قررت الحكومة برئاسة الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء، خلال اجتماعها الأخير، وضع حزمة من الإجراءات الجديدة واستراتيجيات العمل التي تهدف إلي ترشيد استهلاك طاقة الكهرباء وتوفير بدائل للغاز الطبيعي لتشغيل محطات الكهرباء وتقليل ساعات عمل الجهات الحكومية بالسماح للوزراء بالموافقة علي عمل العاملين لديهم يوم الأحد من منازلهم " العمل عن بعد"، لتستدعي لنا أزمة انقطاع الكهرباء بعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة خلال أزمة كورونا، وتزايدت المخاوف المجتمعية في السوشيال ميديا من العودة للعمل بنظام نصف الوقت ونصف الأجر، كما حدث في جائحة كورونا، فهل تتضاعف ساعات التوفير في الأعمال الحكومية مع استمرار الموجة الحارة؟، وهل ستؤتي هذه الإجراءات الثمار المأمولة من ترشيد استهلاك الطاقة؟، وهل ستغلظ الحكومة عقوبات سرقة التيار الكهربائي، خاصة وأن هناك نسبة كبيرة من استهلاك الكهرباء يسرقها الباعة الجائلين في الشوارع والمناطق التجارية ولا يدفعون عنها مليما في الوقت الذي تتضاعف فيه أسعار شرائح استهلاك الكهرباء للاستخدام المنزلي لمحدودي ومعدومي الدخل؟.
إجراءات الحكومة لتنظيم أوقات قطع الكهرباء وترشيد الاستهلاك لخصتها تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء عقب اجتماع الحكومة اليوم بمقرها بمدينة العلمين الجديدة، بحضور الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والمهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، وحول هذه الإجراءات قال " مدبولي ": "إنه تم التوافق على اتخاذ عدة إجراءات لتخفيف تأثير أزمة ارتفاع درجات الحرارة الشديد على الكهرباء، موضحاً أن محطات الكهرباء في مصر تعتمد في تشغيلها بنسبة 85%على الوقود الأحفوري، وهو مزيج بين الغاز الطبيعي والمازوت، إلى جانب الطاقة الجديدة والمتجددة والتي ترتبط بالسد العالي ومشروعات الطاقة المتجددة من الشمس والرياح التي تتوسع الدولة المصرية في تنفيذها.
وأوضح مدبولي أنه طبقا للتقديرات، نحتاج في وقت الذروة إلي إنتاج الكهرباء بنحو 34 جيجاوات ، ونحتاج إلى 129 مليون متر مكعب يوميا من الغاز الطبيعي والمازوت ، مؤكدا أنه يتم تخصيص هذه الكمية من الغاز الطبيعي والمازوت بشكل يومي، موضحا أن ما نحتاجه من الغاز الطبيعي المطلوب لتشغيل المحطات متاح من خلال ما ننتجه، أما المازوت فإننا ننتج كمية منه ونستورد كمية أخري إضافية، وبناء على العديد من الدراسات والتقديرات وما يتم لحوكمة الاستيراد، فقد تم اتخاذ قرار منذ شهر ابريل الماضي بإيقاف استيراد أي شحنات إضافية من المازوت والاعتماد على ما يتم إنتاجه محليا، وما كنا ننتجه محلياً من المازوت في الظروف الطبيعية يكفينا لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء، ومن الممكن أن نحتاج بعض أو نسبة قليلة جدا من كميات المازوت لاستخدامها في الظروف الطارئة لافتا إلي أنه منذ بداية الأزمة يوم 17 يوليو الجاري، ونظراً للارتفاعات الشديدة في درجات الحرارة، وكي نتمكن من تشغيل المحطات بأقصى طاقة ممكنة؛ لمواجهة معدلات الاستهلاك المرتفعة، التى اقتربت من 36 جيجاوات كاستهلاك في اليوم الواحد، قامت الدولة باستخدام كل الإمكانات المتاحة من غاز طبيعي ومازوت سواء في مخازن وزارة البترول أو وزارة الكهرباء للتعامل مع هذا الموضوع.
وقال إن هذه الإجراءات تشمل زيادة حجم ما نستورده من المازوت بحوالي من 250 إلي 300 مليون دولار ،موضحا أن ذلك لم يكن في الحسبان في الموازنة العامة للدولة ،مع وضع خطة بمزيد من الترشيد لاستهلاك الكهرباء ، لافتا إلي أن مواجهة الأزمة تتطلب تحديث إستراتيجية الطاقة المتجددة للوصول إلى نسبة 42% من إجمالي الطاقة الكهربائية عام 2030 بدلا من عام 2035، وتم توقيع 23 مذكرة تفاهم لإنشاء مشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر، والتي تتطلب إضافة قدرات تصل إلى 100 جيجاوات من طاقة الشمس والرياح، وتوقيع 9 اتفاقيات إطارية مع المطورين خلال فعاليات مؤتمرCOP27، وهي الإجراءات التي تترجم الرغبة في تشجيع الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة ومواكبة المستجدات التي شهدها القطاع مؤخراً، والتشريعات والسياسات الصادرة أو المرتقبة،وأضاف أنه اعتبارا من 6 أغسطس وكل أحد خلال هذا الشهر، فإن الموظفين بالمباني الخدمية غير المرتبطة بالعمل المباشر مع المواطن يكون العمل من المنزل لتخفيف الضغط على شبكة الكهرباء كما تشمل الإجراءات أيضا توجيه لوزير الشباب والرياضة لإقامة المباريات الرياضية قبل توقيت المغرب حتى نتمكن من تخفيف الإنتاج.
وخلقت هذه الإجراءات جدلا واسعة في شبكات التواصل الاجتماعي في مصر ، وطالب الكثير من خبراء المال والاقتصاد وأصحاب الرأي المؤثرين في هذه الشبكات بضرورة تغليظ عقوسرقة التيار الكهربائى.. من الجرائم المنتشرة في المجتمع، حيث يلجأ فئة من ضعاف النفوس لها وهو ما واجهه القانون رقم 192 لعام 2020 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الكهرباء الصادر بالقانون رقم 87 لعام 2015، عبر توقيع عدد من العقوبات على سارقى التيار الكهربائي المنتشرة علي نطاق واسع في العديد من المدن المصرية خاصة القاهرة والإسكندرية ، لافتين إلي ضرورة تطبيق المادة 70 من قانون الكهرباء , والتي تنص على : "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قام أثناء تأدية أعمال وظيفته فى مجال أنشطة الكهرباء أو بسببها بارتكاب الأفعال الآتية: توصيل الكهرباء لأى من الأفراد أو الجهات دون سند قانونى بالمخالفة لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له، أو علم بارتكاب أى مخالفة لتوصيل الكهرباء، ولم يبادر بإبلاغ السلطة المختصة، أو الامتناع عمدًا عن تقديم أى من الخدمات المرخص بها دون عذر أو سند من القانون، وفى حالة العودة تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على مائتى ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".
كما يطالب عدد كبير من المصريين بتطبيق نص المادة "71" من قانون الكهرباء والتي تنص علي عقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تزيد على مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، علي كل من استولى بغير حق على التيار الكهربائي وفى حالة العود تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتنقضى الدعوى الجنائية، إذا تم التصالح وفقًا لنص المادة (18 مكررًا ب) من قانون الإجراءات الجنائية"فهل ستفلح الإجراءات الحكومية في خفض استهلاك الكهرباء؟ وهل سيكون هناك إجراءات مشددة لتطبيق العقوبات المقررة في القانون علي سارقي الكهرباء في الشوارع ؟ الأيام القليلة المقبلة تجيب حتما عن كل هذه التساؤلات .
ووفقًا لنفس المادة من قانون الكهرباء ، تقضى المحكمة بإلزام المحكوم عليه برد مثلى قيمة استهلاك التيار الكهربائي المستولى عليه في الحالة المشار إليها بالبند (1) من الفقرة الأولى، كما تنقضى الدعوى الجنائية بشأن هذه الحالة، إذا تم التصالح وفقًا لنص المادة (18 مكررًا ب) من قانون الإجراءات الجنائية.