بين الفوضى الأمنية والصراعات الطائفية، تزداد المخاوف من استغلال التنظيمات المتطرفة للفراغ الأمني في سوريا خاصة مع غياب الحلول السياسية. الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي منير أديب، يفتح لنا نافذة على الواقع السوري، ويشرح أبعاد الانقسامات الداخلية وتأثيراتها على استقرار البلاد، مع إلقاء الضوء على خطر تنظيم داعش والتنظيمات المتطرفة الأخرى التي تهدد ليس فقط سوريا، بل المنطقة والعالم بأسره، وكيفية ملء الفراغ الأمني في ظل غياب قيادة سياسية مستقرة، ودور القوى الإقليمية والدولية في الحد من عودة التنظيمات الإرهابية.. وفيما يلي نص الحوار:
كيف تصفون حالة الفراغ الأمني في سوريا بعد تدهور الأوضاع وسقوط نظام الرئيس بشار الأسد؟
لا شك أن سوريا تعاني من حالة فراغ أمني كبير ناتج عن الانقسامات الطائفية والدينية بين مكوناتها المختلفة، فهناك نحو 18 مذهب وطائفة، لكل منها توجهاتها ومصالحها الخاصة، ما يؤدي إلى فوضى أمنية كبيرة، هذا الانقسام يخلق بيئة خصبة للفوضى الأمنية، ويجعل سوريا عرضة لاستمرار الصراعات بين الطوائف المختلفة، في ظل غياب قيادة قادرة على حل المشكلات الجوهرية.
كيف أثرت الانقسامات بين الأطراف الفاعلة داخل سوريا على تزايد حالة الفوضى الأمنية؟
الفراغ الأمني الناتج عن سقوط النظام السياسي السوري للرئيس الأسد ساعد على تنامي تنظيمات العنف والتطرف، مثل هيئة تحرير الشام التي تحولت من تكتل عسكري إلى سياسي بعد سقوط النظام، وهذه التنظيمات التي تشكلت من مجموعات متطرفة، استفادت من الفوضى الأمنية لتصعد إلى مواقع القيادة، مما قد يؤدي إلى المزيد من العنف وصعود جماعات إرهابية جديدة.
ما هي أبرز المناطق في سوريا التي تعاني من فراغ أمني يجعلها عرضة لنشاط التنظيمات الإرهابية؟
الكثير من المناطق السورية تعاني من فراغ أمني كبير، خصوصًا في المناطق ذات الأغلبية السنية، فشمال شرق سوريا حيث السيطرة الكردية، تتمتع المنطقة ببعض الاستقرار، بينما شمال غرب سوريا يعاني نسبيًا من ضعف أمني، والمناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام تعتبر الأكثر عرضة للعنف ومرشحة لتصاعد النشاط الإرهابي.
كيف يمكن ملء هذا الفراغ الأمني في ظل غياب حل سياسي شامل للأزمة السورية؟
ملء الفراغ الأمني يتطلب وجود حل سياسي شامل يعيد بناء مؤسسات الدولة السورية، بدون قيادة سياسية مستقرة ومؤسسات اقتصادية فعالة يبقى الوضع الأمني هشًا، فالأمن هو الأساس الذي يمكن أن تقوم عليه أي تسوية سياسية وغيابه يعني استمرار حالة الفوضى.
هل ترى أن تنظيم داعش يمتلك حاليًا الإمكانيات البشرية والمالية للعودة بقوة في سوريا؟
بالتأكيد تنظيم داعش لم يختفِ كما ادعت بعض القوى الدولية، فالتنظيم يمتلك إمكانيات بشرية ومالية كافية لإعادة ترتيب صفوفه، وقد شهدنا بالفعل نشاطًا متزايدًا للتنظيم في العام الجديد 2025، والخلايا النائمة للتنظيم تحولت إلى خلايا نشطة والبيئة الحالية في سوريا، توفر أرضًا خصبة لعودته بقوة.
ما هي المؤشرات التي يمكن أن تدل على إعادة هيكلة التنظيم داخل سوريا؟
تنظيم داعش نفذ عمليات نوعية في الداخل السوري، مثل مهاجمة حواجز أمنية وتحرير عدد من المساجين التابعين له، وهذه المؤشرات تدل على أن التنظيم يعيد ترتيب أوراقه، ويسعى لتنفيذ عمليات أكبر في المستقبل القريب.
كيف أثرت التطورات في شمال شرق سوريا، مثل الصراع بين القوى الكردية والنظام السوري، على نشاط داعش؟
الصراع بين القوى الكردية والنظام السوري ساعد تنظيم داعش على استغلال الفوضى والفراغ الأمني، فالتنظيم يعتمد على نشر الفوضى لإضعاف اقتصادات الدول واستنزاف مواردها، مثل سيطرته السابقة على آبار النفط وبيعها بأسعار زهيدة.
هل ترى أن الخلافات بين القوى الإقليمية والدولية في سوريا تمنح داعش فرصة لإعادة التموضع؟
بالفعل الخلافات بين القوى الإقليمية والدولية تمثل فرصة ذهبية لداعش لتوسيع نفوذه داخل سوريا، والتنظيم لا يرى نفسه مجرد تنظيم، بل يعتبر نفسه دولة عابرة للحدود، تسعى لتوسيع سيطرتها في المنطقة.
ما هي احتمالية تنفيذ التنظيم هجمات إرهابية نوعية في دول الجوار أو على المستوى الدولي؟
التنظيم أثبت قدرته على تنفيذ عمليات إرهابية نوعية داخل سوريا وخارجها، في بداية عام 2025، نفذ هجمات في روسيا، مما يدل على أنه لا يزال يمتلك الإمكانيات لتنفيذ عمليات كبرى.
ما هي الاستراتيجيات الأكثر فعالية التي يُمكن تَبنيها للحد من عودة تنظيم داعش؟
الحد من عودة داعش يتطلب استراتيجيات متعددة، بدءً بملء الفراغ الأمني وعودة الدولة بقوة، فالقضاء على التنظيمات المتطرفة يرتبط بإعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي، بالإضافة إلى مواجهة الأفكار المتطرفة التي تغذي هذه التنظيمات.
ما دور الدول الإقليمية في ملء الفراغ الأمني ومنع عودة التنظيمات الإرهابية؟
الدول الإقليمية تلعب دورًا كبيرًا في مواجهة الإرهاب من خلال دعم الاستقرار في سوريا، وعلى المجتمع الدولي أيضًا أن يدعم جهود مكافحة الإرهاب فكريًا واستخباريًا، مع التركيز على تفكيك الخلايا النشطة والقضاء على مصادر تمويل التنظيمات المتطرفة.