فقدان الأمل، والأزمات الاقتصادية، وانتشار الفقر والفساد، كلها أسباب ساعدت على تدفق أعداد هائلة من المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي، والفارين من بلادهم الأفريقية بحثًا عن أمان افتقدوه وحلًا لمشاكلهم ظنًا منهم أنها جنة الفردوس التي كانوا يفتقدوها في بلادهم.
هربوا من واقع مرير، ظنًا أنهم سيجدون في تلك البلاد الآخرى، تحقيقًا لأحلامهم الضائعة والمسلوبة في أرضهم، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، واجهوا الصد والنكران والطرد والانتهاكات في حقوقهم، وأصبحوا فريسة لعصابات التهريب للاتجار بهم، وذلك بحسب تقارير أممية أن 27% من المهاجرين الأفارقة الى أوروبا يعانون من سوء التغذية وأمراض متنوعة.
لم تكن هذه الأمور السابقة هي محور الأهتمام، بل المحور الأساسي الذي لابد أن يجد قدرًا كبيرًا من الأهمية، هي تلك النبوءة التي ذكرها الرئيس الليبي "معمر القذافي" منذ سبع سنوات، أن حلف شمال الأطلسي سوف يتعرض لهزيمة "قاسية غير متوقعة" في الواقع القريب.
وهذا ما تحدث عنه الكاتب الألماني "برنشتارد شوارتز" مساء أمس الخميس، في مقاله على وكالة "سبوتنيك" حيث قال إن "الناتو" وأوروبا تعرضا لهزيمة "قاسية" في سبتة"، سبق وتحدث عنها القذافي.
وأن هذه الهزيمة تمثلت في الأعداد الكبيرة من المهاجرين القادمين إلى أوروبا من أفريقيا سيزداد بصورة كبيرة خلال السنوات المقبلة، بعدما سقطت ليبيا، التي كانت تقف كـ"جدار النار" لوقف تدفق اللاجئين المتجهين إلى الاتحاد الأوروبي.
ولكن من الطبيعي تدفق المهاجرين على أوروبا، لأن هذا ما يحدث خلال سنوات طويلة مضت، وهنا يظهر السؤال كيف تتحقق نبوءة القذافي القاسية لأوروبا؟، بين الكتاب "شوارتز" على أن وقوع ليبيا في حالة الخراب والدمار الدائم منذ سنوات، تسببت في فتح أبوب كثيرة لتدفق المهاجرين إلى أروبا، لأن الحياة الاقتصادية في الدولة اللبية، لم تعد كسبيقتها وذلك اعترف العديد من القادة الأوروبيون أن العقيد الراحل، معمر القذافي كان على "حق" في كلماته التي وجهها إلى الاتحاد الأروبي قبل 7 سنوات.
وها نحن الآن نرى تحقيق نبوءة العقيد معمر القذافي، تتحول إلى "واقع" وذلك بعد الهجوم الكبير من المهاجرون الأفارقة الحدود الإسبانية المغربية في سبتة بعنف يوم 26 يوليو من الشهر الماضي، ورغم أن قضية الهجرة من افريقيا الى أوربا لقيت صدى واسع من قبل الاتحاد الاوربي حيث اتخذت دول الاتحاد جميع الخطط والتدابير للحد من وقف المهاجرين غير الشرعيين الى اراضيها وعقدت الصفقات مع الدول التي تعد محطات المهاجرين نحوا القارة العجوز فقد عرضت مبلغ 610 يورو على النيجر التي تعد من أهم محطات المهاجرين الى أوروبا للحد من الهجرة غير الشرعية.
ولكن لا مفر فهولاء المهاجريين كانوا يعانون من اليأس والجوع، وظلوا سنوات طويلة على استعداد للمخاطرة بحياتهم وحياة أي شخص آخر للوصول إلى أوروبا، وهذا يعد التفسير الوحيد لوحشيتهم الصادمة ضد الشرطة، ما يجعلها تدق أجراس الإنذار من ضرورة تقديم خطة عمل ملموسة، وإلا فهذا الخطر سيؤدي إلى عنف مدمر وفوضى في قلب أوروبا".
يذكر أن "القذافي" قد أطلق تحذيرًا عشية غزو "الناتو" إلى ليبيا في عام 2011، عندما قال: "الآن اسمعوا يا أهل الناتو، أنتم تقصفون جدارًا يقف في طريق الهجرة الأفريقية إلى أوروبا، وفي طريق وصول إرهابيي القاعدة إليكم، كان هذا الجدار هو ليبيا، وأنتم الآن تكسرونه".