تحل اليوم الأربعاء 3 فبراير، ذكرى رحيل كوكب الشرق أم كلثوم، في عام 1975، عن عمر يناهز 77 عامًا، وقدمت كثيرًا من الأعمال الفنية التى ستظل خالدة فى تاريخ الغناء المصرى والعربى.
وفي مشهد نادر وشهير، جمع بين أم كلثوم والعندليب عبد الحليم حافظ، ظهر فيه الأخير وهو يقبل يدها، لتثير الصورة تساؤلات الكثيرين من الجيل الحالي، الذي لا يعلم أغلبهم كواليس تلك اللقطة، رغم خلاف الثنائي الشهير.
ويعود السبب إلى محاولة عبد الحليم حافظ مصالحة أم كلثوم بعد أن وقع خلاف بينهما في أعقاب إحدى الحفلات المقامة تخليدًا لذكرى ثورة يوليو 1964 بحضور الرئيس جمال عبدالناصر وأعضاء مجلس قيادة الثورة.
وكان البرنامج أن يغني عبدالحليم بعد وصلة السيدة أم كلثوم، إلا أنها أطالت في وصلتها إلى وقت متأخر من الليل، وحين صعد على المسرح قال "إن أم كلثوم وعبدالوهاب أصرا أن أغنى في هذا الموعد، وما عرفش إذا كان ده شرف لي ولا مقلب"، مما أغضب أم كلثوم.
ولقد سعى عبدالحليم إلى المصالحة معها إلا أنها ظلت ترفض الحديث عن سيرته لكل من توسط، الا انه التقى مصادفة بها، وعندما دخل عبدالحليم الحفل اقترب من أم كلثوم وقبل يدها، فقالت له: أنت عقلت ولا لسه؟! وهكذا انتهت القصة بينه وبين أم كلثوم بعد مقاطعة دامت 5 سنوات.
عبد الحليم حافظ يكتب في مقاله ذكرياته مع أم كلثوم
"ذكرياتى مع أم كلثوم"..عنوان مقالة نادرة كتبها العندليب الأسمر بخط يده ونشرتها مجلة الموعد بتاريخ 20 فبراير عام 1975 ، بعد وفاة كوكب الشرق بأيام.
وكتب عبدالحليم حافظ فى مقاله "أحببت أم كلثوم وعشقت صوتها قبل أن ألتقى بها من خلال أغانيها التى كنت أسمعها من الراديو، وفى عام 1958 التقيت "بثومة" فى منزل الدكتور زكى سويدان ، وشعرت من أول لقاء أننى أمام شخصية من نوع فريد بصرف النظر عن فنها ومكانتها التى لا تعوض، وتأكدت أننى أمام شخصية عظيمة، وإنسانة محترمة ، تحترم مكانتها واسمها ، بل تجبر الناس على احترامها".
وتابع العندليب:" تعددت لقاءاتى بأم كلثوم بعد ذلك عدة مرات فى منزل الفنان أحمد الحفناوى عازف الكمان الكبير، وفى منزل الموسيقار محمد عبدالوهاب ، وفى كل لقاء كنت أكتشف زوايا جديدة فى صاحبة هذه الشخصية الفذة التى لم يجود الزمن بمثلها".
وتحدث عبدالحليم حافظ فى هذه المقالة النادرة عن الحفلة الأزمة قائلا:" عندما أعود بذكرياتى مع فنانة الشعب أم كلثوم أتوقف عند شهر يوليو عام 1964 حيث كنت أشترك معها فى إحياء حفلات أعياد الثورة التى كانت تقام بنادى ضباط القوات المسلحة بالزمالك، وليلتها قررت أم كلثوم أن تغنى وصلتين قبل أن أغنى أنا، وقلت لنفسى رحم الله امرأ عرف قدر نفسه، وذهبت إليها أرجوها أن تسمح لى بالغناء بين الوصلتين الغنائيتين ، وقلت لها :لو أن أم كلثوم انتهت من غناء الوصلتين وظهرت أنا على المسرح بعد ذلك فلن يسمعنى أحد ".
وأوضح العندليب أن أم كلثوم ردت على طلبه بأنها متعبة وتريد الانتهاء من الوصلتين لتعود إلى منزلها لتستريح ، حتى لا يتعبها السهر أكثر من ذلك ، مؤكدا أنه حاول إقناعها ولكنها صممت على رأيها.
وعن عبارته التى أغضبت أم كلثوم قال عبدالحليم حافظ فى مقاله :" عندما ظهرت على المسرح ووقفت أمام الميكرفون لأقول: لقد شرفتنى السيدة أم كلثوم بأن أختتم حفلا غنت فيه ، وفى الحقيقة أن ماحدث يعتبر مقلبا بالنسبة لى، وغضبت أم كلثوم من هذا الكلام، كان لابد من صلحها".
وأضاف :"ذهبت إليها فى فيلتها بالزمالك لأجدها لا تزال واخدة على خاطرها ، وقلت لها :أنا أسف أرجو ألا يكون تصرفى بالكلمة التى قلتها بحسن نية قد أغضبك ، وقالت ثومة : أنا غاضبة فعلا ، لم يكن من اللائق أن تقول مثل هذه الكلمة أمام ميكرفونات الإذاعة وكاميرات التلفزيون".
وقال العندليب: " عدت أعتذر لست الكل، قائلا: انا لم أخطئ ، بل بالعكس كنت أمجدك وفى النهاية أنا مثل شقيقك الصغير".
وعن رد كوكب الشرق قال:" قالت أم كلثوم مقاطعة: إخرس انت فاكر نفسك صغير، انت عجوز"، ثم ابتسمت وقبل أن انصرف من فيلتها سألتنى ثومة: ثم ايه حكاية الحلل والطشوت التى تغنى عليها فى فرقتك الموسيقية، وكانت تقصد الآلات النحاسية، وقلت لها : أن هذا توزيع موسيقى كما يحدث فى بقية أنحاء العالم".
وأشار العندليب إلى أن أم كلثوم ردت قائلة :" يا استاذ احنا شرقيين ولسنا أوربيين، لابد من الاحتفاظ لموسيقانا الشرقية بأصالتها ولا نسمح للفن الغربى بالدخول فيها وإخفاء معالمها".