في الثالث من أكتوبر عام 1952، أجرت بريطانيا أول تجربة ناجحة لسلاحها النووي، المعروفة باسم "عملية الإعصار"، وذلك في بحيرة بجزر مونتيبيلو، الواقعة في أستراليا الغربية، مع نجاح هذه العملية، أصبحت بريطانيا القوة النووية الثالثة في العالم، بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، ما غير المعادلة الاستراتيجية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
خلفية تاريخية
تعود جذور مشروع الأسلحة النووية البريطاني إلى فترة الحرب العالمية الثانية، حيث تم إطلاق مشروع "سبائك الأنابيب". لكن بعد اتفاق كيبك في عام 1943، تم دمج المشروع مع برنامج مانهاتن الأمريكي.
وعقب انتهاء الحرب، أدركت الحكومة البريطانية أن التعاون في مجال الأسلحة النووية قد انتهى. وفي يناير 1947، استأنفت بريطانيا جهودها لبناء أسلحة نووية، في ظل مخاوف من تراجع مكانتها كقوة عظمى.
التحضيرات والتجهيزات
تضمن قرار تطوير القنابل الذرية ضرورة إجراء اختبارات لها، وقد تم اختيار جزر مونتيبيلو كموقع للاختبارات بعد مشاورات مع الحكومة الأسترالية. في مايو 1951، وافقت أستراليا رسميًا على استخدام الجزر كموقع للتجارب النووية، وفي فبراير 1952، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل أن أول اختبار للقنبلة الذرية سيتم في أستراليا قبل نهاية العام.
تولى الأميرال البحري أ. د. تورلي قيادة الأسطول الذي تم تجهيزه لإجراء عملية الإعصار، حيث شمل حاملة المرافقة "إتش إم إس كامبانيا" وسفن إنزال الدبابات، وكان ليونارد تيت هو المدير الفني لمشروع القنبلة، التي تم تجميعها في جزيرة فولنيس قبل شحنها إلى أستراليا.
تفاصيل الانفجار
عند الوصول إلى جزر مونتيبيلو، انضمت البحرية الملكية الأسترالية إلى البحرية الملكية البريطانية، وفي إطار التجربة، تم تفجير القنبلة ضمن هيكل الفرقاطة "إتش إم إس بليم"، التي رُسِت على بعد 350 مترًا قبالة جزيرة تريمويل، وقع الانفجار على عمق 2.7 متر تحت سطح المياه، مما أسفر عن تشكيل حفرة على شكل صحن في قاع البحر، بعمق ستة أمتار وقطر 300 متر.
النتائج والآثار
تُعتبر عملية الإعصار نقطة تحول في تاريخ الأسلحة النووية، حيث أدت إلى تعزيز القدرات الدفاعية لبريطانيا ووضعتها في صف الدول النووية الكبرى.
كما أن هذه التجربة أثارت تساؤلات حول الأبعاد الأخلاقية والسياسية المرتبطة بتطوير واستخدام الأسلحة النووية، والتي لا تزال تؤثر على العلاقات الدولية حتى يومنا هذا.
وأخيراً، تظل عملية الإعصار رمزًا للجهود البريطانية في مجال الأسلحة النووية، وتسلط الضوء على التغيرات الجيوسياسية التي نتجت عن الحرب العالمية الثانية، حيث أصبح السلاح النووي أحد أبرز معالم القوة العسكرية في العالم.