بعد سنوات من الانعزال.. وبعد التغييرات الجذرية التى طرأت على ثقافة المجتمع السعودى بعد سياسة الانفتاح، التى تبناها ولى العهد السعودى، محمد بن سلمان، فلم يتخيل الشعب السعودى، أن تصبح العاصمة الرياض، مقصدا سياحيا ترفيهيا للملايين من الزوار، بعد انطلاق «موسم الرياض»، ضمن برنامح مواسم السعوديّة الـ11، والذى انطلق 11 أكتوبر الماضى، تحت شعار «تخيّل»، والذى يضم فعاليّات من مختلف القطاعات والمجالات كالترفيه، الرياضة، الفنّ والثقافة، حيث تشهد العاصمة إطلالة عالمية، منذ انطلاق الموسم السنوى الفنى «موسم الرياض»، والذى حاز على تفاعل واسع بين الجمهور، وسط تناول اجتماعى وثقافى واقتصادى مميز، فنجد العروض المسرحية المصرية التى أسهمت فى انتعاش موسم الرياض.
الفن المصرى
أوضح نقاد فنيون أن الفن المصرى كان له الدور الأكبر فى نجاح هذا الموسم الفنى، حيث إن غالبية الأعمال المعروضة أعمال مصرية من تأليف وتمثيل وإخراج ممثلين مصريين، وأن الجانب الاقتصادى القوى بالسعودية ساعد على نجاح المهرجان والترويج للأعمال الفنية المعروضة.
ابتكار موسم الرياض
الناقدة الفنية حنان شومان، قالت إن المملكة ابتكرت فكرة "موسم الرياض" حتى يعرض للجمهور موسم فنى جديد بالنسبة لهم، مشيرة إلى أن هناك فنانين ليس لديهم تاريخ بفن المسرح على الإطلاق، ولكنهم قدموا عروضا مسرحية لأول مرة بموسم الرياض، ويرجع ذلك إلى أن المنتج السعودى يسعى إلى أن يكون أبطال المسرح نجوما فقط.
عرض مسرحيات مصرية
وأعربت "شومان"، عن استيائها من أن تعرض مسرحيات مصرية من تأليف وتمثيل فنانين مصريين، لأول مرة فى المملكة، قبل أن تعرض بالقاهرة، مثل مسرحية «علاء الدين» لأحمد عز، ونخبة من نجوم الفن، مؤكدة أن الفنان ما هو إلا "سلعة" ينتظر المنتج المناسب له وهو ما وجده بموسم الرياض.
وأشارت إلى أن الأعمال الفنية المصرية، من أهم أسباب انتعاش موسم الرياض، وأن الفنانين المصريين يرجع لهم الفضل فى نجاح الموسم، وحول أسباب عدم وجود موسم فنى سنوى فى مصر أكدت أن مصر على مدار العام مضيئة بالمسرح والسينما والحفلات الغنائية، وعن انتقاد جمهور الرياض مسرحية الفنان ناصر القصبى، أكدت أنه من الطبيعى أن العمل الفنى يلقى من يعجب به ومن ينتقده أيضًا، إذ وجد الفن لكى يختلف عليه الناس.
طفرة فنية
قال الناقد الفنى طارق الشناوى، إنه من المبهج للغاية أن المسرح بأنماطه المختلفة سواء إن كان عالميا مثل "الملك لير" ليحيى الفخرانى، أو محليا مثل مسرحية "ثلاث أيام فى الساحل" لمحمد هنيدى، أن يلقى ذلك النجاح الضخم بموسم الرياض.
وأضاف الناقد الفنى، أن المسرحيات المصرية والعربية، لها النصيب الأكبر فى نجاح الأعمال الفنية، وهى أهم سبب فى انتعاش المسرح بـ"موسم الرياض" بالمملكة العربية السعودية؛ لأن الجمهور السعودى يتذوق الإبداع المصرى، سواء إن كان مسرحا أم دراما أو موسيقى، نظرًا للعلاقات التاريخية التى تضرب فى الجذور.
وأوضح أن الروح المصرية ليست بعيدة عن الجمهور السعودى؛ لأن الفن مرتبط بالتكوين الثقافى والاجتماعى لذلك يجد صدى مبهرا من الجمهور، كما أن السعودية تقيم موسما فنيا سنويا مثل "موسم الرياض"؛ لأنها قضت فترة كبيرة محرومة من الإبداع الفنى فلديها تشوق كبير للفن، لكن مصر غنية بالعروض الفنية على مدار العام.
قوة اقتصادية
وأكد "الشناوى"، أنه يوجد فنانون ليس لديهم تاريخ بالمسرح الفنى وقدموا عروضا مسرحية بـ"موسم الرياض"، وذلك لأن السعودية تملك قوة اقتصادية تقدر من خلالها أن تعطى للنجوم ما يجعلهم سعداء بتلبية الأفكار الغريبة بالنسبة لهم، على سيبل المثال الفنان أحمد عز لم يقدم مسرحا بمصر، لكن قدم بالمملكة العربية السعودى، من خلال مسرحيته "علاء الدين".
واختتم تصريحاته أن مسرحية "علاء الدين"، تعرض لأول مرة بموسم الرياض، لأن السعودية هى جهة الإنتاج، ومن المنطقى أن السعودية تستمتع بعرض المسرحية لأول مرة.
الطرح الثقافى المغاير
ويؤكد الناقد الفنى خالد عيسى أن الموسم الفنى أهم ما فى مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية التى تشهد تطويرا على مستوى الطرح الثقافى المغاير؛ لأن اعتبارات المكان مهمة للغاية بجانب المحتوى الفنى، والسعودية تخطو خطوات أولى بإمكانات كبيرة، وتقدم "موسم الرياض".
وأضاف أن الفن فى مصر مختلف للغاية؛ لأنه هو الصناعة الحقيقة على مستوى العالم العربى، ومصر هى القبلة والمطلع الأساسى للإنتاج الثقافى والفنى؛ لأن بها مهرجانات سينمائية ومسرح وحفلات غنائية على مدار العام، مشيرًا إلى أنه عند طرح الألبومات مثلما تطرح فى الدول العربية تأتى من مصر أولًا، وكل دولة تقدم طرحها الثقافى بما يناسب ظروفها وأوقاتها لأنها مرتبطة بصور اقتصادية مختلفة.
وشدد "عيسى" على أن مسرحية "الملك لير" من إنتاج مسرح "كايرو شو"، وأعيد إنتاجها مرة أخرى ليتم عرضها بموسم الرياض، ولذلك بدأ النشاط المسرحى يعود من خلال هذه المسرحيات.
ولفت إلى أن سبب عرض مسرحية "علاء الدين" لأحمد عز وتارا عماد ومحمد ثروت لأول مرة بوسم الرياض، يعد ترويجًا للعرض المسرحى، والمسرحية تقدم على معايير وتقنيات عالية للغاية، وعرض موسيقى مبهر، وذلك يحتاج إلى مؤثرات خاصة والسعودية وفرت تلك الإمكانات، وموسم الرياض يتميز بإنتاجها الفنى، ويتباهى بتقديم العرض الأول لأى عمل فنى، مضيفًا: السعودية تروج لموسم الرياض من خلال المسرحيات المصرية، وهو أيضًا انتعاش للأعمال المصرية.