إلى دعاة ”الثانوية العامة”.. أفلا تعقلون يا أولي الألباب؟

الجمعة 13 يوليو 2018 | 08:47 مساءً
كتب : السيد موسى

في البداية أبارك وأهني جميع أخواني وأخواتي طلاب وطالبات الثانوية العامة على مرور مرحلة مهمة في حياتهم مرحلة التمهيدي لبداية الحياة ليست إلا، وأؤكد أنهم انتهوا فقط من التمهيد، لذا يجب أن يفوقوا لما هو آتٍ.

للآسف الغالبية "بتبدأ تفنيخ" بعد مرحلة الثانوية، ويرون أنهم أصبحوا طلاب جامعيين، انتهوا من مرحلة الطفولية وحان لهم التمرد والتحرر من كل ما هو قديم من فكر ولبس وشكل حتى التربية نفسها الغالب يتركون الأخلاق ويتسارعون في أن يكونوا شباب "بيس آخر حاجة"، وأمن المرحلة الأهم مما سبقوها هي مرحلة الـ"بيس"، وليست مرحلة تكوين شاب نافع طموح خلوق!، كلامي من واقع أعيشه وأتابع تلك المشاهد الهزلية التي تحدث حولي "ومتكنش طالب جامعي بيس غير لو شيشت من عند كركور"، ولا أجزم أنها أفعال كل الطلاب.

على العموم لن أفسح في هذا كثيرًا حتى لا نخرج عن موضوع هو الأهم والأنسب لتلك الأيام، فهناك أمر يشغلني منذ أمس الخميس وقت إعلان النتيجة، أحببت أن أشارك أولياء الأمور وأنوههم بتلك القضية الخطيرة، "بلاش تذل ابنك وتضيع عليه الفرحة"، ربما كنت يومًا جزءً من مشهدٍ مشابه لتلك، حينما دخلت مصدوم على أهلي يوم إعلان نتيجة الثانوية، التي عرفتها بعد ذلك بـ"فنكوش الثانوية"، وكانت أول كلمة سمعتها "قدر الله وما شاء فعل إنت عملت اللي عليك ومش عاوزين نشوفك زعلان أفرح وهيص إنت ناجح.. ومش تقرفنا إحنا فينا اللي مكفينا، كننا نعملك إيه أكتر من كده مش عارفين نوري الناس وشنا إزاي!".

الجزء الأول من الرسالة ربما كان مهدئً قويًا لطالب ربما يكون مصدوم، إلا أن مسكناته بمجرد سماع الجزء الثاني تنهضم تمامًا وتتبخر، شعورك بأنك خذلت والديك ووضعت وجههما في الأرض، أمر ليس بالهين على أي طالب حتى وإن كان "جبلة"، فالكلمة كفيلة أن تدفع طالب للانتحار وهو ما حدث في بعض الحالات بالفعل على مدار السنوات الأخيرة، إلا أن الانتحار ربما يكون "أفورة"، إلا أننا لا بد وأن نتفق على أنها تؤثر في نفسية الطالب بشكل أو آخر، وهو ما يجعل الطالب يعتكف في بيته حتى وإن كان فرحان بنهاية مرحلة من حياته ويريد أن يستعد لمرحلة جديدة يحبطوه ويشعره بالفشل.

"ومن الغرفة للمسجد ومن المسجد للغرفة".. هكذا يصبح الحال لفترة كبيرة بعد ظهور النتيجة، وربما يصاب بعضهم بحالات من الاكتئاب من مكثه بين أربعة جدران لا يحب أن يسمع احد ولا يطيق أي كلام يقال من أي شخص حتى وإن كان أقرب شخص له في حياته، فهو يشعر بخيبة الأمل، ويتكرر أمامه المشاهد المؤلمة في تلك السنة التي جعلناها نحن مصيرية، وكلها للآسف مفاهيم خاطئة، فالثانوية ما هي إلا مرحلة، وليست هي تحديد المصير، كما أنها لن تتحكم في مستقبل أحد، إلا لمن جعلها كذلك.

للآسف كل هذا الزيف ما تسبب فيه إلا مصطلح لزائف "القمة"، تلك الكلمة التي من صنع الأهالي والطلاب، أي قمة التي يتحدثون عنها وأي قانون وضع هذه في القمة، فقط هي مسميات ما انزل بها من سلطان، "لا دين ولا قانون قال كده!"، ويكتمل "الشلل" حينما تجد المدرسين أنفسهم يهنئون أولئك المتوقع لهم "القمة" المصطنعة، وهو ما يكمل من دائرة الاكتئاب والأذى عند الطلاب الذين "خذلوا أولياء أمورهم!"، فكل شخص كان يريد أن يشكره المدرسون ويشيدون بما قدمه في الثانوية، فقليلًا ما يرون أنفسهم مقصرين، أما الغالبية فيرون أنهم قاموا بدورهم على أكمل وجه، لذا أقدر اجتهاد الأوائل وأحترم نجاح الباقين.

لماذا يتغافل المدرسين الفضلاء أن هناك ما يسمى بـ"القدرات"، ولماذا يحكمون على هذا بالفشل وذلك بالنجاح وكأنهم ملوك منزهين نزلوا من السماء، أحب أن أفكركم بأمر عظيم تخذلون الطلاب به "أنتم أساتذتي وأبائي، ولكنكم ألتحقتم بكلية تربية وهي ليست موجودة في قمة وضعتموها أنتم، فإن كنتم ترون أن الطلاب الذين لم يحصلوا على القمة فاشلين فاتمنى أن تراجعوا أنفسكم!، ولا أقصد تجريحًا أو إهانة لشخصكم إلا أنكم بالفعل جزء من مشهد عبثي ليس له تفسير ولا تأويل"، ارحموا الطلاب يرحمكم الله وباركوا لجميع من نجح بانتهائهم من تلك المرحلة.

أخيرًا أذكركم جميعًا يا دعاة "فنكوش الثاااااااااااانوية العااااااااااااااامة"، بأن تنظروا إلى من حولكم من أمثلةٍ صدقوا أنهم التحقوا بالقمة ففشلوا بالكليات وفشلوا في عملهم بعد انتهاء جامعتهم، فكم من أناس دخلوا الهندسة من أصدقائي ولم يوفقهم الله عامين في الفرقة الأولى فنفذوا، والتحقوا بكلية شرعية وهم فاشلون فيهم، وكم من مريض خرجت روحه في يد طبيب، وكم من مهندس تسبب في انهيار عقار وكثيرًا ما هم، وكم وكم والأمثلة كثيرة، ممن فشلوا من هؤلاء المؤمنين بـ"القمة".

وأبرئ نفسي من أولئك الطلاب الذين سيأخذون كلماتي على أني أنصفهم على أهلهم حتى وإن كانوا مقصرين، فهناك بالفعل طلاب مقصرين، حديثي لمن تم ما عليه من واجبات بالفعل ولم يوفقه الله أو قدراته لم تمكنه من الالتحاق بكلية كان يحلم بها حتى وإن كانت "تمريض" لا أقصد القمة إطلاقًا، فما أعرفه عن القمة النجاح في حياتك، وحياتك لم تنتهي بانتهاء مرحلتها التمهيدية، الفشل الحقيقي هو إيمان وصولك للقمة بتلك المحطة التي ربما تكون الأولى.

وأخيرًا أنوه إلى شيء غاية في الأهمية، لا يوجد شخصان يختلفان على نجاح اللاعب المصري الدولي محمد صلاح، لاعب ليفربول الإنجليزي، اللاعب الطموح الذي رفع علم بلاده على أرض الإنجليز، فأمن بحلمه وأمن الناس به، "صلاح" الذي علم الجميع الحلم والتحليق في السماء بأحلامهم خريح ثانوية "صنايع" بمجموع 52% فـ"أفلا تعقلون يا أولي الألباب؟".

اقرأ أيضا