الخامسة فجرًا، صراخ وعويل، الهدوء يعم أرجاء المكان، سوى صوت الأمواج أثناء ارتطامها بالشاطئ، على مرمى البصر يد تظهر وتختفي، تحاول الاستغاثة، تضرب الأمواج بعنف، وكأن أحدهم يسحب صاحبها من قدميه، شعاع شمس خفيف، بدأ الصراخ ينخفض تدريجيّا، شخصان هرول مسرعين نحو الشاطئ، قفزا في المياه بشكل سريع، يبدوا على ملابسهم أنّهم إحدى فرق الإنقاذ المتواجدة، اختفت اليد بالمياه نهائيّا وصمت الصراخ، فيبدوا أنّ من كان يستغيث فقد الأمل واستسلم لمياه البحر، لتجره بعيدًا.
«شاطئ النخيل» أحد شواطئ منطقة العجمي بالإسكندرية، يشهد هذا الشاطئ العديد من حوادث الغرق، آخرها حادثة غرق 6 أشخاص أمس، من محافظات مختلفة، ولم تكن هي الحادثة الأولى من نوعها فالشاطئ يشهد منذ مايقرب من عامين العديد من تلك الحوادث، مما دفع البعض للمطالبة بغلقه للحفاظ على أمان وسلامة المواطنين، إلّا أنّ القائمين على الشاطئ والمسؤولين بمحافظة الإسكندرية كان لهم رأي آخر في هذا الأمر.
في هذا التقرير نستعرض أبرز الحلول التي وضعها المسؤولون والأسباب الرئيسية وراء استمرار عمليات الغرق في شاطئ النخيل:
البداية كانت مع محافظة الإسكندرية وعلى لسان المسؤول الإعلام، للواء أحمد حجازي، مسؤول المصايف والشواطئ بالمحافظة، ذكر أنّ من يتحدث عن إغلاق الشاطئ، فهو ليس بالحل بالأمثل، فالشاطئ يتوفر به لافتات بها علامات إرشاد للجميع، بالإضافة إلى وجود منظومة إنقاذ ما يقرب من 28 عامل إنقاذ، بالإضافة إلى 9 عمال مراقبة وأدوات إسعاف ، بالإضافة إلى نقطة نجدة.
وأضاف المسؤول الإعلامي أنّ جميع الحالات التي تم غرقها، منذ شم النسيم الماضي وحتى أمس، جميعها كانت في المياة من الثالثة فجرًا وحتى الخامسة، أي في غير الأوقات المخصصة للنزول، موضحًا أن هذا الشاطئ يعد من الشواطئ الخطرة، بسبب ارتفاع الأمواج والدوامات به.
وأكّدت على أنّ محاضر أهالي الغرق التي تمّ تسجيلها في الأيام الماضية، جميعها ثبتت في الخامسة فجرًا، لذا لا يوجد فرق إنقاذ على الشاطئ في هذا الوقت، فميعاد تواجدهم على الشاطئ يبدأ في الثامنة صباحًا، حتى في حال منع البعض من النزول بسبب الأمواج المرتفعة والدوامات، تحدث مشادات بين المواطنين وعمال الشواطئ، لاعتراضهم وإصرارهم على النزول حتى في حال الجو السيئ.
وتابع أنّ البعض تحدّث عن عدم صلاحية حاجزات الأمواج وطالبوا بتغييرها، لكن الحقيقة أنّ تلك الحواجز من الممكن أن تكلف حوالي 200 مليون جنيه، والمتواجدة حاليا صالحة بشهادة المسطحات والخبراء المختصين، لكن ما يحدث أنّ كل خص نصب نفسه حكمًا في الواقعة، بالإضافة إلى أنّ الجميع يتحدّث عن السلبية فقط، لكن حالات الإنقاذ التي تتم لا يتحدث عنها أحد، فأمس تمّ إنقاذ حوالي 10 أنقاذ، ولو تم غلق الشاطئ فهل ستنتهي الكارثة بالتأكيد لا .
وفي بيان لها خرجة جمعية 6 أكتوبر والتي يتبع الشاطئ لها، لتؤكد على أن لديها منظومة إنقاذ علي أعلي مستوي تديرها شركة الخبير البحري محمد المنصوري ، وممثله في وجود ٢٥ غطاس منتشرين بطول الشاطئ و٣جيت سكي، بالإضافة إلي ٢ جيت اخرين تتحمل تكاليفهم الجمعيه ،كما تم تحديد مناطق أمنه السباحه وقيام افراد الامن بمحاولات منع المصطافين من النزول الي البحر في الصباح الباكر .
وشددت الجمعية، علي ان حالات الغرق التي شهدها الشاطئ جاءت جمعيها في الساعات الأولي من الصباح وقبل مواعيد العمل الرسمية، ورفضهم الانصياع للتعليمات بل وصل الأمر الي التشاجر مع افراد الأمن الموجودين لمنعهم من النزول،بالإضافة الي وجود لوحات إرشادية بمنع النزول خاصة يومي الجمعه والسبت.
وأوضحت الجمعية انه يوجد بطول الشاطئ لوحات ارشادية بالتعليمات ووحده اسعاف وطبيب مقيم وعمال، بالإضافة للأمن ولكن كثرة اعداد المصيفين تؤدي الي عدم الالتزام بالتعليمات خاصه رحلات اليوم الواحد ، مناشدة محافظ الاسكندرية سرعه إنهاء إجراءات تفعيل بوابات المدينة للحد من رحلات اليوم الواحد ومنع المصيفين من الدخول الي القرية من المنبع في حالات الخطر .
وتؤكد الجمعية حرصها علي حياة المصطافين ولكن سلوكيات البعض منهم يؤدي الي حالات الغرق ويؤذي أعضاء المدينة ،كما ان الحواجز الخاصة بالأمواج ليست السبب الرئيسي في الغرق، كما يتم الإدعاء ،خاصة وان عدد من شواطئ المدينة شهدت حالات غرق مماثلة .
ومن جانبه قال باسم حلقة، نقيب السياحيين، أنّه ليس من اختصاص وزارة السياحة محاسبة القرية لأنها ليست مسجلة سياحيّا ،جمعيات الخاصة وهي المشرفة عليها.
وتابع بأنّه من المفترض وجود جهاز مختص لعمليات الإنقاذ، بالإضافة إلى وجود تعليمات يجب على الجميع اتباعها قبل النزول، لكن للأسف فهناك الكثير من السلوكيات الخاطئة من المصطفين وخصوصا الشباب، بشأن تحديهم الأمواج متصورين أنهم بذلك يصنعون بطولات ذاتية لهم، والنتيجة هي الموت غرقا ، لذا يجب على الجميع تنفيذ قوانين الغطس والالتزام بالإشارات والتعليمات.
واتفق معه اللواء أحمد بسيوني ، سكيرتير عام محافظة الإسكندرية، بأنّ هناك علامات تنبيه على الشواطئ تحذر المواطنين من الأمواج العالية، لكن المشكلة في السلوك العام، فبالرغم من وجود أماكن بها دومات مرتفعة، مما يؤدي إلى وجود أيضًا ارتفاع في عمليات السحب، وهذا الأمر طبيعة الشاطئ والمياة، لكن الكثير لا يفهمون هذا الأمر ويقومون بالنزول للمياه.
وأكد على أنّ المحافظة ستعيد متابعة الإجراءات مرة ثانية مع مسؤولي الشاطئ، وفي حال وجود مخطئ بالتأكيد ستتم محاسبته.