"ولسه بيجري ويعافر، ولسه عيونه بتسافر، وقلبه لم يتعب من المشاوير".. كلمات تغنى بها الكنج محمد منير، يصف بها نهر النيل العظيم، ولكنها أصبحت اليوم واقع يطبق على سيدة، ظلت 7 سنوات تسافر من بلد إلى أخري، تبحث عن فلذة كبدها الذي فقدته في عام 2011، لم تعرف اليأس يومًا، بل ظل قلبها يخبرها أن نجلها مازال حيًا، فصارت وراء مشاعرها التي لم تكذب عليها في الوصول إلى ما تريد.
أحداث كثيرة وثورة قام بها الشعب في مختلف المحافظات، في عام 2011، خرجت السيدة بصحبة طفلها، لكي تنتفض وتتخلص من ظلم خنق أعناقها قرابة 30 عامًا، شوارع ممتلئة بالثوار، وأعلام مصر ترفرف في كل مكان، يهتف الجميع في صوت واحد، من بينهم السيدة الممسكة في يدها طفلها الصغير، الذي تعلمة معاني الوطنية، ولكن غالبًا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وتأتي ضربة شبابية أثناء الهتافات، فتفرق بين الأصابع المشبكة في بعضها، بين الأم وطفلها الصغير وفي لحظة اختفى الطفل في وسط الزحام، حتى لا تعلم والدته أين ذهب، تعالت الأصوات، وتساقطت الدموع، ولكن لا مناجي ينجيها من محنتها.
بدأت حكايات الألم والمرار، منذ 7 سنوات، في عربات طويلة مفتوحة من كل أتجاة، تمر فوق قضبان حادة، بداخلها أشخاص غريبين يعيشون كأنهم في عالم أخر لا يخرجون من القطار مستوطنين في جانبي العربات، دخل الطفل بين هؤلاء ولكن مر الوقت سريعًا حتى صار واحدًا منهم لا يفارقهم، أصبح القطار الطويل بمثابة منزله، ينام كل حين ويصحى في بلد غير التي كان فيها، وظل حاله هكذا في سنوات الحزن والألم، فعمره صغير لا يدرك كيف يعود إلى أمه، وأين كان منزله، كل هذه أمورًا لا يدركها، ولكن كان الأمل يرسم له أنه يومًا سوف يلتقي بوالدته، نفس الأمل الذي كان يراودها كل حين ولم تهدأ حتى عثرة عليه.
بعد سنوات ضاعة من عمره، تساقطت فيها دموع الفراق، وهاجت مشاعر الحنين إلى لقاء حبيبته، حان وقتها بعد كل هذه الأيام، ويكتب القدر سطور الفرح من جديد لأمة الحزينة على فراقة، حيث تمكنوا قوات مباحث قسم شرطة الأقصر من العثور عليه، بالإجراءات تبين أنه من منطقة الهرم، ومحرر بغيابه بمحضر عن طريق والدته منذ عام 2011.
كانت قد تمكنت مباحث قسم شرطة سكك حديد الأقصر من ضبط الطفل، أثناء استجداء جمهور الركاب داخل أحد القطارات خلال توقفه بمحطة سكك حديد الأقصر.
وتبين أن الطفل يدعى "س.ع" 15 سنة، وبفحصه تبين أنه محرر بغيابه محضر عن طريق والدته بقسم شرطة الهرم منذ عام 2011 ، وتم استدعاء والدته واستلمته.