الجمع بين موهبتين مختلفتين أمر ليس بهين، خصوصًا مع تقديم كلًا منهما على حدى ببراعة، وهذا ما قام به الفنان والمطرب الأوبرالي الكبير حسن كامي، الذي توفى صباح اليوم، اليوم الجمعة، عن عمر يناهز الـ82 عامًا؛ بعد أزمة صحية طارئة، فيما ستقام صلاة الجنازة بعد صلاة الجمعة، من مسجد السيدة نفيسة.
وفي السطور التالية نرصد أبرز المحطات الهامة في حياته:
ينتمي لأسرة أرستقراطية، وتعلم بمدارس "الجيزويت"، ثم التحق بمعهد الكونسرفتوار، إلى جانب دراسته العليا بإيطاليا، وشغل الكثير من المناصب العليا في المجالات المختلفة، ثم اتجه للغناء بالأوبرا عام 1963، وبرع في الغناء الأوبرالي، حتى قدم دور البطولة في أوبرا عايدة على مسارح الاتحاد السوفيتي عام 1974، ليكون بذلك هو أول مصري يقوم ببطولة أوبرا عايدة، وصدح صوته على مسارح أبرز دول العالم.
حصد "كامي" جوائز عالمية، منها: الجائزة الثالثة العالمية في الغناء الأوبرالي من إيطاليا 1969، الجائزة الرابعة العالمية 1973، الجائزة السادسة من اليابان 1976، شهادة التقدير من السياحة والطيران المدني 1976، الميدالية الذهبية، الجائزة الأولى في مهرجان موسيقى الألعاب الأولمبية بسول في كوريا الجنوبية 1988.
اكتشفه للمسرح محمد نوح، شارك في عدة مسرحيات، ثم قدم أدوارًا للتلفزيون في العديد من المسلسلات، كما صار أحد أبرز الوجوه المساندة للنجوم في السينما، ومن أبرز أعماله التلفزيونية: "رأفت الهجان، ألف ليلة وليلة، هوانم غاردن سيتي، أميرة في عابدين، والخواجة عبدالقادر"، وفي السينما: "ليلة سقوط بغداد، زكي شان، علاقات مشبوهة، بوبوس، صايع بحر، حسن طيارة، ناصر 96".
وأثناء مشاركته في أحد الحوارات التليفزيونية مع الإعلامي الكبير مفيد فوزي، ببرنامج "مفاتيح"، إن نسبه لعائلة محمد علي باشا، وأن جدته كانت ابنته قائلًا: "بنت محمد علي باشا تبقى جدة جدة جدودي، جدتي كانت اسمها الأميرة نازلي هانم، وبعدين بقا اسمها زهرة باشا، واتجوزت جدي محمد علي كامي".
تعرف "كامي"، على السيدة "نجوى"، لأول مرة في نادي الجزيرة، حينما كان يبلغ من العمر الـ29 عامًا، واشتعلت بينهما شرارة الحب، ليتزوج لاحقًا منها رغم معارضة أسرتها لكونها مسيحية، فقد تعرض إلى تهديد من والد زوجته الصعيدي، لكنه أصر على الزواج منها لتحتل عرش قلبه على مدى العمر.
وفي عام 2001، قرر الفنان المصري اعتزال الغناء الأوبرالي وهو في قمة عطائه، معتبرًا هذا القرار أحد أكثر القرارات قسوة التي اتخذها في حياته، وتفرغ حسن بعدها لإدارة مكتبة تبيع الكتب القديمة في وسط البلد في القاهرة.
وعلى الرغم من مسيرة حسن كامي الحافلة بالنجاحات إلا أنه ذاق ألم الفقد والفراق بعد رحيل نجله "شريف"، في حادث سيارة عن عمر 18 عامًا، وأعتبر "كامي"، أن وفاة ابنه أكثر ما تسبب له بصدمة في حياته، وقال في إحدى لقاءاته: "بعد رحيل ابنه قلّ غناؤه، وأصبح مثل سيارة "سكاند هاند"، راويًا تفاصيل الواقعة: "كان يبلغ في ذلك الوقت 18 عامًا، وعندما وقع الحادث كنت متواجدًا خارج البلاد لتقديم أحد العروض، وما أن أبلغتني زوجتي حتى سارعت بالعودة، وكانت صدمة وكارثة بكل المقاييس، ظللت متماسكًا في تشييع الجنازة ومراسم الدفن، لأني مؤمن تمامًا بقضاء الله وقدره، وأن شريف وديعةً منه كان قد آن الأوان لاستردادها".
وكان كامي، قد أكد أنه عندما قام باصطحاب ابنه شريف في إحدى المرات لزيارة مدفن العائلة فوجئ بقوله له وبكل ثقة أنه سوف يسبقه إلى ذلك المكان، ومن الغريب في الأمر أن أول حفل يحييه بعد وفاة نجله بثلاثة أيام فقط، و كان في مدينة ميلانو بإيطاليا، وغنى بشكل غير مسبوق، لدرجة أنه فقد صوته بعدها لمدة عام كامل.
خسر كامي بعدها زوجته التي رحلت قبل سنوات، ليظل أسير ذكراها وذكرى ابنه، حتى وفاته ولحاقه بهما اليوم الجمعة.