قضت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، اليوم الإثنين، بوقف الطعن المقدم من هيئة قضايا الدولة، وكيلة عن مجلس الوزراء، لإلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بإحالة 9 مواد من قانون التأمين الاجتماعي إلى المحكمة الدستورية للفصل في مدى دستورية إغفالها النص على تحديد حد أدنى للمعاشات يضمن حياة كريمة.
وجاء الحكم بالوقف التعليقي للطعن لحين فصل المحكمة الدستورية العليا في دستورية المواد المحالة إليها، وهو ما يعني عدم إجابة طلب الحكومة بوقف إحالة المواد المشار إليها للمحكمة الدستورية العليا.
إعادة إجراءات محاكمة 73 مُتهمًا في "فض اعتصام رابعة العدوية"
وشهدت الجلسة تنحي المستشار أحمد الشحات، العضو اليمين للدائرة، عن نظر الطعن؛ وذلك لعمله مستشاراً قانونيا لوزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي، الممثلة في الطعن كطاعنة بصفتها على حكم القضاء الإداري.
كانت محكمة القضاء الإداري قد أكدت في حكمها أن الدستور نص في مادته رقم 27 على أن "يلتزم النظام الاقتصادي بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للدخول للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة وبحد أقصى في أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر وفقا للقانون".
وأضافت المحكمة أن الدستور أوجب في نص واضح المعنى صريح الدلالة لا شبهة فيه ولا غموض أن يكون للمعاش حد أدنى وأن يضمن المعاش الحياة الكريمة، ولفتت المحكمة إلى أن التزام الحكومة بصرف المعاشات للمستحقين بما لا يقل عن حد أدنى يستوجب أن يقرر المشرع حدا أدنى للمعاشات، مضيفة أن قانون التأمين الاجتماعي حدد الاشتراكات التي تؤدى من المؤمن عليهم ومن أصحاب الأعمال، ومقدار المعاش الذي يصرف للمؤمن عليه أو للمستحقين عنه في حالة الخضوع لتأمين الشيخوخه والعجز والوفاة والذي يحسب طبقا للقواعد المنصوص عليها في المواد 19 و20 و21 و22 و23 و24 و51 و52 و54، لكن القانون لم ينص على حد أدنى للمعاشات التي تستحق طبقا لأحكامه.
وشددت المحكمة على أن المشرع لم يتدخل بعد العمل بالدستور الحالي لتعديل القانون بالنص على حد أدنى للمعاشات وذلك تطبيقا لنص المادة 27 من الدستور وضمانا لتحقيق العدالة الاجتماعية الأمر الذي تشوبه شبهة مخالفة المواد 8 و17 و27 من الدستور.
وفسرت المحكمة أسباب إحالتها لتسع مواد بالقانون للمحكمة الدستورية العليا بأن المحكمة الدستورية في سبيل أداء رسالتها في حماية الدستور، وممارسة اختصاص الرقابة على دستورية القوانين واللوائح لم تقصر هذه الرقابة على النصوص الدستورية الصريحة التي تصدر من المشرع وإنما بسطت رقابتها ومدتها إلى حالات الإغفال التشريعي التي تقع من المشرع عند تنظيمه للحقوق التي كفلها الدستور حين يحجم المشرع وﻻ يتدخل لتنظيم ما كان من الواجب عليه أن يشمله بنص صريح ويترتب على هذا الإغفال قصور في التنظيم التشريعي يؤدي إلى الحرمان أو الانتقاص منه على خلاف أحكام الدستور .
وشددت المحكمة على أن المعاش في أحكام الدستور ليس صدقة تتصدق بها الدولة على المواطنين وإنما هو حق للمؤمن عليه أو المستحقين عنه والتمتع بالحقوق لا يتم إلا بإتاحتها كاملة دون الإعتداء عليها ، وأكدت المحكمة على أن ما ورد بالدستور من النص على وجود حد أدنى للمعاشات لم يرد عبثا، وإنما قصد منه تقرير حق دستوري للمؤمن عليها أو المستحقين عنهم في الحصول على معاش يضمن لهم الحياة الكريمى من غير ظلم.
وأوضحت المحكمة أن تقاعس المشرع عن تحديد حد أدنى للمعاشات يعتبر تخلي من جانبها على الوفاء باستحقاق اجتماعي أوجبه الدستور بما يهدر أحكام الدستور ويعطلها ويحول نصوصه من قواعد تتمتع بأعلى درجات الالتزام إلى شعارات جوفاء لا تساوى ما كتبت به من مداد.