يحتفل المتحف المصرى بالتحرير غدا الثلاثاء، بمرور 118 عاما على افتتاح الخديوى عباس حلمى الثانى له فى نوفمبر 1902، إذ سيتم افتتاح "قاعة الخبيئة" وهى قاعة جديدة "56" بالدور العلوى بالمتحف بديلا عن قاعة المومياوات الملكية الأولى والتى ستنقل لمقرها الدائم بالمتحف القومى للحضارة المصرية بالفسطاط، وتعرض مجموعة نادرة من التوابيت والقطع الأثرية "الأوشابتى والتمائم" من خبايا الدير البحرى والملكية.
وقالت صباح عبد الرازق، مدير عام المتحف المصرى بالتحرير، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الإثنين، إن هذا الاحتفال يأتى فى رسالة تأكيدية موجهة للعالم بأن المتحف المصرى بالتحرير لن يغلق أبوابه بل سيستمر في أداء دوره، إذ يحوى العديد من القطع الأثرية، بعد نقل مقتنيات توت عنخ آمون للمتحف المصرى الكبيروالمومياوات الملكية لمتحف الحضارة.
وأضافت، أنه سيتم أيضا افتتاح معرض بالقاعة 44 أرضى ، وهو المعرض المؤقت الثانى للمضبوطات الأثرية بالموانئ المصرية بالمتحف، والذى يعتبر تتويجا لمجهودات الدولة ووزارة السياحة والآثار لمكافحة تهريب الآثار والحفاظ على التراث المصرى ومنع تهريبه خارج البلاد، إذ سيتم عرض 118 قطعة أثرية أخرى تم تصويرها وإعداد فيلم خاص عنها ، وهذه القطع المختارة للعرض يوم الاحتفال تمثل 6% من كنوزه والتى يصل عددها إلى حوالى 100 ألف قطعة أثرية وفقا لبيانات وزارة السياحة والآثار.
وأوضحت عبد الرازق، أنه للتأكيد على دور المتحف واستمراره فى القيام برسالته، سيستقبل المتحف عددا من التوابيت المكتشفة حديثا فى سقارة لإثراء العرض المتحفى بالمتحف، مشيرة إلى أن الوزارة بدأت مشروعا لتطوير المتحف المصرى بالتحرير بمنحة تبلغ 3.1 مليون يورو من الاتحاد الأوروبى حسب المعايير الدولية، ويشارك فيه قيادات الوزارة وأساتذة الآثار بالجامعات المصرية، وتحالف المتاحف الأوروبية "المتحف المصرى بتورينو، واللوفر، والمتحف البريطانى، والمتحف المصرى ببرلين، والمتحف الوطنى للآثار بهولندا، والمكتب الاتحادى للبناء والتخطيط الإقليمى، والمعهد الفرنسى لعلوم الآثار، والمعهد المركزى للآثار".
وأشارت، إلى أن مشروع التطوير يتضمن خطة قصيرة المدى وطويلة المدى لمدة 7 سنوات، لرفع كفاءة ومستوى المتحف، لوضعه على قائمة التراث العالمى وتحديد هوية المتحف المصرى عقب إخلائه من مجموعتى "توت عنخ آمون" و"المومياوات الملكية"، مؤكدة أنه يتم حاليا إعداد استراتيجية تسجيل المتحف المصرى على قائمة التراث العالمى للمنظمةالدولية للتربة والعلوم والثقافة "اليونسكو"، كونه من أقدم المتاحف فى الشرق الأوسط، وكذلك لما يحويه من قطع نادرة، ويشمل ذلك مبنى المتحف والمحيط الثقافى له.
ولفتت عبد الرازق، إلى أنه تم تشكيل لجنة علمية تضم نخبة من أساتذة الآثار بالجامعات المصرية فى مقدمتهم الدكتور محمد صالح مدير عام المتحف المصرى الأسبق ، ومديرو المتاحف الأوروبية الكبرى "البريطانى، اللوفر، برلين، تورين وليدن" بالاشتراك مع العاملين بالمتحف لدراسة تطوير العرض والحفاظ على سيناريو العرض الذى يعتمد على تتابع التاريخ المصرى القديم، ولكن بطريقة جديدة متطورة تعتمد أيضا على استخدام التكنولوجيا الحديثة.
وأضافت، أن التطوير يتضمن إعداد بطاقات شرح علمية جديدة ولوحات إيضاحية توضح أماكن الكشف للقطع المعروضة، و تطوير حديقة المتحف وإعداد سيناريو عرض جديد للآثار المعروضة فى الحديقة.
يشار إلى أن المتحف المصرى بالتحرير، من أهم المتاحف الأثرية فى العالم، والذى ترجع أهميته لكونه أول متحف صمم ونفذ منذ البداية لكى يؤدى وظيفة المتحف، عكس ما كان شائعا فى أوروبا من تحويل قصور وبيوت الأمراء والملوك إلى متاحف، بالإضافة إلى ما يضمه من مجموعات أثرية مهمة تعتبر بمثابة ثروة هائلة من التراث المصرى لا مثيل لها فى العالم.
ويرجع تاريخ إنشاء المتحف - مع الاهتمام العالمى الكبير الذى حظى به - إلى فك رموز حجر رشيد على يد العالم الفرنسى شامبليون وكانت النواة الأولى للمتحف ببيت صغير عند بركة الأزبكية القديمة وسط القاهرة، حيث أمر محمد على باشا عام 1835 بتسجيل الآثار المصرية الثابتة، ونقل الآثار القيمة له وسمى بمتحف الأزبكية وأشرف عليه رفاعة الطهطاوى.
وتم اختيار منطقة بولاق لإنشاء متحف للآثار المصرية ونقل إليها الآثار التى عثر عليها أثناء الحفائر مثل آثار مقبرة "إعح حتب" وفى عام 1863م أقر الخديوى إسماعيل مشروع إنشاء متحف للآثار المصرية، ولكن لم ينفذ المشروع .
وفى عام1897، وضع الخديوى عباس حلمى الثانى حجر الأساس للمتحف المصرى الذى يقع فى الجانب الشمالى من ميدان التحرير وسط مدينة القاهرة، وعام 1902 اكتمل بناء متحف الآثار المصرية ونقلت إليه الآثار الفرعونية من سراى الجيزة.
وتم اختيار تصميم المتحف من ضمن 73 تصميما تم تقديمهم للمسئولين فى ذلك الوقت، وفاز تصميم المهندس الفرنسى مارسيل دورنون والذى شيده على طراز العمارة الكلاسيكية اليونانية الرومانية، مع الحفاظ على الطابع الفرعونى فى التصميم الداخلى لقاعات المتحف فمدخل القاعات يحاكى ضريح المعابد المصرية، والحجرات تحاكى معبد إدفو، أما واجهة المتحف فهى على الطراز الفرنسى بعقود دائرية، تزينها لوحات رخامية لأهم وأشهر علماء الآثار فى العالم، وعلى جانبى باب الدخول الخشبى تمثالان كبيران من الحصى لسيدتين على الطراز الرومانى، ولكن برؤوس فرعونية.
ويتكون المتحف من طابقين خصص الأرضى منهما للآثار الثقيلة مثل التوابيت الحجرية والتماثيل واللوحات والنقوش الجدارية، أما العلوى فقد خصص للآثار الخفيفة مثل المخطوطات وتماثيل الأرباب والمومياوات الملكية وآثار الحياة اليومية وصور المومياوات والمنحوتات غير المكتملة وتماثيل وأوانى العصر اليونانى الرومانى وآثار خاصة بمعتقدات الحياة الأخرى ، وكذلك المجموعات الكاملة مثل مجموعة توت عنخ آمون، ويضم المتحف عددا هائلا من الآثار المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ حتى نهاية العصر الفرعونى، بالإضافة إلى بعض الآثار اليونانية والرومانية.
ويوجد فى الجانب الأيسر من حديقة المتحف مقبرة رخامية مصنوعة لـ "أوجست ماريت" فى إشارة لاكتشافه وحفظه الآثار المصـرية والمقبرة محاطة بتمثال له، وحول المقبرة توجد تماثيل نصفيه لعلماء آثار مصريين مثل أحمد باشا كمال و ماسبيرو وغيرهم، ويوجد فى وسط الحديقة نافورة تحمل نباتى البردى واللوتس، اللذان يمثلان رمز مصر السفلى والعليا على الترتيب، إلى جانب مسلات ترجع لعصر الأسرة التاسعة عشر للملك رمسيس الثانى.
اقرأ المزيد