القضاء العُرفى هو وسيلة متعارف عليها للتحكيم بين الخصوم وأحكامه لها قوة ملزمة وفعالة بين العائلات الكبيرة بمصر وأحيانا كثيرة يكون موثقا من الجهات الأمنية والرسمية بالدولة،وتلجأ إليه الدولة أحيانا لفض المنازعات الكبيرة بين العائلات الكبيرة، للقضاء على الثأر وما شابه ذلك، ولا تبدأ جلساتها أبدا بدون كفيل غارم مقبول وحسن السمعة ومعروف بالصدق لكل من الطرفين المتنازعين، والقضاء العرفى لا يستطيع الحكم بعقوبات الموت أو الإيذاء الجسدى، ويستطيع الحكم بإبعاد شخص ما عن مكان ما منعا للشر وإثارة الأوجاع، والقضاء العُرفى معمول به بين كل قبائل جمهورية مصر العربية.
قال اللواء عبدالله الشيخ عضو هيئة التدريس بكلية الحقوق بجامعة طنطا، في حوار خاص لـ "بلدنا اليوم"، عن القضاء العرفي، ومحاولة الدولة في تقنينه، بعد أخذ الموافقة من المستشار عمر مروان وزير العدل ووالنائب العام.
حيث قال تعاني الأجهزة المختصة بتحقيق العدالة من التوسع في نطاق التجريم الجنائي، وازدياد الدعاوى الجنائية التي تتطلب التحقيق ثم المحاكمة وما يترتب على ذلك من تأخير في الفصل في القضايا الجنائية، وما يؤدي إليه ذلك من نتائج غير حميدة سواء بالنسبة للمجتمع أو للأفراد على حد سواء.
وأوضح "الشيخ" أن أغلب المنازعات الجنائية تعرض على القاضي الجنائي، الأمر الذي يجعله ينظر ويبت فيما يقرب من تسعمائة قضية في جلسة واحدة، وأحيانا تصل إلى ألف قضية، الأمر الذي بات يهدد المحاكم بالشلل من تأدية وظيفتها، وقد أضحى العدالة الآمنة أمام هذه الأعداد الهائلة من القضايا، والطاقة البشرية محدودة بطبيعتها.
وأشار إلى أن خلال الممارسة العملية في أعمال الأمن العام، في بعض القضايا ذات الطبيعة الخاصة تطول الإجراءات فيها، تتكبد الدولة نفقات باهظة كما استنفد جهدا كبيرا من العالميين سواء في الشرطة أو القضاء بل ويضيق بها المتقاضون أنفسهم لما تسببه لهم من مضيعة لأوقاتهم وتكاليف مادية ينوؤن بها، فضلا عن أن وقوفهم موقف الاتهام أمام السلطات القضائية ينال من كيانهم الأدبي في المجتمع.
ويتابع أنه يجب على أجهزة الدولة القائمة على رعاية مصالح المجتمع أن تعمل على تطوير الإجراءات التشريعية والإدارية اللازمة لمواجهة هذه المنازعات بما يتماشى مع المتغيرات الاجتماعية والسياسية، والتي تفرضها أمور الحياة حتى تلاحق هذه المشكلات وتعمل على وضع الحلول بها، وأن الممارسة الميدانية تؤكد أن المواجهة القانونية والقضائية وحدها ليست كافية لحسم المنازعات الجنائية بل إن ذلك يحتاج إلى مواجهة شاملة أمنية وسياسية واجتماعية ودينية إضافة إلى البعد القانوني السابق.
وذكر "اللواء عبدالله"، أن المواجهات المختلفة لأحداث قرية الكشح عام 1999 دليلا على أن المواجهة القانونية والقضائية وحدها ليست كافية لحسم بعض المنازعات الجنائية، فلولا تدخل الأجهزة الأمنية والسياسية بمنهج المصالحات الشرطية بين الأطراف المتنازعة، ما كانت النتيجة التي تم التوصل إليها من بث الطمأنينة في نفوس المواطنين وشعورهم بالأمن والأمان، ومن ثم يصح القول بأن الصلح والتصالح بصوره المختلفة والمتعددة، أضحى يمثل فرعا جديدا من فروع القانون الجنائي يمكن تسميته "القانون الجنائي الإنساني" فقد جعل الصلح النظرة إلى القانون الجنائي تتسم بالتفاؤل.
وأضاف اللواء أن المجتمعات تعاني على اختلاف توجهاتها من ظاهرة التضخم العقابي، وهذا ما وضح من خلال التطور التكنولوجي والثورة المعلوماتية، مما انعكس على حجم القضايا، ومن هنا أضحت الأساليب غير القضائية لإدارة الدعوى الجنائية ضروري ملحة لمواجهة البطء في الإجراءات الجنائية التقليدية ، بهدف شلل تلك الإجراءات ومن ثم كان من الضروري إدخال التصالح كرافد أساسي من روافد طرق حسم المنازعات الجنائية، بالطرق غير القضائية.
وقال منذ أن تحول الحق في العقاب من حق فردي إلى حق عام تتولاه الدولة عن طريق أجهزة العدالة الجنائية المختلفة، حلت النيابة العامة محل المجني عليه في جمع المعلومات، وجمع الأدلة ورفع الدعوى الجنائية أمام القضاء للمطالبة بتوقيع العقوبة المقررة للجريمة، إلا أنه على الرغم من ذلك يبقى المجنى عليه دور في اقتضاء العقوبة، مثل توقف المطالبة بالعقاب على الشكوى والطلب، أو حقه في الإدعاء المباشر بصفته متضررا من الجريمة،ومن أهم هذه الأدوار دوره في منع توقيع العقوبة كما في التنازع أو الصلح.
ويحظى الصلح بمكانة خاصة في العملية لا تتوافر لغيره من العقود فهو من حيث كونه حاسما للنزاع، يضع حدا للخصومات قائمة بين أيدي القضاء هذا إذا تم الصلح أثناء نظر الدعوى وهو ما يسمى بالصلح القضائي،ومن جهة أخرى قد يتم الصلح بين الخصوم قبل رفع الدعوى أمام القضاء، وفي هذا وذاك تخفيف العبء الواقع على القضاء.