أكد السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الملف الليبي كان القاسم المشترك في كافة الاتصالات التي أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال الفترة الماضية.
وأشار "راضي"، إلى أهمية مؤتمر برلين الذي ينطلق غدا في العاصمة الألمانية بعد فترة طويلة من الإعداد بالنظر الى الخطر الشديد الذي يهدد منطقة البحر المتوسط وأوربا نتيجة النزاع المتأجج في ليبيا.
كما لفت إلى أن الاتصالات المكثفة مع كافة الأطراف جاءت في ظل المواقف المتباينة، موضحا أنه من المعروف في كل الأزمات المشابهة فإن وقف إطلاق النار وحده غير كافٍ، ولا يمكن ضمان استدامته بدون مسار سياسي شامل يجمع كافة الأطراف، ويتعامل مع كل جوانب الأزمة سواء السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية أو الأمنية وهذه هي وجهة نظر مصر.
وأضاف المتحدث أن هناك العديد من المؤتمرات التي عقدت قبل ذلك ولكنها كانت ذات طابع إعلامي دعائي بدون إنجاز حقيقي أو نتائج على أرض الواقع.
وأكد أن مؤتمر برلين سيضم كافة الأطراف الفاعلة بما فيها الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن ودول الجوار بالإضافة إلى الراعي الرئيسي ألمانيا والمنظمات الدولية ذات الصلة وعلى رأسها الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ، وكل هذه الأطراف مهتمة بالشأن الليبي بشكل كبير.
وشدد بسام راضي على أن موقف مصر واضح وثابت ومن الضروري أن يشمل الحل النهائي بعض النقاط بحيث تكون حزمة شاملة وأولها مسألة توزيع الثروات بشكل عاجل، فليبيا دولة ذات ثروات كبيرة من الغاز والبترول، ويجب أن تكون هناك آلية منضبطة لضمان توزيعها بشكل عادل، وحاليا تذهب عائدات هذه الثروات إلى البنك المركزي لصالح بعض الأطراف وهناك أطراف ليس لها نصيب منها.
وأكد المتحدث باسم رئاسة الجمهورية على ضرورة وقف تدفق المقاتلين الأجانب الذين يتم جلبهم من الخارج سواء من سوريا أو غيرها من المرتزقة والمتطرفين والإرهابين المسلحين بما يزيد الوضع تعقيدا ويبعدنا تماما عن حل الأزمة.
وبالنسبة للميليشيات الموجودة حاليا في ليبيا، يجب أن يتم حلها والتعامل مع الجيش الوطني الليبي باعتباره القوة الشرعية النظامية المعترف بها كقوة أساسية منوط بها حفظ الأمن في القطر الليبي كله وهذا هو الموقف الذي تردده مصر منذ فترة طويلة ويؤكده الرئيس السيسي مرارا وتكرارا في العديد من المناسبات وبشكل متنوع،حيث أن مصر لا تتعامل مع ميليشيات أو أية تنظيمات مسلحة أياً كان مسماها أو وضعها على الأرض ولكنها تتعامل وتدعم الجيوش الوطنية النظامية المركزية فقط والحكومات المنتخبة التي تُفعل من قبل الشعب وهذه نقطة هامة ويجب ان تكون واضحة خلال مناقشات برلين.
ولفت راضي إلى أنه كان هناك جولات تحضيرية على المستوى الوزاري سبقت مؤتمر برلين لبحث كل الأمور محل النقاش ومصر أوضحت موقفها بشكل كامل. وأشار إلى أن هناك نقطة هامة تتعلق بتنظيم العلاقة بين كافة مؤسسات الدولة الليبية فإتفاق الصخيرات وضع أساس قوي به كل عناصر الدولة الليبية ولكن مع مرور الوقت وتطور الأحداث هناك إجماع وتوافق داخل وخارج ليبيا على أن يتم إجراء بعض التعديلات في الإطار العام والثوابت التي أفرزها اتفاق الصخيرات، على سبيل المثال علاقة السلطة التشريعية المتمثلة في البرلمان بالمجلس الرئاسي التنفيذي، ويجب أن تكون علاقة رقابية، وعندما يتم التوقيع على أي اتفاقيات تخص الدولة الليبية يجب أن تحظى بموافقة البرلمان باعتباره السلطة التشريعية التي تمثل إرادة الشعب الليبي.
وقال راضي، إنه يجب أيضا التعامل مع التدخلات الخارجية التي أصبح من الواضح انها تزيد مساحة الفرقة وخاصة أن كل طرف له أجندته ومصالحه، ويجب التحرك فقط لمصلحة الشعب الليبي والدولة الليبية، موضحا أن مصر من أكثر الدول التي يمكن أن تتضرر من الأوضاع في ليبيا.
وأكد الرئيس السيسي بوضوح أن ليبيا مسألة أمن قومي بالنسبة لمصر، فنحن لدينا ١٢٠٠ كم حدود برة مشتركة بخلاف الحدود البحرية، ومصر تؤمن تلك الحدود على مدار الساعة من جانب واحد رغم أنه في حالة أي حدود مشتركة بين دولتين يتم اقتسام مسئولية تأمينها ولكن في حالتنا مع ليبيا نراقب هذه الحدود بمفردنا بجهد مضاعف من خلال قواتنا وعلى رأسها القوات الجوية التي تقوم بطلعات باهظة التكاليف لإيقاف التسلل وتدمير العربات، كاشفا عن تدمير آلاف من عربات الدفع الرباعي المحملة بالمقاتلين والسلاح بالفعل، وكل هذا يمثل عبئا كبيرا جدا على مصر في ضبط الحدود وهذا الجهد العسكري والمالي الكبير كان من الأولى أن يوجه لصالح جهود التنمية داخل الدولة المصرية. و شدد المتحدث على ضرورة إنفاذ وتفعيل إرادة الشعب الليبي.
وحول مسألة تدفق المقاتلين الأجانب على ليبيا، قال السفير راضي، إن الإرهاب الدولي تطور بشكل كبير جدا على مدى الأعوام الماضية مرورا بكافة التنظيمات وصولا إلى داعش، وأصبحت تتحرك بشكل تكتيكي سريع من منطقة إلى أخرى بصورة لم تكن موجودة في الماضي بالإضافة إلى تطور قدراتها على تجنيد المزيد من المقاتلين من الشباب والشابات من كافة أنحاء العالم، والأخطر انهم لم يعودوا مقاتلين فرادي مثلما كان يحدث في أفغانستان ولكن أصبحوا ينتقلون كأسر بها أطفال ويكونون مستعمرات، وهو أمر في غاية الخطورة؛ لأنه يخلق أجيالا جديدة نشأت في هذا المناخ، وتسممت بأفكاره وفسدت عقيدتها مبكرا وهذا ما حذر منه الرئيس السيسي كثرا حتى بدأ المجتمع الدولي والاتحاد الأوروربي في التنبه لمخاطر عودة هذه الأسر بعد أن وجدوا أنفسهم أمام مشكلة اجتماعية عنيفة جدا لإعادة تأهيلهم وصياغة أفكارهم من جديد.
وشدد راضي على ضرورة مناقشة مسألة توفير دول بعينها دعم وغطاء لهذه التنظيمات الإرهابية وأفرادها من المقاتلين.