منذ أيام أسدل الستار على قضية حظر النقاب بجامعة القاهرة، تلك القضية التي بدأت شرارتها عام 2015، عندما أصدر الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة السابق، قرارًا بحظر النقاب داخل الجامعة لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم وليس الطلاب.
القرار أثار الرأي العام حينها وأدى إلى انقسام بين أعضاء هيئة التدريس، حيث قدم عدد من المنتقبات بالجامعة دعاوى قضائية ضد رئيس الجامعة لإلغاء القرار، وبدورها رفضت محكمة القضاء الإدارى الدعوى وأيدت قرار رئيس الجامعة
وأوصت هيئة مفوضي الدولة، في تقرير لها باستمرار حظر النقاب، لأنه يؤثر على العملية التعليمية وسرعة التلقى بين الطالب وعضو التدريس، وتم الطعن على القرار من قبل عدد من أعضاء هيئة التدريس حينها.
حظر ارتداء النقاب
ومنذ أيام أصدرت الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا، حكماً نهائياً غير قابل للطعن، يؤيد قرار رئيس الجامعة بحظر ارتداء النقاب على عضوات هيئة التدريس بالجامعة.
وأوضحت المحكمة في قرارها أن "حرية الفرد في اختيار ملبسه تندرج ضمن الحرية الشخصية التي كفلها الدستور ولا يتقيد الفرد العادي بأي قيود تفرضها عليه جهة الإدارة، وله أن يرتدى ما يروق له من زي، إلا أن هذه الحرية ليست مطلقة، وإنما عليه أن يمارسها في حدود احترام الآداب العامة".
وأضافت المحكمة أنه إذا كان الأصل أن يتمتع الموظف العام بحرية اختيار الزي الذي يرتديه أثناء عمله بشرط أن يحترم الزي كرامة الوظيفة، إلا أن هذه الحرية قد تحمل قيودا تنص عليها القوانين واللوائح أو القرارات الإدارية أو العرف الإداري أو تقاليد الوظيفة.
وأكدت المحكمة، أن المادة 96 من قانون تنظيم الجامعات تنص على تدعيم الاتصال المباشر للطلاب "بما يعني ألا ينعزل عضو هيئة التدريس عن الطلاب، ولا يحجب نفسه عنهم أثناء المحاضرات وغير ذلك من الأنشطة الجامعية".
تعليق الخشت على حظر النقاب
قرار حظر النقاب علق عليه، الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، بإنه يحترم أحكام القضاء المصري العريق، معتبرا الحكم، بأنه تأصيل قضائي رفيع ورؤية لطبيعة عمل المؤسسات الأكاديمية ، وجاء في ضوء روح ومقتضيات قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية، فهما لم يتضمن نصًا يلزم أعضاء وهيئة التدريس وغيرهم من المدرسين المساعدين بارتداء زي محدد، إلا أن المادة 96 من قانون تنظيم الجامعات ألزمتهم بالتمسك بالتقاليد الجامعية، ومن ثم فيتعين عليهم فيما يرتدون من ملابس احترام التقاليد الجامعية وخصوصية العمل بها.
وأضاف رئيس الجامعة أنه إذا كان الأصل أن يتمتع الموظف العام بحرية اختيار الزي الذي يرتديه أثناء عمله بشرط أن يتوافر في الزي الاحترام اللائق بكرامة الوظيفة، إلا أن هذه الحرية قد تحمل قيودًا تنص عليها القوانين والوائح أو القرارات الإدارية أو العرف الإداري أو تقاليد الوظيفة.
وأضاف رئيس جامعة القاهرة أن قيام بعض عضوات هيئة التدريس بارتداء النقاب أثناء المحاضرات لا يتحقق معه التواصل المباشر مع طلابهن، ولا شك أن التدريس يستلزم التواصل .
ليس فرضا دينيا
وأشار رئيس جامعة القاهرة إلى أنه علاوة على ذلك، أن النقاب ليس فرضا دينيًا ، بل أن من شروط الحج والعمرة والصلاة إظهار الوجه، ولو كان الوجه عورة لما أمر الدين بإظهاره عند أداء هذه العبادات.
واختتم رئيس جامعة القاهرة تصريحاته قائلا : قال البهوتي في كشاف القناع: (ويكره أن تصلي في نقاب وبرقع بلا حاجة. قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن على المرأة أن تكشف وجهها في الصلاة والإحرام ولأن ستر الوجه يخل بمباشرة المصلي بالجبهة والأنف ويغطي الفم).
تطبيق الحكم
وبدأت الجامعة فعليًا في تطبيق حكم المحكمة الإدارية العليا، النهائي، حول منع التدريس بالنقاب داخل كليات الجامعة، مشيرًا إلى إنه سيتم تطبيق الحكم احترامًا لأحكام القضاء.
وقال الدكتور علم الدين، إن الجامعة ملتزمة بكل ما يصدر من أحكام قضائية، موضحًا أن الحكم القضائي لو كان صدر لصالح المنتقبات كان سيتم تنفيذه أيضًا، وذلك احترامًا لسيادة القانون والدولة المصرية.
وأشار علم الدين، إلى أن قرار منع النقاب، تم إتخاذه من قبل رئيس جامعة القاهرة الأسبق الدكتور حسام كامل، وتحديدا في 2009، بحظر ارتداء الطالبات النقاب فى لجان الامتحان والمدن الجامعية، وهو القرار الذي طبقته الجامعة فى وقت لاحق على الموظفات وعضوات هيئة التدريس المنتقبات اللأتي منعن من دخول المحاضرات.
وذكر علم الدين، أنه في نهاية عام 2010 أصدرت محكمة جنح المعادى حكمًا غيابيًا بحبس رئيس جامعة القاهرة الدكتور حسام كامل، ثلاثة أشهر وعزله من وظيفته وتغريمه 200 جنيه، لامتناعه عن تنفيذ الحكم القضائي الخاص بتمكين عضوات التدريس المنتقبات من ممارسة عملهن في التدريس والامتحانات دون إجبارهن على خلع النقاب، وأعرب محامي المنتقبات، وقتها، عن استعداد عضوات هيئة التدريس المنتقبات للتصالح مع رئيس الجامعة الدكتور حسام كامل، فى دعوى الحبس والعزل، مقابل تمكينهن من أداء عملهن بالنقاب، تنفيذًا لحكم محكمة القضاء الإداري والإدارية العليا الذي ينص على ذلك.
وأضاف المتحدث الرسمي باسم جامعة القاهرة، أن القرار المتعلق بحظر ارتداء النقاب على عضوات هيئة التدريس بالجامعة، ظل منظورًا في ساحات القضاء منذ عام 2010 حتى إصدار الحكم النهائي غير القابل للطعن منذ أيام، موضحًا أن الحكم القضائي يتضمن عدم السماح بارتداء النقاب لعضوات هيئة التدريس أثناء التدريس، مشددًا على أن الجامعة تحترم الحريات لجميع طلابها وطالباتها وأعضاء هيئتها التدريسية ومعاونيهم، في إطار احترام التقاليد الجامعية والقانون.