في مشهد سياسي متغير، تبرز تساؤلات ملحة حول العلاقة بين الثروة والنفوذ السياسي في الولايات المتحدة، فمع اقتراب الإدارة الجديدة من تسلم مقاليد الحكم، يتزايد عدد المليونيرات والمليارديرات الذين ينتقلون إلى واشنطن، مما يثير تساؤلات حول تأثير هذا التدفق المالي على الديمقراطية.
الرجل الأغنى في العالم، إيلون ماسك، يجلس الآن قريبًا من الرئيس المنتخب، مستخدمًا منصته الشهيرة "X" للتعبير عن آرائه في موضوعات متنوعة، بدءًا من تغييرات التوقيت الصيفي وصولًا إلى تأشيرات العمال المهرة.
وبينما يُشكك الكثيرون في قدرة أصحاب الثروات الهائلة على استيعاب احتياجات المواطن الأمريكي الذي يعتمد على دخل شهري متوسط من الضمان الاجتماعي، تزداد المخاوف من أن يكون لصوت الأثرياء صدى أعلى بكثير من أصوات العامة.
المال والسياسة.. من يربح اللعبة؟
تشير بيانات مؤسسة "OpenSecrets" إلى أن بين عامي 2018 و2024، كان هناك 183 مرشحًا للانتخابات الرئاسية والكونغرس ومجلس الشيوخ أنفقوا أكثر من مليون دولار من أموالهم الشخصية لدعم حملاتهم.
ومع ذلك، لم يفز سوى 33 مرشحًا منهم بمقاعدهم، أي ما يعادل 18% فقط. اللافت أن غالبية هؤلاء المرشحين كانوا من الجمهوريين، حيث بلغت نسبتهم 68%، مقابل 28% من الديمقراطيين، مع مشاركة ثمانية مرشحين مستقلين.
تكشف هذه الإحصائيات عن مفارقة: رغم الإنفاق الضخم، يفشل معظم هؤلاء الأثرياء في تحقيق النجاح السياسي.
مثال على ذلك، النائب الديمقراطي ديفيد ترون، الذي أنفق مبلغًا مذهلًا بلغ 62,771,000 دولار في حملته الانتخابية لعام 2024، ولكنه خسر بفارق 10% من الأصوات أمام أنجيلا ألسوبروكس.
وبحساب التكلفة، أنفق ترون 219 دولارًا لكل صوت حصل عليه.
أثرياء الرئاسة.. رهانات باهظة
أما في السباقات الرئاسية، فإن الأرقام تتجاوز كل التوقعات، فحاكم ولاية داكوتا الشمالية، دوغ بورغوم، أنفق أكثر من 27,000 دولار لكل صوت حصل عليه قبل أن ينسحب من السباق.
هذه الأرقام تدفع للتساؤل: لماذا يخاطر هؤلاء الأثرياء بأموالهم رغم الاحتمالات الضئيلة للنجاح؟ ربما يكون الجواب مزيجًا من الغرور الشخصي، والرغبة في ترك أثر سياسي، أو الاعتقاد بأن النجاح في الأعمال التجارية يترجم تلقائيًا إلى نجاح سياسي.
الديمقراطية تحت المجهر
على الرغم من أن فشل معظم المرشحين الممولين ذاتيًا قد يبدو مبشرًا للديمقراطية الأمريكية، إلا أن التأثير الحقيقي للأثرياء يظهر في الكواليس.
بدلاً من الترشح، يفضل العديد منهم استخدام ثرواتهم لتمويل جماعات الضغط والمنظمات الدعوية، أو حتى اللجوء إلى الأموال المظلمة لتجنب المساءلة السياسية، كما أنهم يبنون علاقات قوية مع السياسيين المحترفين، مما يجعل تأثيرهم على القرارات السياسية ملموسًا.
في دراسة أجريت عام 2013 على أكثر من 100 شخص ثري بمتوسط ثروة 7.5 مليون دولار، وُجد أن أولوياتهم السياسية تختلف بشكل كبير عن أولويات المواطنين العاديين، فبينما قد يسعى البعض منهم إلى تحسين البلاد، إلا أن تباين الأولويات يزيد من المخاوف حول تأثير المال على توازن الديمقراطية.