرية وأجتماعية أفضل، أليست هذه حقوق إنسان أيضا أولى بالحرص عليها، فنحن نحارب عدو واضح وهو الجهل والفقر.