"هنا القاهرة" تلك الجملة الشهيرة الخالدة - جملة الافتتاح - التى جاءت على لسان المذيع أحمد سالم، فكان البث اليومى يُفتتح بها، مما كان من شأنه إعلاء اسم تلك الإذاعة، حتى يرتفع إلى عنان السماء، ويُـشنّف بها آذان كل القاهرة، والمستمعين كافة، أينما كانوا.
ارتبطت برامج الإذاعة المصرية فى وجدان المصريين، جيلًا بعد جيل، نحن تربينا على عطاءات الإذاعة المصرية، فكوّنت ذوقنا، وعدّلت ورقّـقت مشاعرنا، فكان المذياع صديقنا المفضل، وكنا نحن أصدقاءه الذين دائما ما كانوا يلتفون حوله، وكذلك هو لم يبخل علينا، بالإبداعات، والعطاءات المتواصلة، والمتجددة، ببرامجه الشهيرة ( أبلة فضيلة، وربّات البيوت، وحول الأسرّة البيضاء، وجرّب حظك، وقال الفيلسوف، وعلى الناصية..
وصولا الى المسلسل الإذاعى، والذى كان يذاع عقب نشرة الخامسة للأخبار.. كانت الساعة الخامسة والربع عصر كل يوم موعدا مقدّسا لدينا، فقد كان هذا الموعد تجتمع له الأسرة
حول المذياع، ليستمتعوا بمسلسل " سمارة"، و" ريّا وسكينة "، و"زعتر افندى "، و"موهوب وسلامة "، والكثير والكثير من هذه الدُّرر، والروائع..
نحن نغبط أنفسنا، عندما نحتفل معا بالعيد التاسع والثمانين لذكرى انطلاق بث الإذاعة المصرية عبر الأثير، وذلك فى الواحد والثلاثين من مايو من السنة الرابعة والثلاثين بعد التسعمائة وألف للميلاد (1934 م )، فمنذ ذلك الحين، ارتبطت الإذاعة المصرية ارتباطا وثيقا بالحياة المصرية، كما. أنها حافظت على شبابها، لتتوافق مع الذوق العام للمستمعين، من خلال تطوير وتحديث البرامج، وكافة الأعمال المقدمة، وهى بلا شك، كانت صاحبة دور تنويرى ومؤثر، فقد غيّرت بأعمالها الهادفة، من نبض الشارع، وشاركته همومه وآماله وأفراحه وانتصاراته، وكانت - ولا تزال -ضمير الأمة المصرية والعربية على مرّ السنوات، والمرآة الصادقة لمسيرة الشعب وتاريخه، كما كانت دائما، ولا أحد - ولا إحدى -يستطيع أن ينكر دورها سياسيا، إلى جانب دورها المجتمعى، وهل يغيب عنا تذكّر حفلات كوكب الشرق - أم كلثوم - فى الخميس الأول من كل شهر، وهل يغيب عنا تذكّر مقدمها الإذاعى الشهير جلال معوض، هذه خواطر جياشة لا ينساها الجمهور أبدا، ونحن نتذكر أيضا الدراما الإذاعية، والأوبريتات الغنائية، والبرامج الشهيرة كما ذكرنا آنفا..!
وإننى إذ أقرّر حبى للإذاعة المصرية العظيمة واعتزازى بها، فإننى أفخر، بأن وجدت لى مكانا لها، ضمن فريق عمل هذه الأسرة الكبيرة الشامخة، وتحت لوائها، بإسهامات، تعزف على أوتار الثقافة الحقيقية الهادفة..!
ومن دواعى عرفاننا بما قدمته لنا الإذاعة، فلنتقدم بخالص التهنئات القلبية لكل أسرة الإذاعة المصرية العريقة، والتى كانت ولا تزال الإذاعة الرائدة لكل إذاعاتنا العربية فى عالمنا العربى الكبير، عن طريق خبراتها الأصيلة، وتجاربها الناضجة، وعطائها المثمر الخلاق
و "هنا القاهرة "..!