تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنان الراحل وديع الصافي, ولد وديع بشارة يوسف فرانسيس فى 1 نوفمبر 1921 في قرية نيحا الشوف اللبنانية.
نشأته
وينتمى وديع الصافى إلي أسرة مكونة من ثمانية أولاد وكان ترتيبه الأبن الثانى بينهم ووالده هو بشارة يوسف جبرائيل فرنسيس كان رقيباً في الدرك اللبناني.
عاش الصافى طفولة متواضعة يغلب عليها طابع الفقر والحرمان وفي عام 1930 إنتقلت عائلته إلى بيروت ودخل وديع الصافي مدرسة دير المخلص الكاثوليكية، فكان الماروني الوحيد في وقتها والمنشد الأوّل فيها وبعدها بثلاث سنوات إضطر للتوقّف عن الدراسة لأن جو الموسيقى هو الذي كان يطغى على حياته من جهة، ولكي يساعد والده من جهة أخرى في معيشة عائلته.
إنطلاقته الفنية
كانت إنطلاقته الفنية عام 1938 حين فاز بالمرتبة الأولى لحنًا وغناء وعزفًا من بين أربعين متباريًا في مباراة للإذاعة اللبنانية، أيام الإنتداب الفرنسي، في أغنية "يا مرسل النغم الحنون" للشاعر المجهول آنذاك الأب نعمة اللّه حبيقة, وكانت اللجنة الفاحصة مؤلّفة من "ميشال خياط, سليم الحلو, ألبير ديب, محيي الدين سلام"، الذين إتفقوا على إختيار إسم "وديع الصافي" كإسم فني له نظرًا لصفاء صوته, فكانت إذاعة الشرق الأوسط بمثابة معهد موسيقي تتلّمذ وديع فيه على يد ميشال خياط وسليم الحلو، الذين كان لهما الأثر الكبير في تكوين شخصيّته الفنية.
بدأت مسيرته الفنية بشق طريق للأغنية اللبنانية التي كانت ترتسم ملامحها مع بعض المحاولات الخجولة قبله عن طريق إبراز هويتها وتركيزها على مواضيع لبنانية وحياتية ومعيشية, ولعب الشاعر أسعد السبعلي دورًا مهمًا في أغانيه فكانت البداية مع طل الصباح, وتكتك العصفورعام 1940.
كان أول لقاء لوديع مع الموسيقار محمد عبد الوهاب عام 1944 حين سافر إلى مصر وفي عام 1947 سافر مع فرقة فنية إلى البرازيل لمدة 3 سنوات وبعد عودته من البرازيل، أطلق أغنية "عاللّوما"، فذاع صيته بسبب هذه الأغنية التي لاقت صدى في جميع الاوساط وأصبحت بمثابة التحية التي يلقيها اللبنانيون على بعضهم بعضا.
وكان الصافي أول مطرب عربي يغني الكلمة البسيطة وباللهجة اللبنانية بعدما طعّمها بموال "عتابا" الذي أظهر قدراته الفنية.
قال عنه الموسيقارمحمد عبد الوهاب عندما سمعه يغني أوائل الخمسينات "ولو" المأخوذة من أحد افلامه السينمائية وكان وديع يومها في ريعان الشباب: "من غير المعقول أن يملك أحد هذا الصوت" فشكّلت هذه الأغنية علامة فارقة في مشواره الفني وانتشاره في الوطن العربى إنذاك.
في أواخر الخمسينات بدأ العمل المشترك مع العديد من الموسيقيين من أجل النهضة بالأغنية اللبنانية إنطلاقًا من أصولها الفولكلورية، وذلك من خلال مهرجانات بعلبك التي جمعت وديع الصافي، وفيلمون وهبي، والأخوين رحباني، وزكي ناصيف، ووليد غلمية، وعفيف رضوان، وتوفيق الباشا، وسامي الصيداوي، وغيرهم.
رحلاته خارج لبنان
مع بداية الحرب اللبنانية، غادر وديع لبنان إلى مصرعام 1976، ومن ثمّ إلى بريطانيا، ليستقرّ عام 1978 في باريس, كان سفره اعتراضًا على الحرب الدائرة في لبنان.
منذ الثمانينات، بدأ الصافي بتأليف الألحان القومية نتيجة معاناته من الحرب وويلاتها على الوطن وأبنائه وإقتناعًا منه بأن كلّ أعمال الإنسان لا يتوّجها سوى علاقته باللّه.
فى عام 1989 أقيمت له حفلة تكريم في المعهد العربي في باريس بمناسبة اليوبيل الذهبي لإنطلاقته وعطاءاته الفنية.
زواجه
في عام 1952 تزوج من ملفينا طانيوس فرنسيس، إحدى قريباته، فرزق بستة أولاد وهم دنيا ومارلين وفادي وأنطوان وجورج وميلاد.
في عام 1990 خضع لعملية القلب المفتوح، لكنه استمر بعدها في عطائه الفني بالتلحين والغناء, وعلى أبواب الثمانين من عمره، لبّى الصافي رغبة المنتج اللبناني ميشال الفترياديس إحياء حفلات غنائية في لبنان وخارجه مع المغني خوسيه فرنانديز وكذلك المطربة حنين، فحصد نجاحاً منقطع النظير أعاد وهج الشهرة إلى مشواره الطويل لم يغب يوماً عن برامج المسابقات التلفزيونية الغنائية قلباً وقالباً فوقف يشجع المواهب الجديدة التي رافقته وهو يغني أشهر أغانيه.
حصل الصافي علي ثلاث جنسيات المصرية والفرنسية والبرازيلية، إلى جانب جنسيته اللبنانية، الاّ أنه كان يفتخر بلبنانيته ويردد أن الأيام علمته بانه "ما أعز من الولد الإ البلد"
أعماله الفنية
شارك وديع في العديد من الأفلام السينمائية ومن بينها "الخمسة جنيه, غزل البنات, اللحن الأول, إنت عمري , ليالي الشرق, موّال, نار الشوق مع صباح, الأستعراض الكبير.
غنّى وديع الصافى للعديد من الشعراء خاصّة أسعد السبعلي, ومارون كرم، وللعديد من الملحنين وأشهرهم الأخوان رحباني وزكي ناصيف, وفيلمون وهبي, وعفيف رضوان, ومحمد عبد الوهاب, وفريد الأطرش, ورياض البندك لكنّه كان يفضّل أن يلحّن أغانيه بنفسه لأنّه كان الأدرى بصوته ولأنّه كان يُدخل المواويل في أغانيه، غنّى الآلاف من الأغاني والقصائد ولحّن العدد الكبير منها وشارك في العديد من مهرجانات الغناء.
الأوسمة والجوائز
حصل وديع الصافى علي العديد من الجوائز والأوسمه فقد وحمل أكثر من وسام إستحقاق منها خمسة أوسمة لبنانية نالها أيام الرؤساء كميل شمعون, وفؤاد شهاب, وسليمان فرنجية, وإلياس الهراوي،كما منحه الرئيس اللبناني إميل لحود بمنحه وسام الأرز برتبة فارس, ومنحه سلطان عمان وسام التكريم من الدرجة الأولى عام 2007.
كما منحته جامعة الروح القدس في الكسليك دكتوراه فخرية في الموسيقى عام 1991.
مرضه ووفاته
تعرض الفنان الراحل وديع الصافي لوعكة صحية خلال وجوده في منزل ابنه بلبنان حيث شعر بهبوط حاد في الدورة الدموية، نقل على أثره للمستشفى، لكن لم تفلح جهود الأطباء في إنقاذه بسبب عدم تحمل قلبه للإجراءات العلاجية, وتوفي في 11 أكتوبر 2013, عن عمر يناهز 92 عاماً، قضى أكثر من نصفه في العطاء الفنى, أقيم له مأتم رسمي وشعبي حضره حشد من الشخصيات الفنية والسياسية والاجتماعية في بيروت.