ما يقرب من عام انقضى على انهيار التنظيم الإرهابي "داعش" في العراق وسوريا، التنظيم الذي اتخذ من بلاد الرافدين وبلاد الشام منجمًا للذهب يستطيع من خلاله جمع الثروات، ولو على حساب سيل بحور الدماء تحت مسمى إقامة خلافة إسلامية جديدة، عن طريق قتل الرجال وسبي النساء واختطاف الأطفال.
العام الذي انهار فيه التنظيم كشف حقائق عديدة، فداعش استطاعت الحصول على جبال من الذهب المسروق، بالإضافة إلى أموال طائلة بالعملة الصعبة والمحلية، يمكن أن تضمن له الحياة لسنوات، لذا فالانهيار لم يكن سوى قتاليّا فقط لكن القضاء عليه سيستغرق العديد من السنوات خاصة وأنّ الأموال التي يمتلكها في خزينته تمكنه من البقاء لمائة عام أخرى.
العملات الغربية
فقد كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الجمعة، في تقرير مطول، أن مسلحي تنظيم داعش الذين انسحبوا من معاقلهم في العراق وسوريا، كانوا يحملون مبالغ طائلة بالعملات الغربية والعراقية، فضلا عن سبائك ذهبية، يقدرها خبراء مستقلون بحوالي 400 مليون دولار أميركي، نهبت من البنوك، أو تم الحصول عليها من خلال شركات إجرامية.
غسيل أموال
وبينما تم دفن بعض هذه الكنوز أو تم إخفاؤها، قام قادة من داعش بغسل عشرات الملايين من الدولارات من خلال الاستثمار في "أعمال شرعية" في مناطق عدة في الشرق الأوسط خلال العام الماضي، حسبما قال مسؤولون.
ويقول محللون إن هذه الأموال تهدف جزئيا إلى تمويل عودة التنظيم في المستقبل، وهو احتمال يخشى بعض الخبراء أن يتسارع لا سيما بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل يومين سحب قوات بلاده من سوريا.
تدفق الملايين
وظهر جزء من الممتلكات التي نهبها مسلحو التنظيم خلال حملات دهم وتفتيش شنتها إدارة مكافحة الإرهاب في الأسابيع الأخيرة على معاقل سابقة للتنظيم في أربيل بإقليم كردستان العراق.
وجاءت حملة المداهمات بعد تتبع محققين تدفق ملايين الدولارات من عائدات تنظيم داعش المتشدد من خلال شبكات مصرفية لها روابط مع تركيا والعراق وسوريا.
تتبع المسار
وقال مسؤولون أكراد إن تتبع مسار أموال داعش قاد إلى مجموعة كبيرة من المؤسسات التجارية التي تعمل على تبييض أموال التنظيم، بما في ذلك شركات عقارية وفنادق ووكالات سيارات.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول في إدارة مكافحة الإرهاب في حكومة إقليم كردستان قوله: "إنهم لا يستطيعون كسب المال بعد الآن عن طريق بيع النفط، لذا فهم يفعلون ذلك بطرق أخرى".
وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن حملة المداهمات انطلقت في أكتوبر الماضي، وأن التحقيقات والتحريات لا تزال جارية بشأن بعض الشركات الخاصة التي كانت تساعد داعش في غسل الأموال.
وقال المسؤول إن بعض الشركات التي تلقت أموالا، ربما لم تكن تدرك أن المستثمرين كانوا إرهابيين، في حين يبدو أن البعض الآخر كان على دراية بالأمر، وتلقى الأموال بكل سعادة.
مصدر الثروة
ووقعت كل هذه الثروة في يد تنظيم داعش المتشدد بعدما استولى على مدن سورية وعراقية قبل 4 سنوات، ففي يونيو 2014، استولى التنظيم على الموصل، ثاني أكبر مدينة بالعراق، وأفرغ خزائن البنك هناك من ثروة تقدر بنحو 500 مليون دولار من العملة والذهب.
كما سيطر التنظيم على حقول النفط والمناجم والمصانع والمزارع في مناطق بالعراق وسوريا، وسرعان ما أنشأ شبكة لبيع البترول والمعادن والتحف الأثرية في السوق السوداء.
وبحلول 2015، بلغ مجموع الموجودات لدى تنظيم داعش في العراق وسوريا ما قيمته 6 مليارات دولار، وفق تقديرات بعض المحللين المستقلين.