في ذكرى ميلاد العميد.. اتهموه بالإلحاد فسانده «الشعراوي» بقصائد الشعر

الخميس 15 نوفمبر 2018 | 09:29 مساءً
كتب : مصطفى خميس

عاش كفيفّا لكنّه أضاء للكثيرين نورّا ساروا في طريقه، لم يستسلم للمرض ولا الإعاقة لكنّه أراد أن يستكمل الطريق، فحفر حروف اسمه من نور في ذاكرة وعشاق محبيه، دعا للتنوير فهوجم هجوما شديدا بسببه، لكنّه أصرّ على دعواه، ذاع صيته في العالم أجمع فعرف بالمبدع الكفيف، وعميد الأدب العربي، حديثنا اليوم، في ذمرى ميلاده عن العلامة طه حسين.  

الكثير منّا على دراية كاملة بعميد الأدب العربي، لن نغفل عن رحلة نجاحه التي بدأها في الصغر، منذ أول يوم أراد فيه أن يتحدى العجز ويصل للعالمية، لن ننسى قصة حبه التي صدّرها إلينا وكانت من أجمل القصص، لكن قليل منّا لم يعلم أنّ الأديب تلقى هجومّا كبيرّا بسبب دعوته للتنوير، وبسبب بعضّا من كتابته، حتى وصل الأمر ببعضهم أن اتهموه بالإلحاد، تخلى عنه الكثيرين ووقف بجواره أيضّا الكثير، كان أبرزهم الشيخ محمد الشعراوي والذي رفض اتهامه بالملحد وسانده أمام الجمييع.

 

وعاش كفيفاً إلى الأبد ويقدّمه البعض على أنه واحدًا من أبرز دعاة التنوير في العالم العربي، وُلِد طه حسين في الخامس عشر من شهر نوفمبر سنة 1889م في محافظة المنيا.

 

الكفر يلاحق العميد قامت عاصفة على طه حسين نتيجه كتابه الأدب الجاهلى, وبرغم التنبيه الذى استهل به طه حسين كتابه، حيث قال "لقد اقتنعت بنتائج البحث في الأدب الجاهلي، اقتناعا ما أعرف أنى شعرت بمثله في تلك المواقف المختلفة التي وقفتها من تاريخ الأدب العربى، وهذا الاقتناع القوى هو الذي يحملنى على تقييد هذا البحث ونشره في هذه الفصول، غير حافل بسخط الساخط ولا مكترث بتزوير المزور وأنا مطمئن إلى هذا البحث وإن أسخط قوما وشق على الآخرين"

 

وما اثار خيفه الكثيرين انه يدرس في الجامعة حينها، واستغل خصوم الدكتور طه حسين، ما جاء في الكتاب من آراء ظنوها زندقة وفلسفة لا مبرر لها، وأحسن استغاله حزب المعارضة لصالح حزب الرجعيين من رجال الدين الذين كانوا يكنون له عداوه وكراهية منذ خروجه على نظام الأزهر.

واتفق جميع معارضيه ومتصيديه، على رأى واحد وهو أن الكتاب فيه كفر وإلحاد، وطالبوا الحكومة بمصادرته، ومنع مؤلفه من التدريس في الجامعة "كى لا يفتن الطلاب بما يبثه من الضلال والفساد"، حسب ادعائهم. " كذّب القرآن ، أنكر القراءات السبع، طعن في نسب النبى، صلى الله عليه وسلم، جميعها اتهامات رمي بها عميد الأدب العربي، نسبوها إليه دون دليل فسروا كتاباته بحسب أهوائهم الشخصية فقط لأجل إثارة الرأي العام وقتها عليه.

 

عميد يرد

لم يشأ أن يرد العميد على كل هذا الانتقاد فى أول الأمر, حتى خرج علينا قائلا: " قيل لهؤلاء البسطاء إنى أطعن في الإسلام فأشهروا الحرب على جميعا، على أنى أقول عاليا إنه ليس في كتابى كلمة يمكن أن تؤول ضد الدين، والعبارة الوحيدة التي يمكن أن أنتقد من أجلها تضع النصوص المقدسة بعيدة عن قسوة المباحث التاريخية".

وفى حوارة مع لمحرر مجلة "الانفورماسيون" الفرنسية، والتي نشرتها مجلة " السياسة الأسبوعية"، صنف خصومه ومنتقديه وقال: "خصومى فريقان، رجال الدين أولا إذا شئت، إنهم يرموننى بالإلحاد على أنى أؤكد أن ثمانية وتسعين في المائة ممن يتهموننى لم يقرءوا كتابى".

مساندة الشعراوي كان الشيخ الشعراوي مساندّا وداعمّا لطه حسين، ففي حديث له عن عميد الأدب العربي قال: "عرفته وأنا لم أزل طالبا صغيرا؛ فقد كنا مولعين بتتبع الأدباء لنقرأ لهم، ويمكن نعمل خميرة لغوية في نفسنا، وأسوة لغوية في الأسلوب، فكان طه حسين من هذا النوع لأنه يتميز بالعرض الفاهم وسلاسة الأداء، ولم يكن يأتي بالمعاني المعقدة ليدخلها في أذان الناس، بل كان يترك المعنى حتى يختمر عنده ويخرج طبيعيا، بعكس كُتاب كثيرين كانوا يحبون أن يتعجلوا الأشياء، فعندما تأتي لأحدهم فكرة يقولها قبل أن تنضج فيأتي عرضها غير سهل"

 

وفى مدح الشعراوى لأسلوب طه حسين "

"وجدان الإعجاب بلغته والإعجاب بأسلوبه، والوجدان الآخر الذي تكون بسبب الشعر الجاهلي، إلا أننا عندما كبرنا أكثر وجدنا أن طه حسين كان علما من أعلام الكتاب في الوفد، وكانت بلدنا كله وفديين، فزاد حبنا له ككاتب سياسي إلى جانب حبنا له في اللغة والأسلوب، ولكن مداخلاته مع العلماء، جعلت له في نفسنا مزيجًا من هذا وذاك"

وكتب الشيخ الشعراوي قصائد كثيرة فقد اعتبر الشاعر فاروق جويدة أن قصيدته في مدح عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين هي من أهم هذه القصائد، مشيرا إلى أنه كان محبا للشعر بكل ألوانه ومدارسه، وإن كان الشعر التقليدي الموزون هو المفضل لديه دائما.

اقرأ أيضا