لا يعلم كثيرون أن حي «كفر عبده» بالإسكندرية، والذي يُعد من أرقى أحيائها، اتخذ اسمه تخليدًا لكفاح الشعب والشرطة ضد المحتل الإنجليزي، الذي قصف ببشاعة عام 1951 المنطقة التي تحمل الإسم ذاته بمحافظة السويس.
ويروى المؤرخ «حسن العشي» في كتابه «معركة كفر أحمد عبده»، تفاصيل هذه الملحمة الوطنية الكبيرة التي كان مسرح أحداثها هذا الكفر، الواقع على طريق محطة المياه ومعسكرات جنود الاحتلال الإنجليزي في القناة.
كانت كرة النار التي ألهبت الصراع السياسي وقتها بين حكومة الوفد والإنجليز،هي إعلان الوفد توقف المفاوضات السياسية بخصوص «الجلاء»، وإعلان رئيس الوزراء في 8 من أكتوبر عام 1951 إلغاء معاهدة 1936، وإلغاء اتفاقيتي إدارة السودان، واشتعلت الأجواء في مدينة السويس التي كانت محور الكفاح على جبهتي المقاومة من أجل فلسطين وضد الإنجليز في «القنال» بشقيه المسلح، والمدني بالامتناع عن العمل.
وكان «كفر أحمد عبده»، بموقعه الاستراتيجي يمثل صُداعًا للمحتل الإنجليزي، فهداهم تفكيرهم إلى نسف الحي، وخاطبوا بالفعل محافظ السويس، وقتها، لتنفيذ المخطط، لكن حكومة النحاس باشا رفضت الأمر، وتصاعد الموقف إذ أصر الإنجليز على نسف الكفر بكامله فحاصروه برًا وبحرًا وجوًا بمئات المعدات الثقيلة وآلاف الجنود، وبدأوا في قصف الكفر بشكل وحشي، وتصدت لهم المقاومة الشعبية تدعمها قوات الشرطة ضد هذا العدوان الفاجر، وهدم المحتل 159 منزلًا، وقدم الأهالي تضحيات كبيرة وكذلك من رجال الشرطة.
وانتقلت الأحداث الملتهبة من السويس إلى الإسماعيلية، وشكلت الأحداث المتسارعة التي كانت حديث العالم مخاضًا ثوريًا، خفف منه الحادث المروع لحريق القاهرة.
وفي هذا الوقت، كان مقر القنصل البريطاني، والمندوب السامي، في أحد أرقى أحياء الإسكندرية، وهو شارع «المارشال اللنبي»، وكنوع من النكايةّ والتنديد بالعار البريطاني في كفر أحمد عبده بالسويس، صدر قرار ملكي بتغيير اسم الشارع إلي كفر عبده.