شهد بداية العام الجديد، ارتفاعًا في أسعار السلع والكهرباء، بالإضافة إلى بعض الخدمات الأخرى، وفي سياق توضيح رئيس الوزراء للدعم الحكومي المقدم للمواطنين، مثل التموين والسولار والغاز الطبيعي، جاء بعدها إعلان إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بتوقعاتها لزيادة نمو الإنتاج العالمي للنفط بمقدار 50 ألف برميل يوميًا خلال العام الحالي، مما أثار قلق المواطنين بشأن احتمال ارتفاع أسعار النفط والغاز في الأيام المقبلة.
وفي هذا الصدد نستعرض الآراء والتقييمات من قبل الخبراء والمختصين حول هذا التطور، لفهم كيف يمكن لهذه التوقعات العالمية أن تؤثر على الأسواق المحلية وكيف يمكن تقييم تلك التأثيرات على اقتصاد البلاد وحياة المواطنين في الفترة المقبلة.
في البداية تقول الدكتورة وفاء علي أستاذة الاقتصاد والطاقة، إن توقعات وكالة الطاقة الدولية قد تم تعديلها فيما يتعلق بالطلب والمخزونات النفطية، متأثرة بعوامل تحكمها فوضى البحار والمحيطات والمضايق المائية، والسياسات النقدية، ووفرة المعروض في السوق العالمية، خاصة من خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك بلس"، فوكالة الطاقة وهى إحدى الاذرع البحثية تتحدث عن ديناميكية الأسواق العالمية فيما يخص عناصر الاقتصاد الكلى للعرض والطلب على النفط خلال عام ٢٠٢٤.
وأضافت الدكتورة وفاء، في تصريح خاص ل "بلدنا اليوم", أن الأسواق النفطية قد تعرضت لتقلبات وتذبذبات بسبب الأحداث المتلاحقة، ولكن التوقعات والواقع قد يكونان أموراً مختلفة تمامًا، ففي هذه الأسواق غير المستقرة والقطعية، من الصعب التنبؤ بالتطورات المفاجئة التي يمكن أن تحدث في غضون لحظات، على الرغم من ضعف البيانات الصينية، قد يحدث زيادة في الطلب بمقدار 50 ألف برميل يوميًا في حالة تغير ديناميكية الأسواق ومعدلات النمو، وأن الأسعار ليست مثالية، إلا أن جميع الخيارات مفتوحة بين منظمة أوبك بلس والبيانات الصينية وتوقعات وكالة الطاقة الدولية والسياسات النقدية، ولإتمام صورة كاملة لحالة عدم اليقين والضبابية، تأتي فوضى البحار والمحيطات والمضايق المائية كعوامل أخرى تؤثر على الأسواق.
وأوضحت أستاذة الاقتصاد والطاقة، أن الأرقام ستترك بصمة على بداية ونهاية هذا العام فيما يتعلق بالعرض الافتتاحي لأسواق النفط وآثار التوترات الجيوسياسية عليها، بعد انسحاب أنغولا من منظمة أوبك بلس، شهدنا تأثير السياسات التوافقية التي اتبعتها المنظمة خلال العام الماضي للحفاظ على توازن العرض والطلب وفقًا للبيانات العالمي، لا تزال البيانات الصينية ضعيفة، والركود الاقتصادي ينتشر في الاقتصاد العالمي، مع استمرار الفوضى العالمية والصراعات الجيوسياسية التي تحولت إلى مناطق مثل البحر الأحمر وخليج عدن بعد هجمات الحوثيين، شهدنا تشكيل تكتلات وتحركات عسكرية تؤثر على أسواق النفط، مما أدى إلى زيادة علاوة الشحن بنسبة 20٪ وتأجيل وصول الشحنات حتى شهر مارس المقبل.
وأفادت بعض التقارير بتغيير مسار بعض الشحنات،على الرغم من خروج أنغولا، استطاعت منظمة أوبك بلس التحكم في الوضع، حيث قدمت تخفيضات متوازنة للأعضاء، وتحملت السعودية وروسيا الحصة الأكبر من التخفيضات، ومع وجود منافسة منتجي النفط خارج منظمة أوبك بلس، زادت الفائضة في العرض العالمي، مما جعل الأسواق غير متأثرة بالأحداث الجيوسياسية والسعر يتحرك عرضيًا.
وأكملت: هناك منافسة كبيرة في سوق النفط وتلعب الولايات المتحدة دورًا هامًا في هذا السياق،مستخدمه استراتيجية شراء النفط من فنزويلا وخلطه بنفطها لزيادة مخزونها الاستراتيجي بعد انخفاضه، على الرغم من ذلك، ما زالت منظمة أوبك بلس متماسكة حتى الآن وقد أظهرت قوتها عبر الفترة السابقة بتوقعاتها لتفاوت الطلب وتنفيذ قرارات التخفيض،والأسواق تتلقى تصريحات من المنظمة بشأن البقاء أو الانسحاب من دون رد فعل قوي، حيث أنها مشغولة حاليًا بالتوترات في البحر الأحمر.
وانه تم الإعلان عن انضمام الكونغو والعراق ونيجيريا،وانضمام البرازيل كممثل لأمريكا اللاتينية إلى أوبك بلس بإنتاج يبلغ 1.7 مليون برميل يوميًا، وهذا سيعزز فعالية أوبك بلس بعد خروج أنغولا من المنظمة من حيث الكميات، بالإضافة إلى ذلك، تواصل أوبك بلس الحفاظ على استقرار الأسواق النفطية ومراقبة السلوك السعري، ومع استمرار الأوضاع العابرة في البحر الأحمر وتصاعد الفوضى في الأحداث، من المبكر جدًا أن نحكم على السلوك السعري لأسواق النفط.
ومن جهته يشير الدكتور رمضان أبو العلا، أستاذ هندسة البترول وخبير الطاقة، إلى وجود توقعات لأسعار الطاقة على مدار العام، مع التنبؤ بتأثرها بالأحداث السياسية والتغيرات الطبيعية كالأعاصير والاحتكار السياسي، فضلاً عن الاضطرابات والحروب، منوها أن هذه العوامل قد تسفر عن تقلبات في الأسعار، سواء صعوداً أو هبوطًا، ويُظهر أهمية مراقبة هذه الأحداث لفهم التأثيرات على سوق الطاقة على مدار العام.
وأكد أبوالعلا في تصريحات خاصة لـ بلدنا اليوم، أن هناك توقعات من قبل منظمة أوبك بلس والوكالة الدولية للطاقة بشأن ارتفاع أسعار النفط على مستوى العالم في الفترات القادمة،وهذه التوقعات يُفترض أن تعكس توجهات إدارة الولايات المتحدة ووكالة الطاقة العالمية المرتبطة بالدول الصناعية الكبرى.
وأشار الدكتور رمضان أبوالعلا إلي ان اوبك بلس تسعي لتحديد سعر خاص لها, والدول الغربية وامريكا والوكالة الدولية للطاقة تتوقع ان هناك ارتفاع في اسعارالنفط خلال 2024،وان الزيادة المتوقعة ستكون بنسبة 10% على الاسعار العالمية ، مع احتمالية زيادتها اكثر من ذلك وفقا للإحداث التي تم الإشارة اليها سابقاً .
ويتوقع خبير الطاقة ، زيادة في سعر برميل النفط من8 إلى 9 دولار بشكل عام، تتبعها تقلبات في الأسعار طوال العام نتيجة لنمو الطلب وجهود أوبك بلاس في تقليل الإنتاج، خاصة بعد خروج دولة أنجولا من مجموعة 23، وان مصر تتأثر ولا تؤثر علي تحديد أسعار النفط ، وتباعا لهذه التوقعات من المؤكد سنشهد زياده اسعار النفط في مصر، ولكن البعد الاجتماعي سوف يحد من هذا الارتفاع.
واختتم قائلاً: ان اسواق النفط تتحكم فيها اوبك بلس وهي تميل الى السعر العادل وهو علي عكس الدول الصناعية الكبرى تميل الى انخفاض الاسعار بشكل عام.
ومن جانبه كشف السيد خضر، الباحث الاقتصادي، عن توقيع مصر اتفاقية هامة مع المملكة العربية السعودية في مجال التنقيب واستكشاف البترول، وأبرز أهمية السعودية كمصدر رئيسي للنفط ودورها البارز في منظمة أوبك.
وأوضح خضر, أن ارتفاع أسعار النفط قد يفاقم الأوضاع في ظل الأحداث العالمية وعدم تحقيق التعافي الاقتصادي، مشيراً إلى تحديات الولايات المتحدة في العودة إلى التعافي وتأثير ارتفاع أسعار النفط على ذلك.
وفي سياق متصل، أشار إلى تحديات أوروبا في موسم الشتاء والتأثير الذي قد يحدث في علاقتها مع روسيا في استيراد النفط، متوقعاً زيادة في الاستكشافات في البحر المتوسط وتحديد الحدود، والتأثير المتوقع على إنتاج النفط.
وأضاف أن مصر تتأثر بتلك التحولات الاقتصادية، مشيراً إلى توقعات بزيادة أسعار النفط في الايام القادمة، مع التأكيد على أهمية تحقيق توازن في ظل التحديات الاقتصادية العالمية المتوقعة.
وختم حديثه بالتنبؤ بوجود مفاجآت اقتصادية في الفترة المقبلة، وتوقع ارتفاع أسعار الخدمات الأخرى، مع تحذير من تأثير استمرار رفع الأسعار على المصريين وضرورة وجود سياسة اقتصادية لتحقيق التوازن وتقليل فاتورة الاستيراد.