الساعة السادسة صباحًا، تترك أمل أحلامها على فراشها، وتنهض منه مسرعة للغرفة الأخرى وبصوت خافت تهمس في أذن طفليها، حتى لا يسمع والديها صوته.
تسكن"أمل" في بيت والدها في قرية صغيرة بدلتا مصر، مصطحبة أطفالها الإثنين الذين يبلغ أكبرهم سبع سنوات ولم تزل آثار النوم في عيونهم.
تمسك"أمل" أيدي الولدين وتحمل الصغيرة ذات السنتين نائمة على كتفها الهزيل وتبدأ رحلة طويلة تستمر قرابة ساعتين سيرًا لإيصال أطفالها إلى المدرسة وروضة الأطفال، وبعدها تبدأ الذهاب لعملها الذي سرعان ما يقوم بخصم اليوم لها بمجرد التأخير، فهي ليست موظفة في الحكومة، ولكنها تعمل في قطاع خاص، لم يراع ظروفها، ولكن ما باليد حيلة، فهذا المكان هو مصدر الرزق الوحيد لها بعد تخلي زوجه عن مسؤولياته تجاه الصغار.
معاناة كبيرة، عاشتها "أمل" في التعليم، فكل سنة دراسية تمر عليها، لم تستطع سداد مصروفاتها بعد، ومجموعات تقوية يريد أن يلحق ابنها بها، بناء على رغبة مدرس الفصل، وإلا سيقابل أسوأ معاملة، فهذا حال المدارس في قريتها.
وكلما راودت تلك المشاكل تفكير "أمل" تذكرت قضية النفقة المنظورة في المحاكم المصرية، ورفعت يداها إلى السماء راجية من الله أن يأتي لها الرزق، وتمنت أن يجلب الله الفرج المادي، ويحنن قلب زوجها لها، الذي ترك فلذة كبده ضحية لظروف الحياة.
غمرت الفرحة وجوه"أمل" بقرار البرلمان بالموافقة على زيادة الغرامة الموقعة على الأزواج المتهربين من دفع النفقة إلى خمسة آلاف جنيه بدلا من 500 جنيه لتصبح العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمس الآف جنيه، أو إحدى العقوبتين.
ونص القانون على أنه كل من صدر عليه حكم قضائي واجب النفاذ بدفع نفقة لزوجته أو أقاربه أو أصهاره أو أجرة حضانة أو رضاعة أو مسكن، وامتنع عن الدفع مع قدرته عليه مدة ثلاثة شهور، بعد التنبيه عليه بالدفع يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
قالت، محاسن صابر، مؤسسة "راديو المطلقات"، إن قانون النفقة في صف المرأة المصرية ومكتسب جديد للمرأة، مضيفة: "إيه اللي يخوف راجل طلق مراته من عقوبة في القانون إذا كان أب ملتزم برعاية أبنائه وملتزم بالنفقة ومهتم بأولاده، مش بعبع ولا حاجة".
وتابعت: "كل حد متهرب من دفع النفقة متخوف من القانون، عقاب رادع لأي شخص متهرب من النفقة، مش جاي في صف المرأة فقط، ده هيشيل عبء على كاهل الدولة عن دفع النفقات، وزارة التضامن أحيانا تقوم بتسديد الأموال بدلا من المطلقين عشان هما يتمنعوا عن تسديدها، وتقدر بـ 49 مليون جنيه شهريا".