تخرج العميد أركان حرب عصام عطالله في عام 1966 من الكلية الحربية، بدأت مسيرته في حرب عام 1967 وتم تعيينه قائدًا لسريّة المدفعية "ميم ط". في عام 1967، ثم انتقل إلى سيناء حيث تم تكليفه بالدفاع عن مركز قيادة قوات شرق القناة تحت قيادة الفريق أول عبد المنعم كامل مرتجع. وقد كنت المسؤول عن غرفة عمليات القوات في شرق القناة وقام بتنسيق عمليات الكتيبة 552 "سام 7"، وبعد ذلك تولي منصب قائد الكتيبة لبقية أيام الحرب.
بعد هزيمة 67 لماذا سميت حرب الاستنزاف ؟
عدنا من حرب الاستنزاف التي وقعت في عام 1967، وهي معركة بيننا وبين العدو، وقد أُطلق عليها العديد من الأسماء. تعتبر هذه المعركة واحدة من المعارك التي خسرناها، مثلما خسرت أمريكا في الحرب العالمية الثانية. لم نحقق النجاح في تلك الحرب، لكنها كانت درسًا كبيرًا تعلمنا منه الكثير.
كما خرج الشعب المصري في تلك الفترة رافضًا تنحي الزعيم جمال عبد الناصر، مطالبًا بإعادة تسليح القوات المسلحة وتدريبها للقيام بدورها في تحرير المنطقة.
وفي تلك اللحظة، بدأ التحضير والاستعداد لمعركة 1973، حيث أُشير إلى أن هذه المعركة لم تبدأ قبل عامين، بل بدأت فور عودة الزعيم جمال عبد الناصر وقراره بعدم التنحي.
ما أبرز التحديات التي واجهتها القوات المسلحة في حرب 1973؟
في حرب أكتوبر 1973، لم تكن المواجهة مقتصرة على الصراع العسكري بين مصر وإسرائيل كما حدث في حروب 1956 و1967. بل كانت هذه الحرب تمثل المواجهة العسكرية الفعلية الأولى، حيث تلقت إسرائيل دعمًا من الولايات المتحدة وحلف الناتو، الذين كانوا يسعون إلى عدم وجود قوة عربية كبيرة في المنطقة، وعلى رأسها الجيش المصري. تم تزويد إسرائيل بمقاتلات متنوعة باللون الأسود دون أي علامات مميزة، ورغم ذلك تمكنّا من إسقاط العديد منها. لم يكن الصراع مقتصرًا على الطيران فقط، بل شهدت إسرائيل أيضًا تطورًا في أسلحتها وطائراتها، بينما لم نكن نملك نفس المستوى من التكنولوجيا، حيث تم اقتراح استخدام الدفاع الجوي كبديل لتعويض الفجوة في القدرات الجوية بين الجيش المصري والجيش الإسرائيلي.
كيف كانت التدريبات على صاروخ سام 7؟
كان من المقرر أن نتدرب على صاروخ سام 7 في روسيا، لكن لم يكن لدينا الوقت للسفر هناك للتدريب أو لتدريب الآخرين في هذه الظروف.
تم إطلاق أول فصيلة من صواريخ سام 7 في 9 سبتمبر 1969، وهو صاروخ مصمم لمواجهة الطائرات المنخفضة، حيث تصل نسبة إصابته إلى 99%، وقد تصل إلى 100% إذا تم إزالة العوامل التي قد تؤثر على فعاليته. وفي 19 سبتمبر، تم تقديم 7 فصائل إضافية من صواريخ سام 7، وهو آخر سلاح تم التعاقد عليه مع روسيا في عهد الزعيم جمال عبد الناصر. وقد ساهمت هذه الصواريخ في منع اختراق إسرائيل للعمق الإقليمي للبلاد، وأجبرتها على التراجع، مما أتاح لنا تعزيز الدفاعات الجوية المصرية.
متي ظهرت مخاوف اسرائيل من حدوث حرب فعلية خلال شهر أكتوبر ؟
في أكتوبر من عام 1973، أعادت إسرائيل تقييم حساباتها وأصبحت أكثر حذراً، متوقعة أي عمل عسكري قد يحدث. لم يكن هناك مواجهة مع أي دولة أخرى، بل كان العمل العسكري الوحيد من جانب مصر.
تدرك جيدًا أن الجيش المصري لم يقتنع بالسلام، وأن ما حدث في حرب 73 يثير لديها شعورًا دائمًا بالقلق. هذا القلق لا ينبع فقط من كون مصر في حالة حرب، بل أيضًا من خشيتها من تكرار ما حدث في عام 73، خاصة عندما بدأت إسرائيل تحركاتها على محور فيلادلفيا. تخشى إسرائيل من أن تقوم مصر بشيء لم تتوقعه، حيث إن الاحتلال يشعر بالقلق من إمكانية قيام القوات المسلحة المصرية بعمل عسكري.
وفي حال حدوث ذلك، ستتغير موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط بالكامل، وستصبح إسرائيل في وضع مختلف تمامًا، مما يمنعها من التفاخر كما كانت تفعل سابقًا. فقد صرح رئيس وزرائها مؤخرًا بأنها تستطيع الوصول إلى أي مكان في العالم، لكنها لن تتمكن من ذلك، وإذا اقتربت من مصر، فستواجه ردًا قويًا، حيث سيتم تدميرها بواسطة وسائل الدفاع الجوي المتطورة.
لماذا شاركت فرنسا وبريطانيا في العدوان الثلاثي على مصر؟
قال العميد أركان حرب عصام عطاء الله إن عام 1954 شهد تحقيق ما لم ترضَ عنه بريطانيا أو المملكة المتحدة، حيث تم التوصل إلى اتفاقية الجلاء ومغادرة آخر جندي بريطاني من مصر. لم يكن من السهل على بريطانيا العظمى أن تفقد مصر، مشيرًا إلى أن مصر هي المنطقة الحاكمة للعالم، وخاصة لثلاث قارات: أوروبا، آسيا، وأفريقيا. لذلك، بعد قناة السويس في عام 1969، أصبحت هناك أهمية قصوى لها في العالم، حيث تسهم في حركة البضائع من جنوب العالم إلى شماله، حتى تدخل القناة وتخرج إلى أوروبا، مما يجعلها منطقة حيوية، وبالتالي كانت خسارة كبيرة لبريطانيا بلا شك.
وفي عام 1956، قام الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، التي كانت فرنسية في أراضٍ مصرية، وخرجت فرنسا من القناة. لذا، هناك دولتان تأثرتا من هذا الموقف؛ منطقة الجلاء ثم قناة السويس في عام 1956، وكان هذا أحد أسباب العدوان الثلاثي، الذي كان في مصلحة إسرائيل.
وكانت الحرب في عام 1948، التي خسرتها الجيوش العربية، قد جعلت إسرائيل تسعى لإثبات وجودها، وبذلك كانت هذه الدول الثلاث هي المتضررة.
وبدأ المد التحرري في إفريقيا وآسيا، حيث تحولت ممالك إلى جمهوريات، وبدأت مصر في التصنيع العسكري. موضحًا: حدثت حرب 1956 ضد ثلاث دول، وتم دخول بورسعيد. ومن الأسباب الرئيسية لضرب إسرائيل لمصر عام 1967 كان بدء مصر في صناعة الأسلحة. وقد حاولنا فرض حصار، لكننا بالفعل استطعنا التصنيع، وكما قال جمال عبد الناصر: "سنصنع من الإبرة إلى الصاروخ"، وكان الجميع في حالة من الزهول لأن مصر كانت تصنع صواريخ وتنتج سلاحًا.
ماذا كانت إمكانيات الجيش المصري في حرب أكتوبر ٧٣ ؟
في عام 1973، أشار الرئيس جمال عبد الناصر في حواراته مع الجنود والضباط إلى أهمية الاعتماد على السلاح المتوفر في أيدينا لتحقيق النصر، موضحًا أن ما تم الاستيلاء عليه بالقوة لا يمكن استرداده إلا بالقوة. وقد أكد على الفجوة الكبيرة بين تسليح مصر وتسلح إسرائيل، حيث كان الجميع من العسكريين والمدنيين يدركون أن قوات الاحتلال كانت تستخدم أحدث الأسلحة الأمريكية والغربية، مما أحدث فارقًا ملحوظًا في الإمكانيات العسكرية بين الجانبين، سواء من حيث المدرعات أو صواريخ الدفاع الجوي أو الصواريخ الأرضية.
ومع ذلك، استطاعت مصر تعويض هذا الفارق من خلال التخطيط الجيد والدراسة الدقيقة لقدرات العدو. تمثل ذلك في إنشاء الفرقة الرابعة للدفاع الجوي، التي توغلت حتى أعماق العدو واقتربت من قناة السويس لحماية عبور القوات خلال تقدمها نحو الشرق في سيناء. وقد أثبت التخطيط العسكري الفعال قدرته على تجاوز نقص الإمكانيات، مما أدى إلى تحقيق نجاحات ملحوظة لقوات الدفاع الجوي، خاصة بعد وصولها لخط القناة. وكان عبد الناصر قد رفض مقابلة روجرز المتعلقة بوقف إطلاق النار إلا بعد تأمين خط الدفاع الجوي، مما يعكس استراتيجيته العسكرية الدقيقة وتخطيطه المدروس، بالإضافة إلى وجود خطة خداع متميزة.
ما أصعب المشاهد التي أثرت في العميد أركان حرب عصام عطاالله؟
من المشاهد المؤثرة كان الرقيب اللواء عبد الرسول، قائد الفصيلة قبل أن يتم نقلي إلى مكان آخر، وقعت هجمة جوية، وكان من بين المشاركين فيها الرقيب اللواء فاروق عبد الرسول، وانتهت الهجمه و تم اسقاط طائر .
وكان اللواء فارق متكئًا على الدشمة، وقد أصيب بشظية في صدره، وهذا الموقف لا يزال عالقًا في ذاكرتي. وهناك أيضًا موقف آخر لا يمكن نسيانه، يتعلق بالنقيب أحمد سعيد عبد الباقي. حيث تم إبلاغنا من غرفة عمليات الجيش لنقله إلى مستشفى الجيش بسبب إصابته، بعد اتخاذ البديل، توجهنا إلى الفصيلة، وكانت آخر نقطة تغطية في عيون موسى. وعندما وصلنا إلى الفصيلة، تفاجأت بعدم وجوده في المستشفى، حيث كان رابطًا عينه، وقال: "سأبقى في فصيلتي حتى أستشهد".
كيف كان شعور النصر؟
شعور لا يمكن وصفه، ولا يدركه إلا من عاش تجربة التحرير. كانت كلمة "الله أكبر" تهز الجبال، وتخرج من صدور المقاتلين، وتردد على ضفتي القناة. لقد أصبحت عزيمة القتال متأصلة في كل مقاتل، وبعد تجاوز الساتر على أرضنا في الشرق، لا يمكن أن يُقارن هذا الإحساس بأي شيء آخر في الكون.