قال شريف عبد الحميد الباحث المتخصص في الشأن الإيراني ورئيس تحرير مجلة إيران بوست :"إن مقتل قاسم سليماني هو أول اشتباك مباشر بين أمريكا وإيران، وضربة موجعة لإيران في بلد (العراق) تحت السيطرة الإيرانية وأذرعها الإرهابية، حيث تعد عملية "البرق الأزرق" التي استهدفت سليماني تصعيدا كبيرا بعد سلسلة من التجاذبات والتوترات بين واشنطن وطهران، ومسلسل التصعيد المتواصل بين أمريكا وإيران في العراق لن يهدأ بعد مقتل سليماني، في بلد يعيش أزمة سياسية وحراك شعبي متواصل منذ عدة شهور.
أما عن وضع الشرق الأوسط بعد مقتل سليماني، فقال "عبد الحميد" في تصريحات خاصة لـ "بلدنا اليوم":"إن مقتل سليماني وضع الشرق الأوسط ومنطقة الخليج في بؤرة الأحداث والعاصفة، ويزيد من احتمال شن هجوم صاروخي على أهداف أمريكية وسعودية، كما حدث لأرامكو - مع أن الأدلة أظهرت تورط إيران إلا أن واشنطن لم تتخذ أي إجراء عسكري - وقيام مليشيا حزب الله بإطلاق صواريخ من لبنان على قوات الاحتلال في فلسطين، وإشعال جبهة مليشيات الحوثي، وإرسال فرق الإرهاب إلى بعض الدول العربية للقيام ببعض عمليات التفجير الإرهابية.
وعن احتمالية أن يكون مقتل سليماني انتقام سعودي، فقال "رئيس تحرير مجلة إيران بوست:"السعودية لا علاقة لها بالأمر، ولكنه خوف إيران من خسارة نفوذها في العراق بعد الحراك الشعبي الذي طالبها بالخروج وطالب بإبعاد وكلائها، قامت إيران باستهداف قاعدة أمريكية مما أدى إلى مقتل متعاقد أمريكي، وظنت إيران أن ما قامت به لا يخرق الخطوط الحمراء وأنه يدخل ضمن إطار لعبة "قواعد الاشتباك" مع أمريكا، وقيام إيران بمناورات بحرية في مياه الخليج مع روسيا والصين للمرة الأولى، وظنت إيران أن السفارة الأمريكية في بغداد يمكن أن تكون هدفا للضغط على إدارة ترامب، وكل هذا دفع واشنطن لتوجيه ضربات موجعة وشديدة إلى أذرع إيران الإرهابية الحشد الشعبي والحرس الثوري في محافظة الأنبار العراقية، وعلى الحدود العراقية – السورية، وكان القرار الأمريكي القوي لتغيير "قواعد الاشتباك" التي ظنت إيران أنها ليست خطوطا حمراء، بتصفية قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس".
أما عن تأثر مصر بما يحدث، فقال المتخصص في الشأن الإيراني:"باب المندب هدف إيراني ضد السعودية والمنطقة بيد مليشيات الحوثي، لكن إغلاق المضيق يعني توسيع الأزمة مع مصر حيث تمر ناقلات النفط من باب المندب قرب سواحل اليمن أثناء توجهها من الشرق الأوسط إلى أوروبا عبر قناة السويس، التي تختصر زمن الرحلة بين آسيا وأوروبا بنحو 15 يوما في المتوسط، ويعني استهداف المضيق من قبل إيران تعطيل حوالي 3.8 ملايين برميل من النفط ومنتجاته التي تمر يوميا إلى أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، مما يؤدي إلى زيادة أسعار النفط.
وعند طرح سؤال تأثر أسعار النفط والذهب وانعكاس ذلك على الاقتصاد العالمي بعد اغتيال قائد فيلق القدس، فقال "عبد الحميد":" مقتل قاسم سليماني أشعل أسعار النفط وأسعار الذهب في الأسواق العالمية، وحسب تقارير الخبراء صعدت عقود النفط الآجلة بداية تعاملات الجمعة، وكسرت أسعار خام القياس العالمي مزيج برنت حاجز 69 دولارا قبل أن تتراجع إلى 68.19 دولارا، وارتفعت العقود الآجلة للخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 2.76% إلى 62.86 دولارا للبرميل، والخوف من تأثر إمدادات الخام بمنطقة الشرق الأوسط ومضيق هرمز نتيجة توترات محتملة في المنطقة بعد مقتل قاسم سليماني وترقب ردود فعل إيران حيث يمر الخام من خلال المضيق المطل على إيران جنوبا قرابة 20% من الطلب العالمي على الخام، وحسب وكالات الأنباء سجلت عقود الذهب الآجلة في تعاملات الجمعة أعلى مستوى في أربعة شهور، وصعدت إلى 1547.15 دولارا للأوقية".
أما عن الرد المتوقع من القوى الإقليمية والتحالفات الإيرانية على مقتل سليماني، فال المتخصص في الشأن الإيراني :"الأهداف المحتمل مهاجمتها تمتد من الخليج العربي إلى العراق وسوريا ولبنان واليمن، ومياه الخليج العربي ومضيق هرمز وبحر عمان حيث تتمركز قوات من الحرس الثوري الإيراني المتوقع منها الرد على مقتل قائدها، وأشار المسؤولون الإيرانيون عن 30 هدفا عسكريا لقواعد عسكرية أمريكية موجودة في المياه الخليجية، و200 قاعدة عسكرية أمريكية في المناطق البرية وستستفيد إيران من وجودها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، حيث ترد من خلال وكلائها وأذرعها الإرهابية".
وتابع رئيس تحرير مجلة إيران بوست:"تواجه إيران معضلة كبيرة، إذا دعت إلى ضبط النفس قد تتهم بالضعف داخليا ومن وكلائها وأذرعها في البلدان التي تتواجد فيها، وهذا يضعف النفوذ الإيراني، لذلك ستلجأ إيران للرد والانتقام، وحسب تقرير وكالة المخابرات الدفاعية الأمريكية الذي صدر الشهر الماضي (ديسمبر)، فإن القوة العسكرية الإيرانية تعتمد على برنامج الصواريخ الباليستية والقوات البحرية التي يمكن أن تهدد الملاحة في الخليج، وأذرعها الإرهابية في سوريا والعراق ولبنان واليمن، حيث تعتمد إيران على وكلائها وأذرعها الإرهابية لمواجهة الأسلحة الأميركية المتطورة، فقد نقلت طائراتها المسيرة وخبرتها الفنية إلى مليشيا الحوثي وصواريخ وطائرات إيرانية الصنع لقصف مطارات في السعودية، كما استخدمت المليشيات الإرهابية في العراق قذائف الهاون والصواريخ لمهاجمة القواعد التي تتمركز فيها القوات الأمريكية".
وعند طرح سؤال حول إمكانية أن يكون اغتيال سليماني انتقام ترامب من الجمهوريين قبل أن يتخلصوا منه، فقال "عبد الحميد": "عملية "البرق الأزرق" التي استهدفت سليماني دليل واضح على ذكاء الاستخبارات العسكرية الأمريكية وقدراتها، فقد كانت يدا الرجل ملطختين بالدماء الأمريكية، وجاء في بيان البنتاجون أن سليماني كان يطور بفعالية خططاً لمهاجمة المجندين والدبلوماسيين الأمريكيين في العراق وفي جميع أنحاء المنطقة".