يشهد لبنان اليوم حدثًا بارزًا يتمثل في مراسم تشييع قيادات سياسية بارزة، وسط حضور رسمي وشعبي واسع وإجراءات أمنية مشددة.
يشارك في التشييع وفود من عدة دول، ما يعكس الأهمية السياسية والإقليمية لهذه المناسبة.
وتأتي هذه المراسم في ظل أجواء متوترة، حيث تتجه الأنظار إلى تداعيات الحدث على الساحة اللبنانية والإقليمية.
أكد أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الألمانية الأردنية، بدر الماضي، في حديث خاص لصحيفة "بلدنا اليوم"، أن تشييع حسن نصر الله يحمل بعدًا يتجاوز كونه مجرد مراسم وداع، مشيرًا إلى أنه يمثل محاولة لإعادة إنتاج حزب الله سياسيًا واجتماعيًا.
وأوضح أن الهدف الأساسي هو التأكيد على استمرار الحزب في المشهد السياسي والاستراتيجي، رغم الضربات التي تلقاها خلال السنوات الأخيرة.
رسائل داخلية وإقليمية متعددة
ولفت الماضي إلى أن التشييع يحمل رسائل داخلية واضحة للبنانيين، حيث يسعى الحزب إلى إثبات أنه لا يزال جزءًا أساسيًا من اللعبة السياسية في البلاد، رغم التغيرات التي طرأت على المشهد.
كما شدد على أن الرسالة الإقليمية موجهة إلى الشيعة في المنطقة، مفادها أن ما يحدث في لبنان هو محاولة لشد العصب الشيعي مجددًا، وضمان استمرار الدعم لحزب الله وأجندته الإيرانية.
تغير موازين القوى داخل لبنان
وأشار الماضي إلى أن الواقع السياسي اللبناني يشهد تحولًا واضحًا، حيث لم يعد حزب الله بالقوة التي كان عليها قبل عام 2024.
وأوضح أن تصفية القيادات العسكرية والسياسية البارزة داخل الحزب كان لها تأثير كبير على ديناميكياته الداخلية، مضيفًا أن عودة الجيش اللبناني إلى الجنوب حدّت من قدرة الحزب على التحرك بحرية كما في السابق، ما جعله يفقد إحدى أبرز ذرائعه، وهي حماية الحدود الجنوبية للبنان.
ضعف المشروع الإيراني وانعكاساته على الحزب
وفي سياق متصل، شدد الماضي على أن المشروع الإيراني في المنطقة يعاني من تراجع واضح، خاصة بعد التغيرات التي طرأت على الساحة السورية، حيث لم تعد دمشق تلعب الدور المحوري الذي كانت تقوم به في دعم أجندة طهران.
وأكد أن هذا التراجع انعكس بشكل مباشر على حزب الله، سواء من حيث التمويل أو النفوذ السياسي، لافتًا إلى أن الموارد المالية التي كان الحزب يعتمد عليها أصبحت موضع تساؤلات عدة، خاصة في ظل التشديد على حركة الأموال عبر المطارات اللبنانية.
إيران والمناورة الإعلامية لتعويض الخسائر
وأوضح الماضي أن إيران تحاول تعويض فقدان نفوذها الإقليمي عبر وسائل الإعلام، إلى جانب استثمار ما تبقى من صورة حزب الله وزعيمه حسن نصر الله، في محاولة للحفاظ على تماسك أنصارها في المنطقة.
غير أنه أكد في ختام حديثه أن الظروف الحالية لا تسير لصالح إيران، مشيرًا إلى أن فقدان الطريق البري الاستراتيجي الذي كان يربط طهران ببغداد ودمشق وبيروت يجعل من الصعب إعادة إنتاج المشروع الإيراني في صورته السابقة.