”منكر وليس حديث”.. حقيقة استجابة الدعاء وقت نزول المطر

كانت الشوارع هادئة من المارة رياح شديدة وسماء محملة بالسحب المليئة بمياه الأمطار، لحظات معدودة حتى تساقطت على حين غفلة، فتح البعض شرات منازلهم وهموا مسرعين بالدعاء، المارة بالشارع يتهاسون أيضّا، جملة مشتركة رددوها جميعا "اللهم صبيّا نافعّا" البعض يفهم معناها وكثيرون لا يعلمون عنها شيئّا فقط، مجرد علمهم بأنّ من يرددها تستجاب دعوتهم.

ولدنا وأخبرنا آباؤنا وتعلمّنا في مدارسنا وقرأناها في كتب ديننا أنّ الدعاء لحظة سقوط المطر مستجاب،ولا يمكن أن ترد دعوة من صاحبها حال قيامه بالدعاء وقت سقوط المطر، لكنّ الحقيقة أنّ هذا الأمر غير مؤكد، فالدعاء مستجاب في كل وقت بدليل قوله تعالى" وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني"، ولم يخص بالذكر وقت سقوط المطر أو غيره.

في هذا التقرير نكشف بالدليل حقيقة ما إذا كان الدعاء وقت سقوط المطر مستجاب أم هو فقط مجرد عادة توارثتها الأجيال...

ليس حديث

سئل أحد العلماء عن حقيقة الدعاء المستجاب وقت هطول المطر، فكان الإجابة بأنّ هذا اللفظ لم يقف أحد من السابقين على كونه حديثا، لكن جاء في حديث حسنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة: اطلبوا إجابة الدعاء عند التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول المطر. وفي رواية أخرى حسنها الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير: ثنتان ما تردان الدعاء عند النداء وتحت المطر.

وقال المناوي في فيض القدير: (ثنتان ما) في رواية لا (تردان الدعاء عند النداء) يعني الأذان للصلاة (وتحت المطر) أي دعاء من هو تحت المطر لا يرد أو قلما يرد.

لا يوجد دليل

وفي إجابة أخرى حول هذا السؤال، فإنّه لم يوجد دليلًا صحيحا يدل على أن الدعاء وقت نزول المطر مستجاب ، إنما هي آثار ، صح بعضها ، وأغلبها الضعيف ، والمرفوعات اكثرها منكرات ، ومعضلات.

لكن الحقيقة أنّ وقت نزول المطر، هو وقت ترجى فيه إجابة الدعوة ، وهناك فارق كبير بين  "ترجى" ، وبين " وقت استجابة ".

وقد نص جمع من العلماء على استحباب الدعاء عند نزول المطر ، كالشافعي ، وأحمد ، وابن قدامة ، والقرطبي ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذيه : ابن القيم ، وابن كثير ، رحمهم الله تعالى، لكن لم يذكر أحد منهم ما إذا كان هذا الدعاء سيستجاب أم لا، لذا فلا يوجد دليل واحد على حقيقة استجابة الدعاء وقت نزول المطر من عدمها.