قال الدكتور طارق عوض، الخبير فى شئون المبادرات والمشروعات القومية، فى حديث خاص لبلدنا اليوم،، إن قناة السويس مجرى ملاحى عالمى لا يمكن الاستغناء عنه، وأن محاولات البعض من إنشاء بديل لها سوف تبوء بالفشل لعدة عوامل أهمها الموقع الاستراتيجى للقناة ، والامكانات التى توفرها قناة السويس للسفن العابرة خاصة الخدمات الأساسية واللوجستية التى تساهم فى عبور أمن وميسر للسفن.
وأضاف الدكتور طارق عوض، أن الدولة المصرية تعمل على زيادة قدرات قناة السويس من خلال عدة أساليب سواء فى زيادة البنية التحتية للقناة وكان أهمها مشروع توسعة القناة والذي تضمن شق تفريعة جديدة للقناة وهو ما عرف باسم قناة السويس الجديدة ، مع العمل على تهيئة المجرى الأساسى لاستقبال السفن العملاقة.
هذا بجانب، إنشاء المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والتى تساهم بشكل كبير فى زيادة الخدمات اللوجستية عبر الاستثمارات الدولية والتى تتيح إنشاء مراكز خدمية متنوعة لتقديم خدمات مميزة للسفن تسهل من زيادة أعداد التقاطر للسفن العابرة.
وأشار عوض إلى أن التحديات التى واجهت العالم ومازالت بعد انتشار فيروس كورونا، وأيضا مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية ، وأخيرا ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من صراعات ونزاعات على جبهات كثيرة وكلها مؤثرة فى حركة التجارة العالمية ، خاصة ما يتعلق بالتهديدات الاخيرة لحركة الملاحة في منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
وأوضح أن أكبر شركات الشحن في العالم بتحول مسار سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، لتجنب هذه التهديدات ، كل ذلك بالطبع أثر على حجم ايرادات قناة السويس ، والتى عانت النقصان حتى بلغ حوالى 45 % من جملة ايرادات القناة.
واستطرد عوض أن منذ عام 2016، ومع بدايات تشغيل التوسعة الجدية للقناة حققت القناة زيادة مضطردة في حجم ايراداتها، مجموعها فى 10 خلال العشرة سنوات الماضية كان حوالى 51 مليار دولار ، وبلغت ذروة هذه الايرادات في عام 2021/2022 حيث بلغت حوالى 7 مليار دولار .
وذكر عوض أنه رغم التحديات الأخير فإن ايرادات القناة للعام المالى الحالى 2023 بلغت حوالى 10 مليار دولار ، وهو رقم أقل من المأمول إلا أنه يعد الأنسب فى ظل التحديات الحالية.
وأشار عوض إلى أن مصر تعمل عبر عدة وسائل للحفاظ على معدل الزيادة فى ايرادات القناة وصولا إلى المأمول، وذلك عبر استغلال بعض الأمور على الساحة الدولية منها ارتفاع أسعار النفط والذى ساهم في زيادة الميزة التنافسية لقناة السويس مع منتصف عام 2023، حيث تؤكد الدراسات أنه كلما ارتفعت أسعار النفط ، كلما زادت تكاليف الطرق البديلة المنافسة للقناة، خاصة “رأس الرجاء الصالح” .
وهذا بالإضافة إلى دفع السفن إلى اختيار الطرق الأقصر مسافة والأقل تكلفة لاستهلاكً الوقود، وعلى رأسها قناة السويس، وهذا يعني زيادة الحركة التجارية وتنشيط التجارة البحرية، خاصة وأن قناة السويس تلتزم بالإجراءات والضوابط البيئية التى تدعم جهود المنظمة البحرية الدولية لنشر مفاهيم الانتقال الأخضر للقطاع البحري، علاوة على ذلك المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والتى بلغ إجمالي تكلفة البنية التحتية والاستثمارية لها حوالى 18 مليار دولار، كما تم إنشاء 250 منشأة صناعية وخدمية في مجالات مختلفة وصناعات حيوية مهمة، وإقامة شراكات مع 14 مطورًا صناعيًا داخل المنطقة.
وعن توقعاته لزيادة حصيلة ايرادات قناة السويس في المرحلة القادمة ، أجاب الدكتور طارق عوض : أن بالرغم من التحديات التى فرضتها الظروف السياسية الحالية والتى أثرت على الحركة التجارية العالمية ، إلا أن قناة السويس حققت إيرادات قياسية في العام المالي (2023/2022) حوالى 10 مليار دولار، يأتى ذلك في إطار اهتمام حكومي بالقناة لتعظيم إيراداتها، شمل مشاريع توسعة، واقتراحات بتغيير قانون هيئة قناة السويس وإنشاء صندوق يضم أملاكها، وتأسيس شركة قابضة تهيمن على الشركات والأصول لديها، ويبقى مشروع قناة السويس الجديدة الذي افتتح منذ ثمانية أعوام هو الأهم، واستهدفت به الحكومة رفع إيرادات القناة .
وأضاف عوض أن هناك خطة تتبناها القيادة السياسية للوصول بإيرادات القناة إلى ٣٠ مليار دولار، بدأت بالتعاقد مع شركة عالمية تتعاون مع قناة السويس فى إنشاء مراكز صيانة عالمية على ضفاف القناة لتقديم الدعم الفنى واللوجستى للسفن فى أقل وقت ممكن وبأسعار تنافسية، بالإضافة الي الشركات الموجودة حاليا، وهذا ما سيعمل على زيادة ميزة القناة في تقديم خدمات لصيانة السفن في اقل وقت وباعلي جودة مما يساهم في زيادة خطوط الملاحة التى تمر عبر القناة في الاتجاهيين.
وأشار عوض أن هذه الخطة قائمة علي اعادة تخطيط المنطقة اللوجستية بالقناة وتأهيلها لاستقبال تجارة الترانزيت خصوصا في ظل رغبة الدولة لتحويل مصر لمركز تجارة عالمي، وشملت الخطة أيضا خطوات تعظيم ايرادات القناة من النقل التجاري بتعديل القوانين المنظمة لتجارة الترانزيت في الدائرة الجمركية، بحيث يتم السماح بالتخزين داخل الدوائر الجمركية وإعادة التصدير بنظام التجزئة، وهذا سوف يساهم بشكل كبير في ظهور تجارة جديدة بالموانئ المصرية وهى إعادة التعبئة والتغليف والتصدير إلى الدول المجاورة، كما أن الخطة تتناول انشاء شركات لإعادة التصدير وتحويل مصر لأكبر منطقة للتحزين في العالم كله.
واختتم الدكتور طارق عوض حديثه قائلا : أن هناك استهداف حوالى 6 تريليون جنيـه إيـرادات مـن اسـتثمارات القطاعـات الصناعيـة في المنطقـة الاقتصاديـة لقنـاة السـويس، بجانب تحويل قناة السويس إلى مركز إقليمي للطاقة الخضراء، بالإضافة إلى المأمول في أن توفر المنطقـة الاقتصاديـة لقنـاة السـويس مليـون فرصـة عمـل بحلـول 2030.