مخاوف من تفاقم ”الفجوة الغذائية” بمصر.. وخبراء: لا بد من وضع آليات لتجاوز آثار الزيادة السكانية

الاثنين 09 يوليو 2018 | 05:06 مساءً
كتب : مي وجدي

بعد البيان الذي ألقاه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء أمام مجلس النواب، الأسبوع الماضي، حول برنامج الحكومة الجديدة خلال السنوات الماضية، أبدى عدد من أعضاء البرلمان مخاوفهم إزاء تصاعد أزمة الفجوة الغذائية في مصر، ومن بينهم النائب رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، الذي صرح قائلًا إن مصر تعاني من فجوة غذائية تقدر بحوالى 60% من حجم الإنتاج، وهو الأمر الذي يهدد أمن البلاد الغذائي، وذلك في كلمته خلال اجتماع اللجنة لمناقشة البيان.

 

بمطالعة آراء خبراء الري، فقد أرجعوا تلك الأزمة إلى الزيادة السكانية المتواصلة، منوهين بضرورة وضع آلية مُحددة وفقًا لجدولٍ زمني في المستقبل من قبل الحكومة، لمعالجة تلك الأزمة.

 

«الفجوة الغذائية مشكلة مزمنة» هكذا بدأ الدكتور جمال محمد صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، الذي قال إن الفجوة الغذائية في مصر مشكلة ممتدة منذ فترة طويلة وتتزايد، حيث أنها بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي، وذلك بسبب أن الإنتاج أقل من الاستهلاك، ولذلك يتم استيراد ما يحتاجه الشعب من الخارج.

 

وأضاف في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم» أن من أسباب هذه الأزمة أيضًا الزيادة السكانية التي تعاني منها مصر، حيث أن عدد السكان كان في السبعينات لم يتجاوز 25 أو 30 مليون نسمة، أما الآن وصلت النسبة إلى 100 مليون نسمة، في الوقت الذي لا يحدث فيه أي زيادة في مساحة الأرض والتي تقدر بحوالي 8 مليون فدان، أو نسبة المياه والتي تقدر بحوالي 55.5 مليار متر مكعب من حصة نهر النيل، والتي تعاني هي الأخرى من عجز وصل إلى 30 مليار متر مكعب، بالإضافة إلى وجود سد النهضة، أي أن السكان أكبر بكثير من الموارد المتاحة، والتي تزداد بنحو 2 % سنويًا.

 

وأوضح «صيام» أن مصر تستورد جميع محاصيل الحبوب من القمح والأرز والذرة والفول والبذور الزيتية والسكر، وفي المقابل تصدر فقط الفواكة والخضروات، وفي المقابل تستورد 60%، وتنتج فقط 40%، منوهًا بأنه تم مؤخرًا إصدار قانون لخفض مساحة زراعة الرز مما سيعمل على حفظ نسبة المياه بمقدار مليار ونصف متر مكعب، مما سيجعلنا نستورد مليون طن.

 

واستكمل حديثه مشددًا على أن هذه الفجوة يمكن أن تزداد مستقبلًا، ولذلك مواجهة هذه المشكلة من خلال بحث الحكومة عن مصادر أخرى، منها إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصحي، وتحلية مياه البحر وتنقية مياه الصرف الصحي، والتي تحتاج إلى تكاليف عالية وطاقة كبيرة، بالإضافة إلى ترشيد استخدام المياه، ورفع انتاجية الأرض والمياه، منوهًا إلى أن الحكومة لا تولي اهتمامًا للبحوث الزراعية والمائية، ولذلك هى تحتاج إلى دفعة كبيرة في هذا الاتجاه.

 

واتفقت معه في الرأي الدكتورة رشا الخولي، عميد كلية الهندسة بجامعة هليوبوليس وخبيرة هندسة المياه التي أوضحت أنه طالما هناك ندرة في المياه فإننا سنواجه مشكلة في الغذاء، مشيرة إلى من أسباب هذه الأزمة ايضًا الزيادة السكانية بمصر، وعدم زيادة حصة البلاد من المياه، فضلًا عن بناء سد النهضة.

 

وأضافت في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم» أن من أسباب ظهور مشكلة الفجوة الغذائية في البلاد هو الرغبة في التوسع في استصطلاح الأراضي، ومشروع المليون ونص فدان، وهذا كله أدى لعدم توافر المياه، المر الذي ادى لعدم كفاية المحاصيل الزراعية للمواطنين.

 

واستكملت حديثها، موضحةً أن الرز هو أكثر المحاصيل الزراعية التي تستهلك المياه، مضيفة أنه يجب أيضَا الانتباه إلى المحاصيل الزراعية التي تستخدم المياه بشكل أقل من غيرها كالبطاطس والطمام.

 

وتابعت أنه يجب العمل على التوزان بين المحاصيل الإستراتيجية كالقمح والذرة، والخضار الذي يستخدم كميات أقل من المياه، بحيث تكون المحاصيل الزراعية التي تستخدم كميات كبيرة من المياه هي الأنواع التي يتم استيرادها من الخارج، منوهة إلى ان هناك نظرية تسمى «كمية المياه الاسترادية» والتي تعتمد على قياس كمية المياه التي يستهلكها محصول معين، ولو كانت الكمية كبيرة يتم عندها استيراد هذا المحصول، وفي المقابل يجب أن يتم التوسع في المحاصيل التي تستهلك كميات قليلة من المياه.

 

ونوهت أيضًا بأن عملية التوسع في الاستصلاح يجب ألا تكون مطلقة، وذلك لأنه يستخدم المياه الجوفية بكمية كبيرة، والتي تعد مصدر غير متجدد، وذلك يجب أن يتم استخدامها بشكل آمن أي أن يتم استخدامها بشكل متوازن حتى تستطيع ان تغذي الآبار، كما يجب أن يتم التوجه إلى المحاصيل التي تستخدم المياه المعاد استخدامها سواء كانت هذه المياه من المصارف الزراعية، أو مياه الصرف الصحي المعالج.

 

لتختتم: إلى جانب ذلك، هناك أيضًا إمكانية الاتجاه إلى تحلية مياه البحار كالسعودية والخليج، والتي يمكن من خلالها تغطية جزء بسيط من العجز، ولذلك يجب أن يتم دعم الأبحاث العلمية الذي يبحث عن الطرق الرخيصة في التحلية، والتي تستخدم طافة قليلة، وذلك لمقاومة الفجوة الغذائية التي يمكن أن تحدث في البلاد من خلال خطة مدروسة متكاملة تشترك فيه جميع الوزارات وذلك ضمن رؤية «مصر 2030».

اقرأ أيضا