يقدم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب لزواره كتاب "محمد متولي الشعراوي: جولة في فكره الموسوعي الفسيح"، بقلم الأستاذ الدكتور محمد رجب البيومي، من إصدارات مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف.
يذكر الكتاب في طليعته أنه لا يكاد يوجد عربي أو مسلم يعرف العربية إلا واستمع إلى فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي في خاطرة من خواطره التفسيرية، والتي جمع فيها بين القدرة على الوقوف على فهم القرآن، واكتشاف جوانبه، والعثور على جواهره، والاطلاع على حقائقه ومعرفة دقائقه وبيان إعجازه، بصورة أبهرت العقول واستولت على القلوب واستقرت في الوجدان، فهو أحد المربين الأفذاذ الذين عرفوا بدقة الفهم وغزارة العلم وتنوع المعرفة وتعدد المواهب وطرافة الاستنباط وجودة الأسلوب.
ويذكر المؤلفُ الباعثَ على تأليف كتابه، فيذكر أنه منذ أن انتقل الأستاذ الإمام الشيخ محمد متولي الشعراوي إلى رضوان الله، وتلاميذ الدراسات العليا بجامعة الأزهر في مختلف كلياته، يأتون إليه سائلين عن مسائل علمية تتعلق بنتاجه الغزير؛ لتكون مجال بحث الماجستير والدكتوراه، فمن سائل عن منهجه في التفسير، وسائل عن أسلوبه في الدعوة، وسائل عن إبداعه الأدبي، وسائل عن موقفه من قضايا العصر، ومع توالي الأسئلة مع تكرارها دفع الأمرُ المؤلف إلى كتابة مؤلف يتحدث عن فكر الشيخ الموسوعي في شتى اتجاهاته، حديثاً موجزاً يُلبي بعض ما يُريده هؤلاء الطلاب.
وعن الملامح الشخصية للشعراوي، يذكر المؤلف أن الأستاذ الإمام محمد متولي الشعراوي كاد أن يكون ظاهرة كونية في تألق ذكره، وسعة انتشاره إذ ما أُتيح له أن يظهر في أوائل السبعينيات في التليفزيون المصري حتى جذب الأنظار إليه جذبًا أخَاذا غير معهود، فتناقل حديثه الخاصة والعامة، وسارع الناشرون من تلقاء أنفسهم إلى تسجيل أحاديثه في كتب لا تُطبع حتى تنفد، ويعاد طبعها فتنفد، وأخذ السامعون لدروسه يعدون شرائط الكاسيت؛ لتسجيل كل ما يقول، فإذا فرغ الدرس أخذوا يراجعون التسجيل مع من شاركهم هذا العمل؛ كيلا يفوتهم لفظ واحد، أما الإذاعات الشقيقة في الشرق العربي فعملت جهدها على أن تذيع كل ما قاله الشيخ، فإذا لم يتح لإحداها أن تجد الأمر ميسورًا أرسلت إلى الشيخ متوسلة راجية أن يرسل إليها ما يحتفظ به من أدوات التسجيل، ورأت الجرائد اليومية أن الإقبال على أحاديث الشيخ منقطع النظير على نحو غير معهود، فجعلت تفرد الصفحات متتبعة كل ما يذيع الشيخ ومحذرة أن تنقل عنها صحيفة أخرى ما انفردت به.
ثم يعلق رجب البيومي على هذه الظاهرة بالقول: "هكذا ملأ الرجل أذهان المسلمين في كل أدوات الإعلام؛ إذاعة وصحافة ومطبعة وشرائط، وقد أفزع ذلك من كانوا يتوهمون أن رجل الدين ذو حيز محدود، وأنهم باحتلالهم الصحف اليومية واسعة الانتشار صاروا أصحاب القيادة الفكرية".
وعن منهج الشيخ الشعراوي في تفسيره لكتاب الله، يذكر المؤلف أن أهم ما أكده الإمام محمد متولي الشعراوي في تفسيره، هو أن القرآن كتاب الحياة؛ فقد جمع صلاحها وإصلاحها، وبه وحده تسير عجلة الحياة على أحسن وجه يُتاح؛ ذلك أن الرجل في دروسه كلها لم يخرج عن كتاب الله؛ فهو دائما يقف أمام آية يشرحها، ويفصل ما أجمل من معانيها، وهذا الشرح وحده قد جمع شؤون الحياة، وخاض به الشيخ فيما يشغل الناس من أمور الاجتماع والسياسة والأخلاق والاقتصاد، ومعنى ذلك كله أن القرآن قد أصبح بتفسيره الناطق من فم الشيخ دستور الناس، ولهم فيه غُنية من ناحية الإصلاح والصلاح عما سواه.
ويذكر رجب البيومي؛ مؤلف الكتاب، أن الشيخ الشعراوي تواضع حين قال في مقدمة التفسير: "خواطري حول القرآن الكريم لا تعني تفسيرًا للقرآن، وإنما هي هبات صفائية، تخطر على قلب مؤمن في آية أو بضع آيات"، فقرر أن خواطره لا تعني تفسيرا للقرآن مع أنها من صميم التفسير، ولعل هذا التواضع مبعثه الاحتراز الشديد أن يكون في خواطره ما لا يتفق ومراد الله من قوله، وأي شيء في ذلك؟! فكل مجتهد يخطئ ويصيب، ويثاب على الخطأ والصواب معا حين يُخلص في فهمه ويبذل قصارى جهده في استيفائه.
ويشتمل كتاب محمد رجب البيومي عن فضيلة الشيخ الشعراوي على المباحث التالية: الشيخ الإمام داعية الإسلام، نشأة مباركة، ملامح شخصية، موهبة نادرة، وضوح سافر، حب الزملاء، کرم منهمر، ثقافة واسعة، رحلات هادفة، معارك علمية، ذلك الكتاب، من ملامح الإعجاز القرآني، عن محمد رسول الله ﷺ، الإسراء والمعراج ومصير اليهود، قضايا معاصرة، التفسير بين الحقيقة والمجاز، سؤال وجواب بين إمامين، اعتراض وجوابه، تنوع واختلاف، سبحات نورانية، اقتراحات مخلصة، في موكب الوداع: مرثية الإمام محمد متولي الشعراوي.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام السابع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 54 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.