قرر صندوق النقد الدولي إرجاء موعد المراجعة الثالثة لبرنامج قرض مصر , إلى 29 يوليو الجاري,والذي كان من المقرر خلالها، أن تحصل مصر على الشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد الدولي والمقدرة بـ 820 مليون دولار .
تناقش "بلدنا اليوم" في السطور التالية مع خبراء الاقتصاد أسباب التأجيل وتأثيره على التزامات الدولة المصرية في سداد فوائد الديون المستحقة خلال 2024.
في البداية أكد الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب، الخبير الاقتصادى ووكيل وزارة التجارة للبحوث الاقتصادية سابقًا ,أن إرجاء صندوق النقد الدولي التصويت على المراجعة الثالثة في ظل تقارير تتحدث عن التأجيل بسبب إرجاء الحكومة لرفع أسعار الكهرباء والمحروقات ليس هذا هو السبب ولكن ربما يكون أحد الأسباب لكن الواضح إن سعر برميل خام برنت أقل من 85 دولار، وفي فترة كان أقل من 80 دولار للبرميل، أعتقد ان وجوده في ظل أقل من 85 دولار سيكون من الصعب على الحكومة المصرية ان يكون لها مبرر تقوم برفع أسعار المحروقات .
وقال إن الحكومة المصرية كانت وراء تأجيل هذا التصويت، وأعتقد ان قرار قبول استقالة الدكتور مصطفى مدبولي كان بسبب وجود شعور لدى القيادة السياسية أن المراجعة الثالثة لصندوق النقد الدولي والتقرير الذي قد يصدر عنها لن يكون في صالح الاقتصاد المصري , والمتابع لنتائج المراجعة الأولى والثانية يجد أن التقرير الذي ذكر فيه أن مصر لم تلتزم بالوفاء بثمانية تعاهدات والذي كان من نتائجه السلبية على الاقتصاد المصري انهيار كبير في البورصة المصرية وتراجع المؤشر الرئيسي من حوالي 32 الف نقطة الى حوالي 24 الف نقطة قبل أن يتعافى قريبًا ليصل إلى 120 الف نقطة لكن البورصة لا تزال خاسرة 4000 نقطة بسبب هذه التقارير في يوليو الحالي مقارنة بما كانت علية في مارس 2024 .
تأرجح العلاقة بين مصر وصندوق النقد الدولي
في البداية لم تكن هناك خطة واضحة للتعامل مع صندوق النقد الدولي وكان الهدف الأساسي هو الحصول على التمويل وصدور ومجموعة من التقارير التي تعطي مؤشرات إيجابية للإقتصاد المصري وهذا حدث بالفعل وتمكنت مصر بعد المراجعة الأولى والثانية من الحصول على استثمارات أجنبية مباشرة متمثلة في بيع رأس الحكمة للإمارات والحصول على تدفقات نقدية على الأقل بقيمة 15 مليار دولار نقدًا استلمتهم مصر وذهب منهم 5 مليار دولار مباشرة الى البنك المركزي المصري .
وقال، في ظل هذه المؤشرات الإيجابية لا يوجد لدى الحكومة المصرية استعداد لقبول مراجعة ثالثة، تؤثر على هذه المؤشرات الإيجابية والنتائج التي تحققت على أرض الواقع ومن هنا يمكن القول أنه يمكن أن تستغنى الحكومة المصرية عن القرض المقدر بـ 820 مليون دولار، قيمة الشريحة الثالثة مقابل عدم صدور تقارير أو ظهور نتيجة مراجعة، لن تكون في صالح الاقتصاد المصري , وإذا كانت المراجعة الأولى والثانية تم تأجيلهم من مارس 2023, الى مارس 2024 , لذلك لا أرى وجود أي مانع أن يتم دمج المراجعة الثالثة والرابعة وتأجيلها حتى تتمكن مصر من تمهيد الأرض لتنفيذ جزء من التعاهدات التي تعهدت به لصندوق النقد الدولي .
وأوضح أن مصر تواجه صعوبات في تنفيذ تعاهداتها لدى صندوق النقد الدولي , ومصر كان لديها عدة برامج من أهمها وثيقة ملكية الدولة وهي تخارج الدولة من عدد من الأنشطة والقطاعات كان من المفترض أن يتم من فترة، لكن لم يتم لأن الحكومة تعتقد أن البورصة المصرية في ظل وضعها الحالي غير مؤهلة لقبول برنامج الطروحات لحوالي 40 شركة .
وتابع، أن الحديث عن إصرار الصندوق على طرح أسهم عدد من الشركات المصرية المملوكة للقطاعات السيادية أو للجيش , وأرى أن هذا الأمر يحتاج لوقت أكبر وتجهيز لأن هذه الشركات تعمل بقوانين خاصة بها ويمكن طرح أسهمها في البورصة وهذا يحتاج إعادة تأهيل وهيكلة وصياغة نظامها الأساسي حتى يسمح بإدارجها في البورصة والسماح بالإكتتاب في أسهمها .
إمكانية تراجع مصر مستقبلًا عن أي تعاهدات تم الإتفاق عليها مع الصندوق
أوضح "عبدالمطلب" أنه لا أحد يمكنه إجبار مصر على فعل شئ، لكنها إذا لم تنفذ لن تحصل على الدفعات التي تم الإتفاق عليها مع الصندوق , ويمكن أن يظل هذا الإتفاق معلق لمدة خمس سنوات، ولا يكون هناك بيان من إدارة الصندوق ولا من الحكومة المصرية يعلن فشل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي , لكن المسألة أنه يوجد مراجعة ثالثة عندما تقول مصر أنها مستعدة لهذه المراجعة , يبدأ صندوق النقد الدولي مراجعة السياسات والإجراءات التي تم إتخاذها ومقارنتها بما تم الإتفاق عليه, وإذا قبلها الصندوق وتم إجتياز المراجعة بنجاح يتم الإفراج عن الدفعة المقررة لهذه المراجعة وبعد حدوث المراجعة الثالثة ستحصل مصر على 820 مليون دولار، وإن لم تتم لن يحدث شئ سوى تعليق وتأجيل المراجعة للعام القادم ويكن دمج الراجعة الثالثتة والرابعة كما حدث في المراجعات السابقة .
وفي السياق ذاته، أكد الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح , بأنه لم يصدر بيان رسمي عن صندوق النقد الدولي يوضح أسباب التأجيل، ولكن هناك عدة عوامل محتملة:
وأوضح، أن هناك عددة عوامل يمكن أن تكون وراء قرار تأجيل المراجعة الثالة , وهى تغيير الحكومة المصرية: فقد يرغب الصندوق في إعطاء الحكومة الجديدة وقتًا كافيًا لمراجعة البرنامج الاقتصادي والاتفاق على الخطوات المستقبلية, واستكمال الإجراءات الفنية: ربما تكون هناك بعض التفاصيل الفنية المتعلقة بالسياسات الاقتصادية تحتاج إلى مزيد من المناقشة والتنسيق, ومراجعة رسوم الصندوق، و يمكن أن يكون تأجيل المراجعة مرتبطًا بمناقشة الصندوق لمراجعة الرسوم التي يفرضها على أكبر المقترضين، بما في ذلك مصر.
هل مصر لم تلتزم بتنفيذ تعليمات صندوق النقد؟
لا يعني تأجيل المراجعة الثالثة لصندوق النقد الدولي بالضرورة عدم إلتزام مصر بتعليمات الصندوق.
صندوق النقد الدولي أكد استمرار التعاون مع الحكومة المصرية لتحقيق أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادي، وأعرب عن ثقته في قدرة مصر على تجاوز التحديات الاقتصادية الراهنة. لذا يجب إنتظار نتائج المراجعة لتقييم مدى إلتزام مصر ببرنامج الإصلاح بشكل دقيق.
وأرجع "أبوالفتوح" أن التأجيل قد يكون بإحدى سببين وهما, عدم تطبيق بعض الإلتزامات المتفق عليها مع الصندوق، مثل زيادة أسعار الوقود والكهرباء, أو الحاجة إلى وضع اللمسات الأخيرة على بعض التفاصيل الفنية المتعلقة بالسياسات، وفقًا لتصريحات رسمية من صندوق النقد الدولي.
وأوضح "أبو الفتوح"، أنه على الرغم من تأجيل المراجعة، أكد صندوق النقد الدولي على تحقيق بعض النتائج الإيجابية في برنامج الإصلاحات المصري، مثل انخفاض التضخم وإزالة الطلب المتراكم على النقد الأجنبي.
أمكانية تأجيل المراجعة مرة أخرى
يتوقع أن يوافق المجلس على صرف شريحة مالية جديدة بقيمة 820 مليون دولار، في ضوء التطورات الإيجابية التي شهدها الاقتصاد المصري مؤخرًا، مثل تراجع معدلات التضخم وتحسن بعض مؤشرات الاقتصاد الكلي.
تأثير تأجيل المراجعة على إلتزام مصر بسداد فوائد الديون المستحقة خلال 2024
تأجيل المراجعة الثالثة لصندوق النقد الدولي لبرنامج مصر إلى 29 يوليو قد يؤثر على تدفقات النقد الأجنبي لمصر، مما يضع ضغوطًا على قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المالية، بما في ذلك سداد فوائد الديون المستحقة خلال عام 2024.
ومع ذلك، يمكن لمصر الاعتماد على مصادر تمويل أخرى، مثل الودائع الخليجية والسندات الدولية، بالإضافة إلى تحسن الأداء الاقتصادي وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.
على الرغم من ذلك، يظل تأجيل المراجعة مصدر قلق للمستثمرين والمحللين، حيث يعتبر مؤشرًا على استمرار التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر.