مع فتح باب التصالح على مخالفات البناء، استقبلت وزارة التنمية المحلية حوالي 9000 طلب في الأيام الأولى، بحسب تصريحات الدكتور خالد قاسم، مساعد وزير التنمية المحلية.
هذه الإحصائية أثارت الكثير من التساؤلات والتعجب، كونها تمثل نسبة ضئيلة جداً مما كان متوقعاً، وتحوّل الأمر إلى نقاشات حول أسباب عزوف المواطنين عن الإقبال على التصالح.
في هذا التقرير، نستعرض آراء عدد من البرلمانيين للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء هذا العزوف.
قال النائب محمد وفيق عزت، وكيل لجنة التنمية المحلية بمجلس النواب، إنه من المبكر الحكم على نسبة الإقبال على التصالح، خاصة أننا ما زلنا في الأسبوعين الأولين من بدء العمل بالقانون، موضحا أن السبب الرئيسي وراء ما يبدو أنه إقبال ضعيف هو عدم وعي المواطنين بتطبيق القانون، مشيرًا إلى أن بعض المواطنين ينتظرون ليروا الإجراءات التي ستُتخذ مع المتقدمين خلال الأسبوعين الأولين، ثم سيقرر الآخرون التصالح، وأن هذا الأمر ليس اختياريًا.
وأضاف وفيق، في تصريح خاص لـ« بلدنا اليوم »، أن التقدم بطلب للحصول على التصالح يحمي المواطن من المسؤولية القانونية وتطبيق الغرامات، وأن القانون يوفر تسهيلات في السداد لمدة ثلاث سنوات دون فوائد، وأن سعر المتر في حالة قبول طلب التصالح أو التظلم سيظل بنفس الأسعار التي تم إقرارها وفقاً لأحكام القانون رقم 17 لسنة 2019.
وأشار وكيل لجنة التنمية المحلية، إلى أنهم ما زالوا يتلقون استفسارات من موظفي المراكز التكنولوجية بالوحدات المحلية في المحافظات، ويتم الرد على هذه الاستفسارات لتسهيل عملية إنهاء إجراءات طلبات التصالح وإزالة المعوقات والصعوبات التي تواجه المواطنين. وتوقع وفيق أن تشهد الأيام المقبلة زيادة في تلقي طلبات التصالح.
وتعليقًا على أن الأزمات الاقتصادية تعد من أهم أسباب عزوف المواطنين عن الإقبال على التصالح، قال النائب محمد وفيق إنه لا يعتقد أن ذلك هو السبب الرئيسي لضعف الإقبال، موضحاً أن أي موضوع في بداياته يواجه صعوبات، ولكن مع الوقت تزول هذه الصعوبات.
واستطرد: أن اللجنة ستعقد جلسات لقياس الأثر لقانون التصالح في مخالفات البناء الجديد قبل نهاية دور الانعقاد التشريعي الحالي.
وأشار وفيق إلى أن اللجنة ستستدعي المسؤولين والقائمين على تنفيذ القانون لمعرفة ما تم إنجازه والنسبة التي وصلوا إليها، ودراسة المعوقات التي ظهرت أثناء التطبيق وكيفية تلاشيها. كما ستستمع اللجنة للمواطنين والنواب في دوائر مختلفة لبحث أي شكاوى أثناء التطبيق.
وأوضح وفيق، أن اللجنة تهدف إلى تذليل أي عقبات تظهر أثناء تطبيق قانون التصالح في مخالفات البناء، من أجل مصلحة المواطن. وأضاف أن جلسات قياس الأثر للقانون القديم كشفت عن المعوقات والمشاكل التي كانت موجودة، مما أدى إلى مطالبة اللجنة للحكومة بإصدار قانون جديد، وهو ما تم بالفعل.
وأعرب وكيل لجنة الإدارة المحلية عن أمله في أن يحقق القانون الجديد الهدف المرجو منه في حل كل المشاكل السابقة، محذرًا المواطنين من ارتكاب أي مخالفات جديدة، خاصة التعدي على الأراضي الزراعية، نظرًا لحجم المخالفات الكبير.
وعلق النائب محمد وفيق، رداً على سؤال حول مصير طلبات التصالح التي تم تقديمها قبل التعديل الأخير، وما إذا كان هناك تعديل في قيمة رسوم التصالح التي تم تحديدها مسبقًا قبل تعديل القانون، قائلاً إن نص مشروع القرار ينص على إحالة طلبات التصالح والتظلمات التي قُدمت وفقاً للقانون رقم 17 لسنة 2019 بشأن التصالح، والتي لم يتم البت فيها أو لم تنقض مواعيد فحصها، إلى لجان التظلمات المشكلة وفقاً لأحكام قانون التصالح رقم 187 لسنة 2023، مؤكداً أنه لن يتم فرض رسم فحص جديد أو مقابل جدية التصالح في حالة سدادها مسبقًا.
ومن جهته أوضح النائب إيهاب منصور، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب ورئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أن المشكلة ليست في زيادة أو نقصان عدد المتقدمين بطلبات التصالح في الأسبوعين الأولين من بدء فتح باب التصالح، بل تكمن المشكلة الحقيقية في 2.8 مليون طلب قُدِّم منذ عام 2019 ولم يتم فحصها أو الانتهاء منها حتى الآن، مشيراً إلى أن عدم النظر في هذه الطلبات جعل الناس في حالة من الهستيريا والاعتقاد بفشل القانون، حيث ينتظر المواطنون بفارغ الصبر نتائج وإحصائيات حول الانتهاء من الطلبات التي قُدمت في ظل القانون القديم الذي استمر لمدة خمس سنوات.
وأضاف منصور، في تصريح خاص لـ «بلدنا اليوم» ، أن المواطنين لن يتقدموا بطلبات تصالح ويدفعوا أموال جديّة مرة أخرى إلا بعد رؤية نتائج حقيقية على أرض الواقع، مؤكداً أن الأعداد ليست ما يشغله، بل ما يشغله هو كم طلبًا أنهت الحكومة منذ عام 2019.
وأوضح رئيس برلمانية الحزب المصري الديمقراطي ، أنه بدلاً من خروج مسئول من وزارة التنمية للتصريح بأن الوزارة استقبلت عددًا معينًا من الطلبات، كان من الأفضل أن يعلنوا عن عدد الطلبات التي انتهوا منها، موضحًا أن الهدف ليس البحث عن أرقام فقط، ولكن الهدف كام طلب تم الانتهاء منها.
ونوه وكيل لجنة القوى العاملة، أنه طالب مسئول وزارة الزراعة، خلال مناقشة موازنة المالية لمديريات الزراعة بمجلس النواب، بضرورة إنهاء تحديد الكتل المبنية القريبة من الأحوزة العمرانية وفقًا لقانون التصالح، لأن نصف المخالفين يندرجون تحت المباني القريبة من الأحوزة العمرانية، مشيراً إلى أن عدم الانتهاء من خرائط الأحوزة العمرانية يعني أن نصف المخالفين لن يتقدموا بطلبات التصالح، وأفاد بأن مسئول وزارة الزراعة رد عليه بأنه سيتم الانتهاء من إعداد خرائط الأحوزة القريبة من الكتل العمرانية خلال 10 أيام.
بينما يؤكد النائب عبدالمنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، أن هناك أسباباً تعزى لعدم إقبال المواطنين على عمليات التصالح، وذلك يعود إلى تأخر الحكومة في إصدار القانون المنظم لهذه العمليات.
وأشار إمام إلى أن المواطنين كانوا يرغبون في التصالح في عام 2019 وكانت لديهم القدرة المالية لذلك، إلا أن الظروف الاقتصادية الصعبة الحالية أدت إلى عدم قدرتهم على التصالح نظراً لعدم توافر الأموال الكافية، وأصبح تركيزهم الأساسي على تلبية احتياجاتهم الأساسية في الحياة.
وأضاف أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن هناك بعض المواطنين الذين قاموا بإيداع أموالهم في البنوك، وبالتالي لن يكونوا مستعدين لسحب هذه الودائع من أجل عمليات التصالح.