كنت أظن أن السيدة الجليلة "زينب هانم قاسم أمين» زوجة الرجل الذى دعا إلى تحرير المرأة سنة 1899 هى أول من آمن بدعوته وتحمست لرأيه، لكن ظنى خاب تماما ولم يكن فى محله"، تلك الكلمات التي سطرّتها مذكرات الراحل مصطفى أمين، حينما تحدّث عن تحرير المرأة والثورة التي قام بها رفيقه قاسم أمين، ثورة تجديد طالت سيدات مصر بأكملهم إلّا القليل منهم، الغريب في الأمر أنّ هذا التجديد لم يطال أهل بيته، آمن بحديث قاسم آمين سيدات مصريات ولم تؤمن به زوجته بالرغم من أنّه من الطبيعي أن تكون هي داعمته الأولى.
وفي ذكرى ميلاد محرر المرأة نسير من خلال السطور القليلة الماضية في رحلة قصير عن ما قيل حول رفض زوجته لثورته في التحرير، بالإضافة إلى مطالبته بعملية تعدد الزوجات والذي يعد نقيضا لثورته التحريرية:
قاسم فشل مع زوجته
لم يفلح قاسم أمين في إقناع زوجته بثورة التحرير التي قادها من أجل المرأة المصرية بالكامل، فرسالته التي نشرها الطبيعي أن تخرج من آل بيته لكن ماحدث كان مختلفّا، ففشل قاسم آمين في إقناع السيدة التي تسكن معه في نفس المنزل أن تنزع حجابها وظلت متمسكة بوضع الحجاب على وجهها إلى ما بعد أن نزعت المصريات حجابهن، بالرغم من أنّ الجميع اعتقد أنّ القرار لم يكن قرار قاسم آمين بل كان قرار زوجته، فهي أرادت الحرية ونزع الحجاب لذا أمرته أن يطلق ما تسمى بثورة التحرير لنزع حجاب سيدات مصر بأكملهم.
بعد ما يقرب من 45 عامّا على وفاة قاسم آمين، خرجت السيدة زينب قاسم زوجته، في حوار تحدّثت فيه عن دعوة التحرير التي قادها زوجها، فقالت في حديث صحفي" إن بنات الجيل الحالى وشبابه قد أخطأوا فهم هذه الدعوة، وتجاوزوا مداها، فالمظهر الذى تظهر به فتيات هذا العصر ليس سفورا، بل هو بهرجة عظيمة لم يكن يخطر على بال قاسم أن ينادى بها أو يدعو إليها، فلو علم قاسم أنّ دعوته ستحول بهذا الشكل لما دعا إليها مطلقّا، بل كان سيقف لمحاربته بكآفة الأشكال، وعلى حد قولها فقاسم نادى بالسفور الشرعى الذى لا يزيد على إظهار الوجه واليدين والقدمين ولا يتجاوزه إلى إظهار العورات وإلى اختلاط المرأة بالرجل بالشكل الحاصل الآن".
أكذوبة التحرير
قاسم أمين الرجل الذي ثاد ثورة ملهمة للنساء في مصر ونادى بتحرير المرأة، هو نفسه أيّد فكرة التعدد والذي لاحظ الجميع تلك الفكرة في كتابه "المصريون"، أنه مؤيد لفكرة تعدد الزوجات وليس كما كان يدعي في كتابه الآخر "تحرير المرأة"، ويقول في الكتاب: "ليست الزوجة الشرعية هي التي تظفر بنصيب الأسد، نفترض أنني تزوجت امرأة وفي صبيحة ليلة الزفاف اكتشفت أنها لا تمثل النموذج الذي يلائمني، وأجدني في ظروف ملائمة لكي أسقط في عشق أنثى، ماذا يمكن أن أفعله كمسلم صالح، أتخذ منها زوجة وأضعها موضع التكريم وأضمن لها الحياة والشرف والمستقبل لها ولأولادها كذلك".