تمارس أي مؤسسة أو قطاع مجموعة من الأنشطة المتنوعة والمتفاعلة مع بعضها البعض، والتي تحقق في النهاية الهدف المنشود لها، وهي تقديم الخدمة للمتعاملين والرضا العام للعاملين، ولتحقيق ذلك يتم بمشاركة مجموعة من العناصر البشرية المتعاونة في أداء العمل والمنظمة في علاقاتها، والموجهة بجهودها نحو الوصول للنتائج الجيدة.
بمعنى أن الإدارة لكي تمارس أنشطتها يلزمها مجموعة من الموارد المادية والتي تتمثل في الأموال والأجهزة والأدوات، والموارد المعنوية المتمثلة في الأفكار والطرق والأساليب والمعلومات، والموارد البشرية تتمثل في العامل البشري الذي عن طريق استغلاله الاستغلال الأمثل لتحقيق الإدارة أقصى فائدة ممكنة من بقية الموارد المستخدمة.
لذا تتأسس الإدارة الناجحة، وتتحقق الأهداف المنشودة من خلال العنصر البشري، الذي يعكس الرضا الوظيفي له درجة إدراك العامل لوظيفته وظروفها؛ لأنه يرتبط بمشاعره وإحساسه تجاه العمل والتي يعبر عنها بمدى إشباع العمل لحاجات الفرد، ويتولد إحساس نفسي بالسعادة والارتياح، وكذلك إشباع الرغبات و الشعور بالانتماء والولاء للمهنة.
ويُعد الرضا الوظيفي من أهم العوامل المؤثرة على بذل المزيد من الجهود باتجاه تحسين وتطوير أداء العمل؛ حيث أكدت العديد من الدراسات أنه يساهم في الحفاظ على مستوى عال من الأداء لدى العاملين، وأن السبب الأول لانتماء الأفراد لأي نظام هو التسلسل لهرم الحاجات، وأن عدم إشباع الحاجات قد يؤدي إلى اختلال الاتزان الأمر الذي يستدعي سلوكًا لإعادة التوازن، وقد يتسبب عدم تلبية حاجات الفرد إلى سلوكيات سلبية، مثل عدم الرغبة في العمل، وأن الشعور بالحرمان الناتج عن إهمال احتياجاتهم الذاتية والاجتماعية قد يكون المسبب لإهمالهم في العمل وعدم إحساسهم بالمسئولية.
فانعدام العدالة في المعاملة يؤدي إلى التراجع في العمل وعدم الرضا، حيث تفترض نظرية عدالة المردود في تفسيرها للرضا الوظيفي، بأن الفرد يحاول الحصول على المردود أثناء قيامه بعمل ما، ويتوقف رضاه على مدى اتفاق العائد الذي يحصل عليه مع العمل الذي قام به.
واستخلصت الدراسات والبحوث بأن العوامل الدافعة التي يشعر العامل من خلالها بالرضا، تتمثل في الاحترام، والالتزام، والترقية، والمسئولية، والتقدير، والعدالة التي يفتقدها العاملين في الشهر العقاري والتوثيق نتيجة لفقدان الثقة التي تولدت من عدم احترام القوانين واللوائح، وإهدار لجهود العاملين أثناء الخدمة، وبعد إحالتهم علي المعاش، وإهمال احتياجاتهم الذاتية والإجتماعية، وانعدام العدالة في المكافآت والحوافز والبدلات بالتمييز الجغرافي والإداري، وتأصيل للتمييز ضد "الجنوبيين" بمنع صرف 25 شهر بدل نقدى وأي حقوق مستحقة لهم.
وأتابع مؤسسات وقطاعات ضمن المنظومة العدلية ولم أشاهد إدارة تستهدف العاملين بها ولم تبالي من ضياع الحقوق، وعدم الوفاء بالعهود، مثل ما يحدث من إدارة المستشار أشرف حجازى مساعد وزير العدل مع "الشهر العقاري والتوثيق" الذي يُعد أكبر قطاع يُدر للدولة إيرادات كبيرة، والعاملين به أفنوا عمرهم ولم ينالوا الحد الأدنى من حقوقهم ولم يصلوا إلى "حياة كريمة"، ولم تتوافر لهم الحماية القانونية والتقدير المعنوي والمادى الذي يكافئ هذا العمل والمكان والمكانة للشهر العقاري والتوثيق، وهي القلعة الحصينة لحماية الملكية العقارية وملاذ المواطنين لحماية وصون ممتلكاتهم وهي الجهة القانونية الوحيدة التي أناط بها المُشرع لتكون الأمينة على كافة المعاملات، وصاحبة الولاية العامة لحماية وحفظ الملكية للأفراد مصريين كانوا أم أجانب، وكذلك الأشخاص الاعتبارية وتأتى على رأسها الدولة، وهي حجر الزاوية في الاقتصاد المصري، التي تؤكد على استقرار النظام الاجتماعي في مصر باعتبارها وظيفة اجتماعية وعنصرًا من عناصر الثروة القومية.