شارك الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى في ندوة “المياه : أداة للتنمية المستدامة.. النموذج المصرى”، وذلك بالجناح المصري ضمن فعاليات أسبوع “الأهداف العالمية” والمنعقد على هامش معرض إكسبو دبي 2020.
وقدم الوزير عرضاً تقديمياً يستعرض فيه الموقف المائى المصرى تحت عنوان “التحديات .. الفرص .. المشروعات الحالية والمستقبلية”.
وأضاف أن مصر تعتمد بنسبة 97% على مياه نهر النيل، وتصل احتياجاتها المائية إلى نحو 114 مليار متر مكعب سنوياً يقابلها موارد مائية لا تتجاوز الـ 60 مليار متر مكعب سنوياً ، بعجز يصل إلى 54 مليار متر مكعب سنويا.
وقال إن حجم التحديات التى يواجهها قطاع المياه في مصر وعلى رأسها الأفعال الأحادية لملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبى والزيادة السكانية ومحدودية الموارد المائية والتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، مؤكداً أن مصر تُعد من أكثر دول العالم التى تُعانى من الشح المائى.
كما تقوم الوزارة بتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى لإعادة تأهيل المنشآت المائية ، وتحقيق الإدارة الرشيدة للمياه الجوفية مع إستخدام الطاقة الشمسية فى هذه الآبار، إضافة للاعتماد على التكنولوجيا فى العديد من أعمال الوزارة مثل استخدام صور الأقمار الصناعية فى الإنذار المبكر والتنبؤ بالأمطار وتحديد مساحات الأراضى الزراعية والتركيب المحصولى ، وإستخدام منظومة التليمترى فى قياس المناسيب بالمواقع الهامة بالترع والمصارف ، وتشغيل الآبار الجوفية عن بعد.
واستعرض الدكتور عبد العاطى مجهودات الوزارة فى مجال التطوير التشريعى وتدريب المتخصصين وزيادة الوعى المائى ، مشيراً لقانون الموارد المائية والري الجديد الذى تمت الموافقة عليه بشكل نهائى فى مجلس النواب وجار حاليا اعداد لائحته التنفيذية ، وتنفيذ العديد من البرامج التدريبية للعاملين بالوزارة.
إضافة لتنفيذ العديد من حملات التوعية بين المواطنين بأهمية ترشيد المياه والحفاظ عليها من الهدر والتلوث، وتنظيم العديد من المسابقات خلال اسبوع القاهرة للمياه تشمل المزراعين وطلاب المدارس والجامعات والحاصلين على الماجستير والدكتوراة.
وأشار الدكتور عبد العاطى لما تمثله اللقاءات الدولية المعنية بالمياه من أهمية كبرى في زيادة الوعى بقضايا المياه ، وتحقيق التنسيق والتعاون بين مختلف دول العالم في مجال المياه ، الأمر الذى ينعكس على تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمياه في العديد من دول العالم.
وأكد الدكتور عبد العاطى أن التعاون بين مصر والدول الإفريقية يُعد أحد العلامات البارزة للتعاون المتميز بين الدول والمبنى على أسس من الأخوة وتبادل الخبرات.
وأشار إلى أن مصر وافقت على إنشاء العديد من السدود بدول حوض النيل والتى يصل عددها إلى (15) سدا، مثل خزان أوين بأوغندا الذى ساهمت مصر فى بناءه قبل بدء إنشاء السد العالى بعشر سنوات .
إضافة للعديد من السدود فى إثيوبيا مثل سدود تكيزى وشاراشارا وتانا بلس التى لم تعترض مصر على إنشائهم ، ولكن إنشاء سد ضخم مثل سد النهضة، وبدون وجود تنسيق بينه وبين السد العالى هو سابقة لم تحدث من قبل، الأمر الذى يستلزم وجود آلية تنسيق واضحة وملزمة بين السدين فى اطار اتفاق قانونى عادل وملزم ، وهو الأمر الذى ترفضه إثيوبيا ، رغم أن مصر عرضت على اثيوبيا العديد من السيناريوهات التى تضمن قدرة السد على توليد الكهرباء بنسبة تصل الى 85% فى أقصى حالات الجفاف ، مشيرا إلى أن 40 مليون فرد فى مصر يعتمدون على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل ، ويصل نصيب الفرد ف مصر من المساحات الى 0.10 هكتار.
ويتم سد هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام المياه ، واستيراد محاصيل زراعية بما يعادل نحو 34 مليار متر مكعب سنويا، ولمواجهة هذه التحديات وضعت الوزارة خطة لإدارة الموارد المائية حتي عام 2037 بالتعاون مع جميع الوزارت المعنية باستثمارات تتجاوز الـ 50 مليار دولار من المتوقع زيادتها إلى 100 مليار دولار .
وتهدف لتحسين نوعية المياه وتنمية موارد مائية جديدة وترشيد استخدام الموارد المتاحة حالياً وتوفير البيئة الداعمة لقضايا المياه، وتم خلال هذه الخطة تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى التى تهدف لزيادة قدرة المنظومة المائية على التعامل مع التحديات المائية بدرجة عالية من المرونة والكفاءة، وتحقيق العديد من الأهداف مثل ترشيد إستخدام المياه، وتعظيم العائد من وحدة المياه، وتحسين إدارة المنظومة المائية.
وأشار الدكتور عبد العاطى لعملية التطوير الشاملة للمنظومة المائية والتى تقوم الوزارة بتنفيذها حالياً بما ينعكس إيجابياً على المزارعين بالمقام الأول، مستعرضاً التجربة المصرية الناجحة في تأهيل الترع والمساقى، والتى تستهدف تأهيل 20 ألف كيلومتر من الترع الفرعية، والتى حققت العديد من المكاسب للمزارعين ولمنظومة الرى، مثل حدوث تحسن كبير فى عملية إدارة وتوزيع المياه، وحسم مشاكل نقص المياه بنهايات الترع، وحصول جميع المزارعين على الترعة على حصتهم من المياه فى الوقت المناسب، وتحسين نوعية المياه بالترع مع إزالة الحشائش وامتناع المواطنين بشكل واضح عن إلقاء المخلفات بالترع المؤهلة.
ورفع القيمة السوقية للأرض الزراعية بزمام الترعة بعد عملية التأهيل، إضافة للتأثير الإيجابي علي الصحة العامة واحتواء انتشار الأمراض، إضافة للمردود البيئى والجمالى.
إضافة للمجهودات المبذولة في مجال التحول من الرى بالغمر لنظم الرى الحديث، والتوسع في إستخدام تطبيقات الرى الذكي من خلال بروتوكول التعاون الموقع بين وزارات الري والزراعة والمالية والبنك الأهلي المصري والبنك الزراعي المصري لتوفير الدعم الفني والمالي اللازم لتحديث منظومة الري الخاصة من خلال تأهيل المساقي وإستخدام نظم الري الحديث في زمام 3.70 مليون فدان من الأراضي القديمة خلال 3 سنوات.
بإضافة لعقد العديد من المؤتمرات الموسعة والندوات التوعوية بالمحافظات للتعريف بخطة الوزارة لتنفيذ مشروعات تأهيل المساقي والتحول للري الحديث، مشيراً لأهمية التوعية بقضايا المياه والتى نجحت على سبيل المثال في قيام المزارعين بالتحول لنظم الرى الحديث في زمام 800 ألف فدان على نفقتهم الخاصة، نظراً لما تم رصده من زيادة الانتاحية المحصولية بنسبة تصل إلى 30- 40% وانخفاض تكاليف الأسمدة والعمالة والطاقة وانعكاس ذلك على زيادة ربحية المزارعين.
كما يتم التوسع في إعادة إستخدام مياه الصرف الزراعى بهدف تنفيذ مشروعات للتوسع الزراعى لتحقيق الأمن الغذائى ومواجهة التصحر ، حيث يصل إجمالي المياه التي يتم معالجتها من محطات بحر البقر والحمام والمحسمه 15مليون م3/يوم.
وأن هذه المشروعات تساهم فى منع تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية وتحسين البيئة بشرق وغرب الدلتا، كما أن المسارين الناقلين للمياه فى مشروعى بحر البقر والحمام يشكلان ستارة مياه لتقليل تداخل مياه البحر مع المياه الجوفيه بشرق وغرب الدلتا بأطوال حوالي 120 كم ، مشيراً إلى أنه بإنتهاء مشروعات معالجة وتدوير المياه في بحر البقر والحمام ستصبح مصر أكبر دول العالم في إعادة إستخدام المياه وتصل بعدد مرات التدوير لأربع مرات.
وأكد الوزير أنه تم تحويل مياه الصرف ذات الملوحة العالية من مشكلة لفرصة للتنمية ومواجهة الإحتياجات المتزايدة، مشيرا إلى أن كثير من دول العالم طلبت الاستعانة بخبرة مصر في إعادة الإستخدام وتحويل المياه العادمة الى مورد.
وأضاف أن الآثار السلبية للتغيرات المناخية أصبحت واقعاً نشهده الآن فى العديد من الظواهر المناخية المتطرفة التى ضربت العديد من دول العالم وأحدثت فيها خسائر هائلة، وأن 70% من الكوارث الطبيعية في العالم مرتبطة بالمياه مثل الفيضانات وموجات الجفاف وغيرها.
وفى ضوء التعامل مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية تقوم الوزارة بتنفيذ مشروعات للحماية من أخطار السيول وأعمال حماية الشواطئ المصرية، حيث تم خلال السنوات الماضية تنفيذ أكثر من 1500 منشأ للحماية من أخطار السيول والتى أسهمت فى حماية الأفراد والمنشآت وحصاد مياه الأمطار التى تستفيد بها التجمعات البدوية فى المناطق المحيطة بأعمال الحماية.
كما تم ويجرى تنفيذ العديد من أعمال حماية الشواطئ لحماية السواحل المصرية من ارتفاع منسوب سطح البحر والنوات البحرية، حيث تم تنفيذ أعمال حماية للشواطئ بأطوال تصل إلى 120 كيلومترا والعمل في حماية أطوال أخرى تصل إلى 110 كيلومترات
كما تمت الإشارة لما تتمتع به دول منابع النيل من وفرة مائية كبيرة، حيث تصل كمية الأمطار المتساقطة على منابع النيل الى (1600- 2000) مليار متر مكعب سنويا من المياه ، في الوقت الذي لا يتجاوز فيه كمية الامطار المتساقطة علي مصر1.30 مليار متر مكعب سنوياً ، حيث تمتلك دول الحوض عشرات الملايين من الأفدنة التى تروى مطرياً ، كما تمتلك إثيوبيا على سبيل المثال إمكانات كبيرة من المياه الجوفية المتجددة والتى تصل إلى 35 مليار متر مكعب سنوياً وتقع على أعماق من (20-50) متر فقط من سطح الأرض ، فى حين تعتبر المياه الجوفية فى صحارى مصر مياه غير متجددة وتقع على أعماق كبيرة تصل لمئات الأمتار .
كما تمتلك بعض هذه الدول أنهار أخرى غير نهر النيل مثل إثيوبيا التى يوجد بها 12 نهر، كما تمتلك دول حوض النيل بحيرات ضخمة مثل بحيرات تنجايقا وتانا وفيكتوريا، مشيراً إلى أنه لا توجد مشكله مياه في دول منابع النيل، ولكن هناك حاجه لتحسين عملية إدارة المياه بهذه الدول.
كما استعرض الدكتور عبد العاطى مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط والذي يهدف لتحويل نهر النيل لمحور للتنمية يربط بين دول حوض النيل ، ويشتمل على ممر ملاحي وطريق سريع وخط سكة حديد وربط كهربائي وربط كابل انترنت لتحقيق التنمية الشاملة لدول حوض النيل.
وأشار إلى أن هذا المشروع يحقق التكامل الاقليمى ويجمع دول الحوض بإعتبار أن النقل النهري بين الدول من أفضل الوسائل القادرة علي نقل حركة التجارة بمختلف أنواعها وأحجامها بتكلفة منخفضة وإستهلاك أقل للطاقة ومعدلات أمان أعلى مقارنة بوسائل النقل الأخرى.
وبحيث يتم التكامل مع وسائل النقل الأخرى، مع التأكيد على دور المشروع فى دعم حركة التجارة والسياحة بين الدول المشاركة فيما بينها ومع دول العالم، والعمل على توفير فرص العمل وتقليل معدل الفقر، وزيادة إمكانية الدول الحبيسة للاتصال بالبحار والموانئ العالمية ، وكذا دعم التنمية الاقتصادية بالبلدان المشاركة وتقوية وضع المنطقة في النظام الاقتصادي العالمي فضلاً عن دعم التعاون والتكامل بين الدول المشاركة بكافة المجالات، الأمر الذى ينعكس على رؤية المشروع والتي تتمثل في “قارة واحدة – نهر واحد – مستقبل مشترك”.