صديق تاور في حوار خاص لبلدنا اليوم: استعادة الجيش للخرطوم نقطة تحول.. والحل في وقف الحرب

الثلاثاء 08 ابريل 2025 | 09:34 مساءً
صديق تاور
صديق تاور
كتب : أحمد عطا

 يشهد السودان تطورات ميدانية وسياسية متسارعة، حيث تمكن الجيش السوداني من استعادة مواقع استراتيجية كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع، مما قد يعيد تشكيل ميزان القوى على الأرض. وفي ظل استمرار الأزمة، تتكثف الجهود الدبلوماسية، وعلى رأسها المساعي المصرية لإنهاء الحرب ودفع الأطراف نحو تسوية سياسية تحافظ على وحدة السودان وسلامة شعبه. في هذا الحوار، يوضح الدكتور صديق تاور، عضو مجلس السيادة السوداني السابق، أبعاد هذه التطورات وتأثيرها على المشهد السوداني.

س: ما أبرز المواقع الاستراتيجية التي استعادها الجيش السوداني؟ وما دلالاتها العسكرية؟

د. تاور: الجيش السوداني نجح في تحقيق تقدم ميداني مهم داخل العاصمة الخرطوم، التي ظلت تحت سيطرة قوات الدعم السريع لمدة عامين. ومن بين أبرز المواقع التي استعادها: القصر الرئاسي، الوزارات الاتحادية، والمراكز الإدارية الأساسية، وهي مواقع ذات أهمية سيادية وإدارية. الخرطوم ليست مجرد عاصمة، بل هي القلب النابض للدولة، والسيطرة عليها تمثل تحوّلًا استراتيجيًا يمنح الجيش ميزان قوة لصالحه، مما قد يؤثر على مسار المعارك المستقبلية.

س: ما أهمية هذا التقدم من الناحية الرمزية بالنسبة للجيش السوداني؟

د. تاور: استعادة الجيش للخرطوم لا تقتصر فقط على الجانب العسكري، بل تحمل دلالات رمزية كبيرة. طوال العامين الماضيين، تعرض الجيش لتحديات ونكسات في عدة مناطق، مما أثر على صورته كمؤسسة وطنية. ولكن هذا التقدم الأخير أعاد له الهيبة والاعتبار، وعزز ثقة الضباط والجنود في قدراتهم. كما أنه طمأن المواطن السوداني بأن الجيش لا يزال قادرًا على حماية الدولة واستعادة دوره كمؤسسة مهنية قادرة على الحفاظ على الاستقرار.

س: كيف تنعكس هذه التطورات على الأوضاع الإنسانية في السودان؟

د. تاور: للأسف، السودان يعيش واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية عالميًا. الحرب المستمرة أدت إلى انهيار مظاهر الدولة في جميع المناطق، سواء الخاضعة لسيطرة الجيش أو الدعم السريع أو الجماعات المسلحة الأخرى. هناك غياب تام للأمن، وشلل في المؤسسات الرسمية، وصعوبة في إيصال المساعدات الإنسانية. ما يزيد الوضع سوءًا هو تعرض العاملين في الإغاثة للمخاطر، وفقدان المواطنين للاستقرار والأمان. الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو وقف الحرب بشكل جذري والاتجاه نحو حلول سلمية حقيقية، بدلاً من الاستمرار في المواجهات العسكرية التي لا تزيد إلا من معاناة الشعب السوداني.

س: في ظل استمرار القتال، كيف ترى مستقبل السودان؟

د. تاور: استمرار الحرب بهذا الشكل يضع السودان أمام سيناريوهات مقلقة. المعارك الحالية تعتمد على تكتيكات الكر والفر، حيث يتراجع الدعم السريع من مناطق ويتقدم في أخرى مثل دارفور، الشمالية، ووسط السودان. هذا الوضع يطيل أمد الصراع ويؤدي إلى مزيد من الدمار. السيناريو الأسوأ هو أن يستمر الوضع دون حسم واضح، مما قد يدفع البلاد نحو التقسيم، على غرار ما حدث في ليبيا أو اليمن. ولذلك، من الضروري أن يكون هناك تدخل حاسم لإنهاء النزاع وليس مجرد إدارة للأزمة.

س: كيف تقيّم الجهود المصرية في حل الأزمة السودانية؟ وما المطلوب لتعزيزها؟

د. تاور: مصر كانت من أوائل الدول التي تحركت لحل الأزمة السودانية، حيث نظمت قبل عام مؤتمرًا للقوى السياسية السودانية، والذي خرج بتوصيات مهمة لوقف الحرب. هذا المؤتمر كان ناجحًا إلى حد كبير، إذ وافقت 90% من القوى السودانية المشاركة على مخرجاته، لكن المشكلة أن المتابعة لم تكن بالفعالية المطلوبة. المطلوب الآن هو استئناف هذه الجهود، تطويرها، والتعامل مع جميع الأطراف بطريقة متوازنة. مصر يمكنها لعب دور حاسم في دفع الأطراف نحو الحوار بدلاً من الرهان على الحسم العسكري، فالسودان بحاجة إلى حل يحافظ على وحدته ومؤسساته، وليس إلى مزيد من النزاعات التي قد تؤدي إلى تفككه.

اقرأ أيضا