في حديث خاص لصحيفة "بلدنا اليوم"، أكد الدكتور أيمن البراسنة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة الأردنية، أن تصويت "الكابنيت" الإسرائيلي على إنشاء هيئة لإدارة الهجرة من غزة يُعد تطورًا خطيرًا يحمل في طياته توجهًا واضحًا نحو تصعيد السياسات الهادفة إلى دفع السكان للهجرة الطوعية أو القسرية.
وأشار إلى أن قوات الاحتلال تستمر في فرض الحصار على قطاع غزة وتعزيز الضغط العسكري لتحقيق هذا الهدف.
النوايا الإسرائيلية
وأوضح الدكتور البراسنة أن تصريحات وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، بعد قرار المصادقة، تكشف النوايا الإسرائيلية الواضحة لفرض الضم والسيادة الرسمية على الضفة الغربية، حيث صرح قائلًا: "هذه خطوة مهمة نحو الضم والسيادة الرسمية، نقود ثورة لتحقيق أمانينا بتطبيع وشرعنة المستوطنات".
ولفت إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة في شمال الضفة الغربية، بما في ذلك مناطق جنين وطولكرم وطوباس، تأتي في إطار خطة إسرائيلية منهجية لتنفيذ سياسة الضم وتصفية أي وجود مقاوم يعارض الاحتلال.
وشدد الدكتور البراسنة على أن هذه التحركات الإسرائيلية هي جزء من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى خلق واقع جديد على الأرض قبل أي مفاوضات مستقبلية.
ولفت إلى أن الاحتلال يسعى إلى تقليل الوجود الفلسطيني من خلال تهجير قسري ممنهج، وهو ما يعكس محاولة لتكرار نكبة 1948 بصورة أوسع وأشد وطأة.
وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى للانتقال من سياسة الفصل العنصري إلى سياسة التطهير العرقي عبر استهداف المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، بهدف القضاء على حق عودة اللاجئين، حيث تُعد هذه المخيمات رمزًا حيًا للنكبة وحق العودة.
ونوّه الدكتور البراسنة إلى أن تصويت "الكابنيت" الأخير ينسجم مع هذا النهج، حيث تم الاعتراف بـ 13 مستوطنة ككيانات مستقلة، ما يمهد عمليًا لفرض الضم الميداني.
وأشار إلى تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي التي تؤكد نية الاحتلال السماح لأي فلسطيني من غزة بالهجرة طوعًا إلى دول ثالثة، ما يعكس مسعى واضحًا لتفريغ القطاع من سكانه.
وأوضح أن البيان الصادر عن اجتماع القاهرة مؤخرًا يحمل أهمية بالغة، خاصةً أنه جاء كرد فعل مباشر على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي طالب الأردن ومصر بقبول انتقال أهالي غزة إليهما.
كما بيّن أن البيان رفض هذا الطرح بشدة، انسجامًا مع موقف عربي رافض لتهجير الفلسطينيين، مؤكدًا على ضرورة إقامة سلام عادل وشامل في المنطقة.
وأشار الدكتور البراسنة إلى أن رؤية ترامب في ولايته الأولى عبّرت عن مشروع صفقة القرن، الذي سعى إلى إنشاء حكم ذاتي فلسطيني تحت السيادة الإسرائيلية، مع العمل على تهجير الفلسطينيين.
وأوضح الدكتور أيمن أن الموقف الأردني والمصري الصلب أفشل تنفيذ هذا المخطط.
وأكد أن معضلة الاحتلال الأساسية تتعلق بالتركيبة الديموغرافية، حيث يعيش سبعة ونصف مليون فلسطيني داخل الأراضي المحتلة، ما يهدد حلم الكيان بإقامة دولة يهودية خالصة.
وأضاف أن قانون القومية اليهودي، الذي أقره الكنيست عام 2018 واعتُبر بمثابة قانون دستوري، يؤكد يهودية الدولة ويُكرّس التمييز ضد الفلسطينيين.
وشدد الدكتور البراسنة على أن التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية يهدف إلى إنكار حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة.
ولفت إلى أن سيناريو التهجير القسري ليس جديدًا، لكنه يكتسب زخمًا جديدًا مع عودة ترامب واحتمال دعمه مجددًا لطروحات اليمين الصهيوني.
واختتم البراسنة حديثه بالتأكيد على أن الدول العربية مطالبة بالتحرك بشكل جماعي وفردي للتصدي لهذا السيناريو الخطير.
وشدد على أن تهجير الفلسطينيين، سواء من غزة إلى سيناء أو من الضفة إلى الأردن، يعني ترحيل المشاكل الأمنية والجيوسياسية إلى الدول المجاورة، ما يُشكل خطرًا استراتيجيًا لن تقبل به عمّان والقاهرة، وستظل مواقفهما حازمة في رفض هذا المخطط.