في مثل هذا اليوم الموافق 2 سبتمبر، ذكرى ميلاد النجم الذي رحل عن عالمنا، لكنه لم يرحل عن قلوبنا، ولم ترحل ذكراه الطيبة، كان ولا يزال له مكانة خاصة في قلوب محبيه، رغم قلة سنوات نشاطه الفني. إلا أنه وفي وقت قصير، استطاع أن يستحوذ على قلوب الجماهير، ويترك علامات بارزة في مسيرته، ورغم مرور سنوات مضت، ظلت أعماله خالدة، وقد أطلق عليه مؤخراً لقب "فاكهة التسعينات"إنه ملك الرومانسية الفنان الراحل عامر منيب.
موقع " بلدنا اليوم " يرصد أبرز المعلومات الخاصة به خلال مشواره الفني
نشأة الفنان عامر منيب:
ولد عامر منيب في حي الدقي بالجيزة، يوم 2 سبتمبر عام 1963 من أصول عائلة فنية، فجدته هي الفنانة الراحلة ماري منيب ورث منها حب الفن، فانتقل عامر للعيش في منزل جدته بشبرا مع شقيقه الأكبر "جمال" وشقيقتيه الصغيرتين "أميرة" و"أمينة"، واكشف والديه حبه للغناء، وتوقع له والده الشهرة والنجومية، واعتاد عامر الذهاب مع جدته إلى مسرح "نجيب الريحاني" لمشاهدة أعمالها وكيفية إتقانها للأدوار، كان شغوفًا بالفن فكان مولعًا بالمسرح والتمثيل رغم عشقه الشديد للغناء، وفي عام 1969م توفيت جدته عندما كان في السادسة من عمره، وعاد للعيش في حضن والده.
كان من الطلبة المتفوقين دراسيًا، وفي عام 1985م تخرج من كلية التجارة جامعة عين شمس بعد حصوله على البكالوريوس بتقدير جيد جدًا وأصبح معيدًا بالجامعة، وفي أوقات الفراغ يقضيها في الغناء، فكانت أول أحلامه هو أن يرتدي بدلة "الطيار" سواء المدني أو العسكري، وكان في وجهة نظره حلم كل شاب هو العمل تحت مظلة "اليونيفورم"، ولكن لم يحالفه الحظ وضاع الحلم وسط حب الغناء، وجرب العمل في عدد من المجالات الأخرى، مثل التجارة في المشاريع الصغيرة، ولكن لم يجد نفسه إلا في الغناء.
وعام 1987م خلال شهر رمضان جاءت لعامر تذكرة وأوراق عقد سفر إلى أستراليا للحصول على الدكتوراه والعمل في إحدى الجامعات، وأثناء تناول السحور مع أصدقائه بأحد الفنادق ليودعهم قبل السفر، ولعبت الصدفة في حياة عامر، حيث تصادف وجود كبار الفنانين في هذه السهرة وفي نفس الفندق وهم: محمود ياسين وزوجته شهيرة ونور الشريف وزوجته الأولى بوسي بالإضافة إلى الفنان فاروق الفيشاوي والموسيقار حلمي بكر، وألح عليه زملاؤه للغناء، وقام بأداء أغنية "الفن" للموسيقار محمد عبد الوهاب ليتفاجأ جميع الحضور بصوته العذب وأظهروا إعجابهم الشديد به، وقاموا بدعوته للجلوس معهم وانبهروا فور اكتشفهم أنه حفيد الفنانة الكبيرة ماري منيب.
وقام الموسيقار حلمي بكر بمطالبته بضرورة البقاء في مصر وعدم السفر، وتنبأ له بمستقبل باهر بشرط أن يثقل موهبته بالدراسة، لتصبح بداياته الفنية حيث قام عامر فور عودته للمنزل بتمزيق تذكرة السفر، وفي اليوم التالي خضع بشكل كامل لدروس الأستاذ عاطف عبد الحميد، وتعلم على يديه المقامات الموسيقية وحصص سولفيج الصوت وقام بإحضار أستاذ آخر متخصص تعلم على يديه أصول وقواعد العزف على آلة العود.
قرر عامر تعلم فنون العزف على آلة البيانو، وبعد اجتيازه هذه الدروس قام بتكوين فرقة موسيقية صغيرة انتقل بالغناء بها في الفنادق الكبرى، ولم يكن له أغاني خاصة به بل كان يقدم أشهر وأجمل أغاني عبد الحليم حافظ وحقق بها شهرة جيدة، ثم قرر أن يكون له لون غنائي خاص به وإصدار أول ألبوم بأغاني مستقلة له، وبالفعل بدأ بتجهيز ألبومه الأول على نفقته الخاصة، ولكونه لم يكن يملك من المال ما يعينه على تنفيذ وإنتاج الألبوم فقد قام ببيع سيارته الخاصة بل واستدان من أصدقائه لكي يتمكن من دفع أجر فرقته الموسيقية وحجز الاستوديو، وأصر على أن يتعاون مع مجموعة من كبار الشعراء والملحنين رغم أجورهم المرتفعة مثل: مدحت العدل وصلاح الشرنوبي ورياض الهمشري، واستدان مرةً أخرى من أجل طبع الألبوم وتوزيعه.
وفي عام 1990 أصدر الألبوم بعنوان "لمحي"، والذي ضم 8 أغنيات، وأخذ من جدته اسمه الفني، ورغم الدعاية المحدودة إلا أنه حقق نجاحًا نسبيًا دفعه للاستمرار على الساحة، حيث كتب بالألبوم شهادة ميلاده الفنية، ليصبح "وش السعد" عليه وبدأت عروض شركات الإنتاج تتوالى عليه بعد أن أصبح له قاعدة جماهيرية نسبية من جمهور الشباب.
وبعدها بثلاث سنوات أصدر الألبوم الثاني له "يا قلبي"، وضم كذلك 8 أغنيات وبدأ تتسع قاعدته الجماهيرية، وفي عام 1994 أصدر ثالث ألبوم له "أول حب" والذي يعتبر بداية انطلاقته الفنية كنجم من نجوم الجيل في ذلك الوقت، وظهر في خلاله ملامح الرومانسية الشبابية في زمن التسعينات، وطرح ألبوم "علمتك" عام 1996.
تزوج عامر من خارج الوسط الفني من السيدة إيمان الألفي في عام 1996، وقد لُقب بين زملائه من الفنانين بأبو البنات، اذ أنه رُزق بثلاث بنات هن: "مريم، زينة، نور".
وفي عام 1998 عرض على عامر فيلم "صعيدي في الجامعة الأمريكية" ليقوم بالدور الذي جسده أحمد السقا ولكنه اعتذر عنه، ومن ثم طرح ألبوم "فاكر" في 1999.
كان لدى عامر منيب بعض التحفظات على الأغاني في حالة إتجاهها إلى إهانة المرأة، أو وصفها بالصفات السلبية التي تُعيبها، وكان يُفضل ذِكر المرأة في أغانيه بالحسنى، أو عن طريق عتابها بطريقة لينة، ورقيقة، لأن المرأة في نظره هي المجتمع كله، وليس نصف المجتمع فقط.
ففي الألفينات طرح ألبوم "أيام وليالي"، لتتوالى بعدها عدد من الألبومات "وياك"2001، وفي 2002 طرح ألبوم "الله عليك" فبعد عدة نجاحات حققها كمطرب اتجه عامر إلى طريق السينما، حيث بدأت أنظار المنتجين تتجه إليه، ثم أسند إليه أول بطولة سينمائية في فيلم "سحر العيون"، بجانب نيللي كريم وحلا شيحة، والذي تم عرضه عام 2002، فهو من سيناريو وحوار: نهى العمروسي، وإخراج: فخر الدين نجيدة، وحقق نجاحًا هائلًأ في تلك الفترة وحصد مليوني ونصف مليون جنيه.
وطرح في العام التالى 2003 ألبوم "حب العمر"، ليعود للسينما مرة آخرى في 2004 بفيلم "كيمو وأنتيمو"، وشاركه في البطولة مي عز الدين ووحيد سيف وطارق عبد العزيز وإيناس النجار، وغيرهم من الفنانين، والعمل من تأليف محمد البيه وإخراج حامد سعيد، ويطرح في نفس العام ألبوم "هاعيش".
أما في عام 2005 أخذ منيب فترة من الراحة في السينما وطرح ألبوم "كل ثانية معاك"، ليعود في العام التالى مرة ثانية بفيلمين يعرضا في نفس العام ويصبحا آخر أعماله السينمائية، وهما :"الغواص" وشاركه بطولته داليا البحيري وحسن حسني وسامي العدل، يوسف داوود، وهو من تأليف عبد الفتاح البلتاجي وإخراج فخر الدين نجيدة،ولم يحقق الفيلم نجاحًا جماهيريًأ مثل سابقه وبرر عامر فشل التجربة بالتوقيت السيئ الذي تم عرضه فيه، أما الثانى فيلم "كامل الأوصاف" الذي جمعه بالفنانة حلا شيحة للمرة الثانية، وشاركهم بطولته كل من: علاغانم، رجاء الجداوي، حسن حسني، خالد سرحان، أحمد سعيد عبد الغني، وهو من تأليف أحمد البيه وإخراج أحمد البدري.
وطرح بعدها بعامين 2008 ألبوم "حظي من السماء" ولقى نجاحًا كبيرًا فور طرحه، ليختم مسيرته الفنية عام 2009 بألبوم "يا الله" بعد عودته من أداء العمرة، وكانت أمنيته أن يقوم بتسجيل تلاوة للقرآن الكريم كاملًا بصوته.
ولمن لا يعلم فإن عامر منيب كان اول من قدم الملحن عمرو مصطفى ، وهو ما صرح به "الأخير" في العديد من اللقاءات التليفزيونية والصحفية.
أبرز أمنيات عامر منيب في 2010:
وكشف عامر منيب في عام 2010، أنه قد بدأ التحضير لأرشيف فني خاص به وقال في إحدى الحوارات في هذا الوقت : "كان عشقي لجدتي الفنانة الراحلة ماري منيب هو الدافع لإنجاز المشروع المتعلق بأرشيفي الفني، فقد عشت أعوامًا أبحث عن تفاصيل حياتها بصعوبة شديدة، إلى أن تمكَّنت من جمع كل المعلومات الخاصة بها في مادة إعلامية مدعَّمة ببعض الصور النادرة لها تجمعها بفرقتها المسرحية، وصور أخرى تضمها مع أفراد عائلتها، وقمت بإهداء جزء من هذا الأرشيف إلى مهرجان أوسكار السينما المصرية في دورته الأخيرة، حيث تم تكريم ماري منيب كإحدى رموز السينما المصرية"، وكان في هذا الوقت قد بدأ ايضًا التحضير لعمل درامي كبير عن قصة حياة جدته ماري منيب إلا أن وفاته حالت دون تحقيق ذلك.
بداية صراع منيب مع السرطان:
عانى عامر منيب من مرض السرطان بشكل مؤلم خلال أيامه الأخيرة، فكانت تلك الفترة هي الأكثر صعوبة فى حياته، الأمر الذي دفعه لطمأنة جمهوره على حالته الصحية من خلال تسجيل صوتي مؤثر قبل وفاته بأيام، لم يكن متداولًا بكثرة، قال فيه: "أنا عامر منيب كان نفسي إنى أكون معاكو كلكو و اشكركم واحد واحد واحدة واحدة، كل سنة وانتوا طيبين وربنا يخليكوا ليا، أنا الحمدلله بعيد عن الشائعات عملت عملية صعبة شوية في القولون، لكن عديت الحمد لله بخير دلوقتي وباخد علاج هو مش قوي اوي بس حديث شوية بألمانيا وربنا يشفي كل مريض يا رب ويبعد عنكو كل حاجة وبشكركم على دعواتكم وإن شاء الله اشوفكم قريب".
بدأت رحلة عامر منيب مع المرض حينما تعرض لهبوط حاد في الدورة الدموية، ودخل مستشفى دار الفؤاد قبل أسابيع من الوفاة بعد شكواه من آلام مبرحة في القولون ودخوله في غيبوبة شبه كاملة داخل غرفة العناية المركزة، بعد خضوعه لجراحة عاجلة لإزالة جزء من القولون بألمانيا، فشلت كل المحاولات الطبية لإفاقته منها، ولم يستطع الطبيب النمساوي المتخصص فى الإفاقة الوصول لمصر قبل أيام بسبب طلب سلطات بلاده من مواطنيها عدم السفر إلى مصر على خلفية أحداث التحرير، إلى أن تدهورت حالته الصحية ليصاب بهبوط آخر شديد الحدة في الدورة الدموية، ويرحل عن عالمنا صباح يوم السبت 26 نوفمبر 2011، بداخل مستشفى دار الفؤاد.
وصايا عامر منيب قبل وفاته:
رفض الراحل خلال أيامه الأخيرة التعامل مع شقيقته أمينة ووصل به الأمر إلى أنه كتب وصيته وأعطاها لزوجته تفيد بمنع أخته من التواجد في جنازته وحضور مراسم العزاء إلا بعدما تعود لصوابها وتطلب السماح من الله عز وجل بعد أن تعلن توبتها لله عز وجل وترد الملايين التي استولت عليها من ضحاياها في دبي ومصر وأن تبرئ ذمتها خالصة لله، وكانت أمينة حُكم عليها غيابيًا بالسجن 3 سنوات بتهمة النصب على رجل أعمال والاستيلاء منه على 600 ألف دولار بعدما أوهمته بقدرتها على تسهيل بيع صفقات حصص منظمة الأوبك العالمية من البترول والغاز ووقعت على شيكات بنكية بدون رصيد.
وكانت آخر وصايا عامر منيب قبل وفاته هي ألا تدخل ابنته مريم مجال الفن ولم يكن يُحبذ دخولها هذا المجال ونصحها لعدة مرات بألا تُقدم على تلك الخطوة، ولكنه ترك القرار النهائي لها.
وفاة عامر منيب:
رحل عن عالمنا ملك الرومانسية وصاحب الصوت الدافئ عامر منيب في 26 من نوفمبر 2011، عن عمر ناهز 48 عامًا بعد صراعٍ مرير مع مرض السرطان، ودُفن في قبر جدته النجمة الراحلة ماري منيب بمدينة نصر، تاركًا لنا فن عظيم محفورة في ذاكرتنا.