قررت كينيا منع القضاء على الحمير المعدة للاستخدام في الطب الصيني، في ممارسة يعتبرها ناشطو الرفق بالحيوان وحشية وغير مجدية ومؤذية للحمير في إفريقيا.
وأكد وزير الزراعة الكيني بيتر مونيا، أن "قرار المنع الذي دخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع، يأتي بعدما رفع أشخاص مذكرة إلى الخدمات التابعة للوزارة بسبب ازدياد سرقات الحمير لبيعها".
وأشارت وزارة الزراعة الكينية، إلى أن "ازدياد عمليات سرقة الحمير يلحق الأذى بالمزارعين الذين يستعينون بهذه الحيوانات لنقل المنتجات الزراعية والماء، كما يتسبب بحالة بطالة واسعة النطاق"، لافتة إلى أن السلطات أعطت مهلة شهر لأربعة مسالخ للحمير لإنهاء أنشطتها.
من جهتها، أشادت منظمة "بيتا" للرفق بالحيوان بقرار كينيا "قطع صلاتها مع تجارة وحشية تؤدي إلى موت محزن لملايين الحمير".
وقال المسؤول عن الحملات في المنظمة جايسن بايكر: "لا أحد يحتاج إلى جلود الحمير، إلا الحيوان الذي يولد مع هذا الجلد".
وتصدر الجلود إلى الصين لتحضير علاجات تقليدية تنسب إليها منافع مرتبطة بتحسين الدورة الدموية وتأخير الشيخوخة وتعزيز الرغبة الجنسية والخصوبة.
وأظهر تحقيق لمنظمة "بيتا" العام الماضي، أن "الحمير تتعرض للذبح بطريقة وحشية أو تنفق بسبب الإنهاك إثر رحلات طويلة داخل شاحنات تحملها من البلدان المجاورة" إلى كينيا، حيث صناعة ذبحها وسلخها وتصدير جلودها.
وأدى ارتفاع الطلب على جلود الحمير في الصين، إلى أزمة حقيقية تهدد وجود هذه الحيوانات خاصة في القارة الإفريقية التي أصبحت محطة رئيسية للتنين الصيني ذو الشهية المفتوحة لمادة جيلاتينية "خارقة" تدعى "إيجياو"، بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
ففي الصين ذاتها، هبط عدد الحمير من 11 مليون رأس إلى 6 ملايين فقط، مع توقعات بانخفاض أعدادها إلى 3 ملايين، وهو ما دعا الشركات الصينية إلى استيراد كميات ضخمة من جلود الحمير من الخارج.
ومن بين 44 مليون حمار في العالم، يتم ذبح نحو 1.8 مليون حمار سنويا لإنتاج الـ"إيجياو"، وهي مادة جيلاتينية كانت مخصصة كدواء للأسرة الملكية في الصين في العصور القديمة.
وتستخلص هذه المادة من جلود الحمير، وساد اعتقاد قديم أنها تعمل كمحفز جنسي وتعالج الأرق وتمنع ظهور أعراض الشيخوخة.
ووجدت أفريقيا نفسها ضحية للمعتقدات الصينية بشأن الحمير، فقد أقامت الشركات الصينية عشرات المسالخ في أنحاء القارة السمراء، حيث يتم ذبح آلاف الحمير يوميا.
وبحسب المدير التنفيذي لمنظمة "دونكي سانكتشري" في بريطانيا، مايك بيكر، إن ثمن الكيلوغرام الواحد من الـ"إيجياو" يصل إلى 375 دولارا.
وقال سيمون بوب، مدير الاستجابة السريعة والحملات في المنظمة: "هناك شهية كبيرة للإيجياو في الصين وهي لا تظهر أي علامات على التراجع".
تهديد وجودي للحمير
وحذر باحثون من جامعة بكين من أن طلب الصين المرتفع على إيجياو قد يتسبب في انقراض الحمير.
وقال باحثون في مجلة الخيول البيطرية "إن الصين تختار استيراد الحمير من جميع أنحاء العالم بتكلفة عالية، مما قد يشكل خطرا محتملا على الثروة الحيوانية من الحمير في العالم".
وخلال عام 2016، باعت النيجر نحو 80 ألف حمار إلى الصين مقارنة بـ 27 ألفا في العام السابق، بينما وردت بوركينا فاسو 18 ألف حيوان لمشترين خارج البلاد في الربع الأول من العام الجاري، بعد بيع ألف حمار فقط في الفترة ذاتها من 2015.
وفي مدينة نايفاشا الكينية افتتح في أبريل 2016 مجزر لذبح الحمير، بهدف تصدير جلودها إلى السوق الصينية المتعطشة للجيلاتين.
إلا أن ظاهرة بيع الحمير في دول إفريقية مع تجاهل مطالب السوق المحلية واعتماد المزارعين على الحيوانات في المهام الشاقة، أدى إلى تراجع كبير في أعداد الحمير لديها وارتفاعا باهظا في أسعارها.
وأعنت حكومتا النيجر وبوركينا فاسو، منع تصدير الحمير إلى الصين، بعد دراسة السوق المحلية.
وفي جنوب أفريقيا، تسعى الحكومة إلى السيطرة على عمليات سرقة الحمير التي تزايدت مؤخرا مع ارتفاع الطلب على جلودها.
وبحسب منظمة "دونكي سانكتشري"، فإنه سرقة الحمير تؤثر بشكل كبير على معيشة المجتمعات المحلية في القرى النائية حيث يعتمد الناس على الحمير في التنقل وحمل البضائع وتوصيل المياه.