دائما ما كان يخاف العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ من المياه، حيث عرف عنه أنه لا يجيد السباحة ويؤمن بالمثل "المية تكدب الغطاس"، كما أنه كان بينه وبين المياه عداء قديم منذ الطفولة.
في أحد المشاهد بفيلم "شارع الحب"، طلب منه المخرج عز الدين ذو الفقار القفز في المياة لإنقاذ صديقته من الغرق، وفي المشهد قفزت الفنانة صباح في المياة بغرض الانتحار خلال أحداث الفيلم، ليحاول بعدها العندليب إنقاذها.
حيث طلب المخرج من عبد الحليم، أن يقف على شجرة ثم يقفز في مياه النيل، وحاول العندليب إقناع المخرج لحذف هذا المشهد أو استخدام بديل عنه فيه ولكنه لم يوافق وأصر على تقديم حليم للمشهد، وعندما قرر حليم، القفز إلى المياه شعر بمدى قذارتها الأمر الذي أصابه بالنفور وارتجف خوفا من أن يصاب بالبلهارسيا والتي يعاني منها منذ الطفولة، وكان وقتها ما زال يعالج من آثارها ولكن كل ذلك لم يثن عز الدين ذو الفقار عن رأيه.
المركز القومي للمسرح يحتفي بموسيقار الأجيال والعندليب الأسمر
فيما قفزت صباح في المياه بعدم رضى، وظلت تصرخ وتقول: "أنا غلطانة لأني بشتغل في فيلم من أفلامك، كان مالي ومال المصيبة دي"، ونتيجة لذلك دخل حليم في نوبة ضحك بسبب كلماتها وحاول التهوين عليها، مؤكدًا أن مصيبته أكبر من مصيبتها لأنه مريض بالبلهارسيا، وأن هذا الماء قد ينشط الجراثيم في جسده.
وبعد تصوير المشهد عاد حليم إلى منزله مسرعا، وحرص على الاستحمام بكمية كبيرة من المياه الساخنة، ورغم ذلك لم يذهب خوفه فأحضر زجاجتين من السبرتو الأحمر، وسكبهما على جسده اعتقادا منه أن السبرتو يقتل الجراثيم، وبعدها أحضر شقيقه إسماعيل ثلاث زجاجات من الكولونيا ليتم بها عملية التطهير، وظل هذا الأمر عدة أيام متتابعة، مرتين في اليوم الواحد، وأقسم بعدها على تعلم السباحة حتى إذا طلب منه المخرج القفز في المياه قفز في حمام سباحة نظيف لكي يتجنب مضاعفات البلهارسيا.
صراع البلهارسيا وكثرة العمليات
صراعه العندليب مع مرض البلهارسيا، أودى بحياته في الـ 30 من مارس سنة 1977، لكنه لم يتمكن من أن يودي بأرشيفه الفني الذي بقي راسخا في قلوب الناس على مر السنوات، مدموجاً بحباً لصوت عبد الحليم حافظ وتاثر بقصة حياته القيمة.
وننيجة لمرض البلهارسيا دخل في دوامة عمليات جراحية، وهذا ماجعل دموع المخرج حسين كمال الذي أخرج فيلم عبد الحليم الشهير "ابي فوق الشجرة"عام 1969، فقد بكى خلال التصوير بعد أن طلب من عبد الحليم أن يخلع قميصه من أجل تصوير مشهد بلباس البحر ليفاجأ بأن جسمه مليئ بآثار العمليات الكثيرة التي اجراها.
ولكن هذه الآثار لم تظهر في المشهد حيث أن المخرج اصلحها بالماكياج ومن خلال التحكم بزوايا التصوير.