يحتفل الأقباط اليوم الإثنين العشرين من يناير بما يسمى بعيد الغطاس، هذا العيد الذي يعد من أبرز ملامحه القصب والقلقاس، ويُعرف عيد الغطاس باسم "عيد الثيوفانا"، أى الظهور الإلهى، وذلك لأن الأقانيم الثلاثة "الآب والابن والروح القدس" ظهرت فيه، وفى هذا العيد يأكل المسيحيون أنواعا معينة من الأطعمة، لعل أشهرها وأوسعها انتشارا القلقاس والقصب والبرتقال.
وجاء سر تناول القلقاس لأنّ الأقباط يؤمنون بأن هذا الطعام سام ومضر لكن إذا اختلط بالماء تحولت المادة الهلامية به لمادة نافعة ومغذية، والأمر فى النظرة الدينية لا يختلف عن هذا أيضا، لذلك فهم في خلال الماء "المعمودية" نحوز سرا من أسرار الكنيسة، وبه يتطهرون من سموم الخطية كما يتطهر "القلقاس" من مادته السامة، كما أنّ "القلقاس" كنوع من الدرنيات، يُدفن فى الأرض، ثم يصعد ليصير طعاما، وهو بهذا يشبه سر المعمودية، لأنها دفن أو موت، وقيامه مع المسيح، ولهذا يقول معلمنا بولس الرسول: "مدفونين معه فى المعمودية التى فيها أقمتم أيضا معه"، وأيضا "بالمعمودية نخلع ثياب الخطية أو الإنسان العتيق ونلبس ثياب الطهارة والقداسة" "كو 2: 12" "رو 6: 4".
لا يؤكل القلقاس إلا بعد خلع القشرة الخارجية، فدون تعريته من تلك القشرة السميكة لا فائدة له، ونحن فى المعمودية نخلع ثياب الخطية لنلبس - بسر المعمودية - ثيابا جديدة الفاخرة، ثياب الطهارة والنقاوة، لنصير "أبناء الله".
بينما يحتفل المسيحوين بالقصب كون أنّ القصب أبيض القلب "حلو الطعم"، وفى هذه المناسبة الدينية الروحية يستحضرونه، كنبات ينمو فى الأماكن الحارة ذات الأجواء الجافة، ليذكرهم بأن حرارة الروح تُنضج الإنسان، وتجعله ينمو ويتدرج على رحلة الصعود الروحى، ويرتفع باستقامة كاستقامة هذا النبات "القصب".
يتكاثر القصب بطريق "العُقَل الساقية"، إذ تُغرس هذه العُقَل فى التربة، ليخرج منها نبات كامل حى، وهذا رمز آخر للمعمودية، كما ينقسم "القصب" لعقلات، وكل عقلة فضيلة اكتسبها فى كل مرحلة عمرية حتى وصل لهذا العلو، وهو ما يمكن للإنسان أن يتمثّله فى مراحل «عُقلات» حياته.
يعد الغطاس ثانى أعياد المسيحين الأرثوذوكس، بعد عيد الميلاد المجيد، ويرتبط بعدد من الأطعمة والطقوس الشعبية، وياتى عيد الغطاس، وفقا للتقويم القبيطى يوم 10 طوبة.