قطار انطلق من القاهرة لربوع مصر، ليس بغرض توصيل المواطنين، لكن الغرض الأساسي منه توصيل فكرة لكل المواطنين، وهي مساندة جيش مصر وجمع التبرعات من أجل المجهود الحربي، وكانت أول رحلة للقطار الذي سمي بـ"قطار الرحمة"، من القاهرة لمدينة دمياط، يحمل فناني مصر وكانوا من أشهر رموز الفن وأكثرهم قربا للجماهير، وكان خط السير للقطار بداية من مدن الوجه البحري الكبيرة والمدن الساحلية، ثم اتجه إلى مدن الصعيد، حيث قدم الفنانون عددا من الحفلات من أجل جمع تبرعات من كل أرجاء مصر ودعم الجيش المصري في فترة ما بعد ثورة 1952 وذلك لاتعادة قوة الجيش المصري بعد حرب فلسطين.
السيسي: صامدون ضد سرطان الإرهاب بفضل جيش مصر
ووفقا لما نشرته مجلة الكواكب في ذلك الوقت، انطلق القطار من الرصيف 8 في محطة القاهرة إلى دمياط ثم لأسيوط لمدة 15 يوما شتويا، كان الفنانون خلالها يتوافدون مع نسمات الصباح الأولى، متجاهلين موجة البرد الشديدة التي اجتاحت مصر في تلك الفترة، في سبيل خدمة قضيتهم الإنسانية، وسط هتافات آلاف الجماهير المتجمعين على جانبي السكة طيلة الطريق، واستطاعت تلك الحملة جمع نحو 4248 جنيهًا وحمولة 39 عربة من الأرز والقمح والشعير والجبن والدقيق، وكميات من الخشب، وقطع الأثاث، وملابس وأقمشة وأغطية، بل هناك من تبرع بأطنان من الأسمنت.
فكرة قطار الرحمة من أهم وسائل توعية الشعب، وإقامة الحفلات والتبرع بها لصالح الدولة، وقد شارك فيه كوكبة من نجوم الفن في وقتهم، منهم الفنانة ليلى مراد، شادية، أمينة رزق، محمد فوزي، ليلى فوزي، محمود ذو الفقار، ماجدة، زينب صدقي، شكري سرحان ومريم فخر الدين، مديحة يسري، ثريا حلمي، ماري منيب، سعاد مكاوي، هدى شمس الدين، زهرة العلا، حسين رياض، حسن فايق، كمال الشناوي، عزيز عثمان، كارم محمود، كمال حسين، محمود شكوكو، سعيد أبوبكر، ومحمد كمال المصري، وصور جمال مدكور المخرج السينمائى الرحلة كاملة.
استقبل الأهالي في كل المحافظات قطار الرحمة، وفد الفنانين الذين كانوا يحيونهم بلهجاتهم، حيث فاتن حمامة التي وقفت في بلدة "قوص"، تخطب في الجماهير بلغة "الصعايدة"، وكان معها عماد حمدي الذي يلقنها بالمصري، وتترجم هي إلى الصعيدي، ولاقى قطار الرحمة شعبية كبيرة بين المصريين من كافة الطبقات الاجتماعية، حيث كان الأهالي يلتفون حول النجوم يقدمون كل ما يستطيعونه من التبرعات، على الرغم من الفقر المدقع الذي كان أغلبهم يعانونه، كما كانت المواكب الشعبية تنتظر القطار في جميع محطاته، مستقبلة إياه بالهتافات الوطنية.
القطار كان يتألف من 15 عربة لأعضاء البعثة من ضباط وجنود وفنانين وفنانات ومندوبي السينما والإذاعة والصحف، واستطاعت تلك الحملة أن تجمع نحو 3248 جنيهًا من أهالي دمياط وحمولة 39 عربة من الأرز والقمح والشعير والجبن والدقيق وكميات من الخشب وقطع من الأثاث وملابس وأقمشة وأغطية، ومبلغ 800 جنيه و20 طن أسمنت.