علق محمد ربيع الديهي، الخبير في العلاقات الدولية والشأن التركي، على زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى تونس، اليوم الأربعاء، قائلاً:"لاشك أن زيارة أردوغان إلى تونس في هذا التوقيت تحمل الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفاهم حول الموقف التونسي من التدخلات التركية في المنقطة وخاصًة التدخل التركي في ليبيا، التي تعد أمن قومي لتونس، فالموقف التونسي من توقيع مذكرة التفاهم بين السراج وأردوغان حول التقسيم البحري ومذكرة أمنية في ليبيا ظل مبهما حتى اليوم ولكن يمكن التعويل على عدم اكتراث الدولة التونسية بهذه المذكرة، هو أن حركة النهضة الإسلامية القريبة من أردوغان، باتت تسيطر اليوم على مفاصل الحكم في تونس ومن ثم فإن الاتفاق لا يزعجها ووجود تركيا على الحدود الجنوبية لتونس لا يمثل لها مصدر قلق، لكن ما نستغربه أنّ الدولة التونسية لم تبدِ موقفًا معارضًا لهذا الاتفاق الذي لا يخدم تونس بل قد يكون مؤثرًا على أمنها القومي. وربما يفسر ذلك الموقف التونسي في الأزمة الليبية".
وتابع "الديهي" في تصريحات خاصة لـ"بلدنا اليوم":"زيارة أردوغان كانت غير مدرجة أو معلن عنها وإنما مفاجئة للجميع، فتوقيت الزيارة خطير للغاية حيث تأتي الزيارة في توقيت أعلن فيه المشير خليفة حفتر بدأ عملية عسكرية لتخليص طرابلس من الميليشيات المسلحة والجماعات الارهابية، إضافة إلى اقتراب موعد انعقاد مؤتمر برلين بشأن الأزمة الليبية، والتي ترغب فيه أنقرة بوجود دعم من دول إقليمية لتبرر موقفها من التدخل في الأزمة الليبية، فتونس دولة جوار جغرافي مع ليبيا ويهم أردوغان أن ينسق هذا الدعم التونسي في المحافل الدولية لذلك كانت تصريحات أردوغان اليوم تكشف لنا عن مدى احتياج هذا النظام لدعم دول أخرى لتبرير تدخله في الشأن الليبي مثل تونس فأردوغان قال نصًا إنه أبلغ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون بضرورة مشاركة تونس والجزائر وقطر في مؤتمر برلين الخاص بليبيا".
وأضاف الباحث في الشأن التركي: "يبدو أن هناك تنسيق مشترك بين قطر وأردوغان حول فكرة دعم التدخل التركي في الأزمة الليبية وإيجاد دول جوار جغرافي لتبرر هذا التدخل وتشرع له، بينما يكمن الهدف التركي والقطري من التدخل في الأزمة الليبية هو السيطرة على الثروات النفطية لليبيا، وإطالة أمد الأزمة الليبية بهدف الضغط على الاتحاد الأوروبي وازعاج مصر خاصة بعد نجاح الدولة المصرية في القضاء على الإرهاب في سيناء فعدم استقرار الأوضاع في ليبيا يعني تهديد مباشر للأمن القومي المصري وهذا هو الهدف الأخر لأردوغان وقطر".
وتابع: "مازلت أرى أن إرسال تركيا لقوات في ليبيا هو أمر صعب للغاية في ظل وجود قوى إقليمية ودولية ترفض مثل هذا الأمر أيضا المصالح التركية في ليبيا تتعارض مع قوى أخرى دولية مثل روسيا التي تدعم قوات حفتر فتركيا تدرك تماما أن تدخلها في الأزمة الليبية بصورة مباشرة يعني تهديد مباشر لمصالحها مع هذه القوي فلذلك ربما يتم التنسيق بين أردوغان والدولة التونسية اليوم على استدعاء تركيا للتدخل في الأزمة الليبية بهدف حماية الأمن القومي لهذه الدول وبذلك تكون تركيا قد شرعت موطئا للتدخل في ليبيا عن طريق دول الجوار الجغرافي التي تعاني كثير من الأوضاع في ليبيا، ومن المؤكد أن الأيام القادمة ستحمل الكثير من المفاجآت".